جواهر
لأن إرضاء الرجل أصبحت غاية لا تدرك:

الزوجات في زمن الفتن والمغريات.. هل نحمّلهن فوق طاقتهن؟

جواهر الشروق
  • 12340
  • 36
ح.م

لعل أهم ما يميز عصرنا الراهن أنه عصر انتشار الوسائل التكنولوجية الحديثة التي اقتحمت جميع المجالات وفرضت وجودها في كل المجتمعات وجعلت العالم مجرد قرية صغيرة على حد قول “ماكلوهان” عند ظهور الأنترنت..

هذا التفتح الحاصل على أعلى المستويات، ساهم بقسط كبير في تلوين أذواقنا الفنية واختياراتنا الحضارية وعرفنا على عادات وتقاليد الشعوب ونمط معيشتهم، الأمر الذي غير إلى درجة مذهلة الأسس الأخلاقية خاصة عند أولئك المنبهرين أمام المضامين الإباحية والصور المغرية، وهو ما أدى بدوره إلى تصدع جدران الحياة الأسرية وتراجع مستوى الوعي حتى أضحى الرضا عن شريكة الحياة مطلبا صعب المنال بوجود هذه المساحات الافتراضية المروجة لصور النجمات العالميات اللواتي دفعن ملايين الدولارات لتقويم أجسادهن وتحسينها لتظهر أكثر جمالا وجاذبية..

ليس هذا فحسب بل إن عزوف الفتيات المسلمات عن لبس الحجاب وميلهن إلى استعمال سياسة الإغراء بارتداء كل ما شف وعري تقليدا للأجنبيات، وكذلك ذهاب الحياء في خبر كان، وانتشار الاختلاط بصورة فظيعة إلى درجة “المعاشرة الحرام”..

كلها أمور وتجاوزات تقع أعباؤها على عاتق الزوجة المسكينة التي تجد نفسها مطالبة بإرضاء شريكها والتجاوب معه والتجمل له لتعفه عن الحرام، ولكن من العسير جدا أن تقنعه بنفسها إذا كان هو أصلا مفتونا بغيرها نظرا لإطلاقه بصره وولوجه في دائرة الممنوعات التي دلفت علينا من كل حدب وصوب فامتلأت الشوارع على آخرها بالفتن لأن كل ممنوع مرغوب..

وأهل الاختصاص حتى وإن كانوا ضد المرأة المهملة لنفسها واللامبالية، التي تعصب شعرها وتنسى حتى غسل وجهها بولادة أول طفل لتسوء حالها أكثر فأكثر بازدياد عدد الأطفال وتعاظم المسؤولية، إلا أنهم يشفقون عليها كونها لا تستطيع التوفيق بين الأمومة والأنوثة وبين واجباتها كزوجة وواجباتها كأم دون مساعدة الزوج..

وهنا تتساءل الكثيرات ببراءة الأنثى ماذا يرضي رجل القرن الواحد والعشرين، ذاك الذي ينام مع خيالات كاذبة ويمني نفسه بأقصى درجات اللذة التي لن يحصل الواحد عليها ربما إلا في الجنة؟  !..

وليس جميع الرجال معنيون طبعا وإنما فقط أولئك الذين يبحثون عن امرأة بمعايير دقيقة متشبعة بثقافة الدلع والغنج والتي تقضي كل يومها من استيقاظها إلى نومها في برد أظافرها وتنميص حواجبها وطلاء وجهها بألوان قزحية ولا يهم مستوى تفكيرها مادامت قادرة على إشباع الجانب الحيواني فيهم، فإذا وصل الواحد منهم إليها وقضى وطره منها وأصبح جمالها أمرا اعتياديا اتهمها بمحدودية الفكر وضعف المستوى وإهمال شؤون البيت، وراح يبحث عن أخرى تناقشه آراءه وتنمي أفكاره وتعلم أولاده، لكن حتى هذه لا تستطيع إرضاءه لأنه سرعان ما يمل منها ويتهمها بإهمال مظهرها وعكوفها على البحث والمطالعة وغرقها في دنيا الكتب..

وإذا تأملنا في الواقع وحاولنا استنطاق بعض أفراد المجتمع وجدنا كل رجل متأثر بالمغريات الخارجية غير مسرور بزوجته، بل وساخط عليها كونها “ناقصة”.. والطريف في الأمر أن منهم من يقول: “أريد زوجة كاملة حتى لا أنظر إلى غيرها” وجميعنا يعلم أن الكمال لله وحده، أما البشر فتعتريهم النقائص من كل جانب، فمن أين لهذه المخلوقة الضعيفة أن تحصل على المصداقية لتكون زوجة ناجحة بشهادة بعلها الذي لا يتوانى لحظة عن إظهار عيوبها وتعداد نقائصها، وفضح الخلل الموجود فيها بمجرد خطأ بسيط يصدر منها!!!!

إنّ المتجول في قاعات المحاكم لا بد وأنه سيفهم قصدي لأن قضايا الطلاق “على رأسها” في السنوات الأخيرة، وهذا الحل الذي جعله الله أبغض الحلال عندما تنغلق كل الأبواب في وجه السعادة الزوجية أصبح أمرا سهلا للغاية يحدث حتى بعد يوم من الزواج ولا تتعجبوا، لأني وقفت على قضية ساخنة للغاية حيث طلق الرجل امرأته في صبيحة اليوم الموالي للزفاف لسبب تافه جدا لم يهضمه حتى القاضي ولكنه لم يجد خيارا آخر أمام إصرار الزوج غير توقيع وثيقة فسخ العقد لأن العريس بهمته ورجولته لم يرض عن عروسه الخجولة واتهمها بالبرود والتخلف وقال صراحة أنها غير قادرة على إقناعه، لأنها لا توافق الصورة التي رسمها لفتاة أحلامه الجريئة..

هذه ليست حالة شاذة أبدا، بل مثلها ما تعجز كلماتي عن وصفه لأن معظم الحاضرين من أجل التطالق هم أزواج في أول مسيرتهم، وقع التنافر فيما بينهم من أجل أمور تافهة للغاية، فهذه تقول: “ماذا أقول له إذا كان يدخل لغرفته ويبقى فيها لما يزيد عن ست ساعات وهو خاشع في رؤية المحرمات، ثم يخرج محمر العينين من الغيظ ليشبعني ضربا وشتما كوني لا أشبه النساء اللواتي أدمن على النظر إليهنّ”، وهذه تقول: “يطلب مني أمورا أستحي من ذكرها وحين أرفض ممارستها يحطم على رأسي البيت بما فيه”، وأخرى تقول: “إنه خائن ومنافق.. لا يكتفي بي مع أني أبذل قصارى جهدي لإرضائه وإسعاده”.. وأخرى تقول: “يتركني في البيت وحيدة ويذهب إلى سكرتيرته ليقضي يومه معها بعيدا عن صخب الأطفال الذين أتحمل عناء تربيتهم لوحدي..”.

ولا ينكر هؤلاء الرجال أبدا هذه الحقائق، بل منهم من يتبجح ويقول: “ربما عشر نساء ولا يكفين لإرضائي” أو “علي أن أجرب عددا من الفتيات أولا، ثم أختار من منهن تصلح زوجة لي”..

كل هذا “كوم” وحكايات لباس الرقص “كوم ثاني” كما تقول “فتيحة”، ولا بد أن منكم من سمع بخرجة إصلاحية جديدة يراد بها الترفيه عن الزوج وإشباعه بالمتع حد التخمة كي لا ينظر إلى المحرمات وإلى النساء الأجنبيات، فأصبحت الزوجة مطالبة بالإضافة إلى التزين والطبخ والتدليل والسمع والطاعة بالرقص له على كل الإيقاعات، وعليه فقد جاءت الدعوة صريحة لكل المقبلات على الزواج باقتناء اللباس المناسب لهذا الغرض عند تحضيرهن “التروسو” أو ما نسميه نحن “جهاز العروس”.. وهو لباس فاضح جدا تلبسه المومسات والغانيات، وبنات الليل من أجل إغراء الرجال بحركاتهن.. وكل هذا من أجل ماذا؟ تقول “حنان” وهي ربة بيت: “من أجل تعصيب عيني الزوج وشغله عن رؤية المحرمات التي ربما لن يكف عن النظر إليها إلا إذا ابتلاه الله في حبيبتيه وأصابه بالعمى بعد عمى البصيرة، ولا يوجد أخطر من ذلك “فإنه لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور”.

ولأن شكاوى بعض المتزوجات بدأت تتعالى لتعلن صراحة عن ضغط المسؤولية التي ترهق كاهلهن وتؤرق مضاجعهن كونهن أصبحن عاجزات تماما عن فهم مقاصد أزواجهن للتحكم في الوضع قبل أن يتأزم أكثر ويخلف أضرارا وخيمة على الأسرة بكاملها، فإن بعض النساء أخذن يتجهن تدريجيا نحو رفع راية الاستسلام والانسحاب نهائيا من الحياة الزوجية حتى لا تضطرهن الظروف لتحمل تبعات البقاء مع رجل تحيط به الفتن من كل جانب وهو مقبل عليها غير مدبر، لاهث وراءها غير مكترث لعواقب إطلاق بصره على نفسه أولا كونه لن يستطيع التحكم في شهواته لاحقا، وعلى زوجته ثانيا كونها لن تتمكن من إرضائه مهما فعلت، وأخيرا على أطفاله الذين يستحيل أن يتمكنوا من العيش بصورة طبيعية في ظل عائلة مشتتة أو في بيت يشبه حلبة المصارعة من أثر الصراخ والضرب وتبادل الشتائم.

في الختام يوجه الأخصائيون لك أيتها الزوجة هذه الكلمات: “لا تسمحي بأن يتسلّل الشعور بالنفور إلى قلب زوجك فيعافك ويعرض عنك ويطلب غيرك، بل اعتني بنظافتك وأناقتك وهذبي نفسك، واحرصي على تنمية قدراتك ومواهبك دون التفرغ لرصد حركاته وسكناته والشك في كل تصرفاته.. أيضا لا تعتقدي أنك قادرة على الاحتفاظ به بعدد لا بأس به من الأطفال لأن بعض الرجال لا يكترثون لأطفالهم عندما تستبد بهم شهواتهم، خاصة وأن الإغراء في كل مكان.. ولا تقولي أن الخيانة طبع ملازم للرجل لأننا لا يمكن أن نخفي مظاهر الإهمال التي تبدو على زوجات كثيرات، فإذا فعلت ما بوسعك ولم يقدر تعبك في سبيل إرضائه فلا تحزني عليه، لأن من انغمس في دنيا اللذة من رأسه حتى قدميه لا يقدر حتى نفسه..”.

مقالات ذات صلة