الرأي

الريح في الشبك!

جمال لعلامي
  • 3782
  • 5

تصريح أو تلميح وزيرة التربية، نورية بن غبريط، للوزير الأسبق للقطاع، السيناتور حاليا، أبو بكر بن بوزيد، من خلال قولها بأن الوزارة في 2018 وليست في سنة 2000، وذلك في سياق ردّها على نقابة “الكناباست” بسبب الإضراب المفتوح، هذه الخرجة، تستدعي التوقّف بدون تعفّف، للحديث عن ظاهرة توريط اللاحقين من الوزراء لزملائهم السابقين!

العقل يقول بأنه إذا كان اللاحق محقّ، في تهمته، فإن السابق متورط إذن، أو على الأقلّ بريء إلى أن تثبت إدانته، لكن هل حدث أن استدعي مثلا وزير سابق، من أجل الاستماع إليه، ولا نقول استجوابه أو استنطاقه، في قضية تعني الرأي العام؟ أم ان الأمر له علاقة بـ”الريح في الشبك”؟.. ولماذا في أغلب الأحيان ينطق الوزير السابق والأسبق كفرا، بعد ما يسكت جهرا ودهرا؟

الغريب في السابقين والأسبقين من “أصحاب المعالي”، أن أغلبهم يتحوّل إلى “معارض” لا يعجبه العجب، بعد ما كان مضللا مغلطا للناس وحكومته بالأرقام والتقارير التي تخيطها حاشيته في “الديوان الأسود”، وعند مغادرته يصبح ناقما غاضبا، ثم سرعان ما ينتقل إلى مرحلة الثأر والانتقام، من عزله وإبعاده وإقالته وإنهاء مهامه وإحالته على التقاعد، وذلك من خلال انتقاد كلّ شيء يأتي به خلفه، حتى وإن كان يستحق العرفان والتقدير!

صحيح، أن الكثير من هؤلاء الوزراء السابقين، يلتزمون الصمت، بعد مغادرتهم المنصب، ويضربون عن الكلام وحتى الطعام ويغرقون في الأحلام، لكن التسريبات التي تخرج من تحت جلابيبهم، تنقل بالجملة والتجزئة، والعهدة على الراوي أو الرواة، أنهم “غاضبون” ممّا يحدث في القطاع الذي كانوا يسيّرونه، وكأنهم عندما كانوا، كانت وزارتهم تسير مثل الساعة السويسرية!

الأكيد، أن من يبحث عن الأخطاء والعجائب، سيعثر على العديد منها، في عهدة الكثير من الوزراء السابقين، مثل ما قد يعثر على ما يُحسب لهم أو عليهم، وهو نفس السيناريو مع اللاحقين والحاليين، لكن ما يورّط النوعين الأول والثاني، هو عدم “التحقيق” مع المتورطين والمتهمين بسوء التسيير والتدبير، والفاشلين في إنجاح مشاريع قطاعاتهم، وهو ما تكشفه تصريحات عديد الوزراء في أكثر من قطاع، صدموا الرأي العام بعد تسليم واستلام المهام!

أن “يهردها” وزير، ثم يغادر سالما غانما إلى بيته، ولا يلتزم بـ”ضرب النحّ”، لكنه يفضل “تشراك الفمّ” ولو سرّا وفي مآدب ضيقة، فهذا إن دلّ فإنـّما يدلّ على العزة بالإثم، ومن حق وواجب لاحقه أن “يكشف البازقة”، بالتلميح أو التصريح أو “التجييح” أو التلويح، حتى لا يعتقد السابق أنه “طفـّرها” والعاقبة لغير المتقين من الوزراء، والعقوبة لمن اعترف فكان من الخطائين وليس التوّابين!

مقالات ذات صلة