الرأي

الزبدة ودراهم الزبدة!

جمال لعلامي
  • 804
  • 3

لا أدري لماذا كلما دخل الفصل الثالث على مدارسنا، دخلت العطلة في رؤوس التلاميذ والأساتذة، واستسلم هؤلاء وأولئك لمنطق “الراحة والتشماس”، واعتقد الجميع، خاطئا ومخطئا وخطأ، أن الموسم الدراسي ينتهي بعد العطلة الربيعية، وبالتالي واقعيا لا دراسة ولا تدريس، بعد شهر مارس، باستثناء ضمان الحدّ الأدنى من الخدمة!
لقد تسللت هذه العدوى إلى رؤوس اغلب التلاميذ وحتى الأساتذة والإداريين، وحتى إن كان الحضور إلزامي وإجباري، فإن أغلب المعنيين من متمدرسين ومدرّسين، إذا حضروا فإن حضورهم يكون بـ”الجثة” فقط، أي أن عقولهم غائبة ومستسلمة للخمول، ولذلك، شرعت وزارة التربية في إحصاء عدد الغيابات والمتغيّبين، وسط مستخدميها، وكذا وسط التلاميذ، خاصة المترشحين منهم لشهادات البكالوريا والتعليم المتوسط والابتدائي!
الواقع يؤكد، بأن بعض الأساتذة “كرّهوا” الدراسة والمدرسة للتلاميذ، وبالمقابل، فإن بعض التلاميذ “كرّهوا” المعلمين في أصول التربية ومهنة التعليم، ووسط الطرفين، أولياء لا يسألون عن أبنائهم إلاّ عند انتهاء الفصل ووصول العطلة، ولذلك، عمّت الفوضى و”سابت” المدرسة، وانهار المستوى، وشاعت فكرة “ألـّي قرار قرار بكري”!
زرنا قبل أيام دولة عربية كبيرة، صديقة وشقيقة، ودخلنا مدرسة ابتدائية “خاصة”، لكنها كانت حسب ما رأيناه، نموذجا جميلا لأساتذة يصنعون التلميذ، وتلاميذ يتفاعلون مع معلمهم ويحترمونه، بعيدا عن الخوف، ومنطق الترهيب، بل عن طريق التحبيب والترغيب، دخل العلم في رأس تلاميذ، قيل لنا أنهم كانوا “يكرهون” المدرسة ويرفضون المجيء إليها!
للأسف، عندنا أولياء “هرّبوا” أبناءهم من المدرسة العمومية، حيث التعليم إجباري ومجاني، إلى المدرسة الخاصة، التي كلّ شيء فيها بالدراهم، لكن بعد فترة، هناك من شكرها، واستمرّ فيها، وهناك من غادرها وأعاد ابنه إلى حيث كان، بحجة أن الوضع نفسه، أو أسوأ ممّا كان عليه، وبالتالي فضل الاحتفاظ بما كان يدفعه، نظير تلقي ولده نفس الدروس والمنهاج “باطل”!
يُروى والعهدة على الراوي، أن بعض “الخواص” يزورون الحقيقة، فيضخمون العلامات وكشوف النقاط، وأن بعض أساتذة القطاع العام، يُنجحون التلميذ “الفاشل” في القسم، بمجرّد خضوعه للدروس الخصوصية خلال بضعة أيام في مستودعات تتحوّل إلى فضاءات لتسويق كباش العيد، ولكم أن تغربلوا ما يُقال، قبل أن تحكموا وتشكموا!
أعتقد أن “كثرة العطل”، وتفشّي الهبل، هو من بين أهم أسباب تهافت خريجي الجامعات وحتى “الهواة”، على مهنة التعليم، ولا أقول التربية، ولهذا أيضا، يتنافس العزاب وحتى الشيوخ على “زوجة معلمة”، ففي اعتقادهم أنهم سيكسبون من وراء ذلك الزبدة ودراهم الزبدة، والحجلة والبيضة معا!

مقالات ذات صلة