الرأي

الرومان تركوا حجارة ميتة بالجزائر

عثمان سعدي
  • 12139
  • 46

قرأت مقالات تشيد بالآثار الرومانية بالجزائر، فوزير الثقافة يعتبر أن ستين في المائة من الآثار الحجرية الرومانية بالعالم توجد بالجزائر . حتى لا تتحول الإشادة بالآثار الرومانية سياحيا إلى التفاخر بذلك، أقدم باختصار المعلومات التالية للشباب:

أولا: دمر الرومان قرطاج سنة 146 ق.م ، واستعمروا المغرب هم والوندال والبيزنطيون ثمانية قرون دون أن يؤثروا في الذات المغاربية ولم يتركوا في الأمازيغية كلمة واحدة، لم يتركوا سوى حجارة صمّاء، بينما استمر العروبيون الأمازيغ  يمارسون الثقافة الكنعانية باللغة الكنعانية المكتوبة. ويعبدون آلهة كنعان، ويستعملون لغة كنعان في دواوين دولهم حتى مجيء الإسلام بالعدنانية لغة القرآن الكريم التي حلت محل الكنعانية. وقد عبر الشاعر العربي عن الحجارة الميتة في الآثار فقال:

                 من النفس والأفكار ألواح فننـــــا     كما أن في الأحجار فن التحجر

                 ترافقنا أنّى نسير فنوننــــــــــــــــــــــــــــــــــا       وتلزمنا إن نبد أو نتحضـــــــــــــــــــــــــر

                 وفنهم لم يرتحل برحيلهــــــــــــــــــــــــــــــــــم      وإن كلفوه رحلة يتكســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر

                 هم العرب أرواح من الروح فنهم     وفنهم باق وإن لم يسطـــّـــــــــــــــــــــــــــــر

ثانيا: الرومان كانوا يمثلون استعمارا استيطانيا زراعيا يسيطر على كل شيء، ويسرق أراضي السكان المحليين، ويحولهم  إلى أقنان أرض، يعملون في المزارع المستعمَرة التي كانت تسمى [اللوتيفوندات]، ولهذا نجد الممالك البربرية المستقلة نمت وازدهرت في العهد القرطاجي، ثم خبت في العهد الروماني.

ثالثا: قرر الفينيقيون الكنعانيون والأمازيغ القحطانيون تدمير روما في عقر دارها فقاد حنّا بعل القرطاجي ومهر بعل الأمازيغي جيشا توجه عبر أوروبا سنة 218 ق. م. اخترق جبال الألب وكاد يحتل روما دامت هذه الحرب على روما أكثر من ثلاثين سنة . ومهر بعل الأمازيغي [البربري] قائد سلاح الفرسان النوميديين المسنّ، الذي تقلد هذه القيادة منذ حامي القار [هملقار] برقه والد حنا بعل، ويكن له حنا بعل حبا فائقا، ومن الغريب أن المؤرخين اللاتين شوهوا اسمه فسموه مار بعل، ومار لها مدلول القديس باللاتينية، وقد سماه باسمه الحقيقي (مهر بعل) الأستاذ رشدي السيسي مترجم كتاب هانيبال لهارولد لامب Harold Lamb : ، وقد راجع الترجمة أستاذي الذي علمني الدكتور توفيق الطويل        

رابعا: الحضور الروماني كان متخلفا حضاريا مقارنة بحضارة قرطاج بشمال إفريقيا ، يروي مؤرخ  غربي ما يلي: “ومن الغريب أنه لدى عودة أسرى الحرب الرومان من قرطاج لروما، رووا عجائب عن المستوى الحضاري الراقي الذي شاهدوه في مدينة قرطاج، رووا عن ستائر الزجاج المغزول، ومجامر البخور الفضية، والحمامات البخارية المعطرة، وفي ذلك العام لعودة هؤلاء الأسرى، أي سنة 200 ق.م، أمر مجلس الشيوخ الروماني ببناء أول حمام عمومي بروما وفقا لرسومات هؤلاء الأسرى العائدين”. علما أن قرطاج بناها الكنعانيون والأمازيغ . 

الخلاصة: خلاصة القول أن العهد الروماني بشمال إفريقيا كان عهدا متخلقا حضاريا ظالما سياسيا، الحجارة التي تركها بناها بمئات الآلاف من المغاربة ماتوا وهم يثبتون هذه الصخور، الجانب المضيء في تاريخنا هو العهد العروبي الفنينيقي الكنعاني ، والعهد الإسلامي العربي طبعا.

مقالات ذات صلة