-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الرعب الذي رفض أن يغيّر موقعه

الشروق أونلاين
  • 2824
  • 0
الرعب الذي رفض أن يغيّر موقعه

عندما تصبح مدارس البراءة مصطفة بسيارات الأبرياء، ويصبح بعض الآباء يرافقون بناتهم حتى في الشركات والجامعات، وتصبح الحراسة الخصوصية مهنة لها أفراد وشركات فمعنى ذلك أن الرعب سكن الأوصال، والمجتمع وجد نفسه منشغلا بما يعيقه عن النمو والانطلاق إلى آفاق أحسن..بل ويعيقه عن الحياة. فقد تمكنت الجريمة في الفترة الأخيرة من اقتحام يوميات الناس والمبيت في شرايينهم وجرهم إلى عوالم أخرى أشبه بأفلام الرعب التي وجدوا أنفسهم أبطالها بسيناريوهات مختلفة، وما زاد في أجيج نار الرعب ما تتهاطل به اليوميات من أخبار الجريمة التي اخترقت كل المجالات وكل الفئات وكل البقاع من رشوة وخطف وذبح وعهر، وهو ما أحدث زلزالا معنويا لدى المجتمع حتى أن بعض الأولياء أعلنوا (فيتو) وحواجز مزيفة في وجه بناتهم للإلتحاق بالجامعة، كما قرّرت والدة الصبي الذي فشلت محاولة اختطافه في الطارف توقيفه عن الدراسة، مفضلة أميته على أن تحرم من ابتسامته. ما تتناقله الصحف هو قليل من كثير يصل إلى مراسليها وصحافييها.. والأرقام التي تتفضل بها مصالح الأمن سنويا تؤكد أن الارتفاع يطير على شكل متتالية هندسية وبأشكال جديدة في مجتمع كان يتابع أفلام الوسترن والأفلام البوليسية ويتمتع بأحداثها ليجد نفسه فصلا من فصولها وأحيانا بطلا في أفلام مخيفة. الرعب الذي رفض تغيير موقعه مازال في حالة زحف بعد أن احتضنه بعض الرجال والنساء الذين تبوأوا مقاعد متقدمة في دواليب التسيير، فصار هتك إمام أو مدرس لعرض تلميذ أو اختلاس رئيس بلدية لأموال الذين انتخبوه أو تعاطي إطار في مركز حساس للرشوة، أخبار تتكرر لدرجة الضجر ومع ذلك يبقى نشرها من الضروريات على أمل أن يغير الرعب موقعه ويسكن أوصال الجناة فيوقفون تدميرهم الوحشي للمجتمع.. فقد كان نشر أخبار الجرائم منذ الكتب السماوية دفعا لأجل محاصرتها وأخذ العبر منها، لأن “أحسن القصص” كما ورد في سورة يوسف التي رواها القرآن الكريم، عما اقترفته عاد وثمود وسدوم وغيرهم، إنما للعبرة وقد غيّر الرعب فعلا في العهد المحمدي مواقعه، لأن نشر الخبر من دون تحرك المجتمع إنما تتويج آخر للرعب!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!