الجزائر
تماشيا وتوصيات المؤرخ بنجامان ستورا في تقريره لماكرون

السلطات الفرنسية تشرع في نشر وثائق غير مسبوقة عن الثورة

محمد مسلم
  • 6009
  • 5
أرشيف

يشرع المعهد الوطني (الفرنسي) للسمعي البصري (INA) في الكشف عن وثائق تاريخية وشهادات حية وغير مسبوقة، تتعلق بالثورة التحريرية والحرب على الاحتلال الفرنسي، وهو المسعى الذي يأتي تماشيا وتوصيات التقرير الذي أعده المؤرخ بنجامان ستورا، بطلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

شهادات لجزائريين وفرنسيين عسكريين ومدنيين سجلت أثناء الحرب

وقالت المؤسسة الفرنسية المرموقة، إنها ستشرع بداية من الفاتح من شهر مارس المقبل، في نشر 180 ساعة من المقابلات مع المدنيين والمقاتلين من كلا الجانبين الذين شهدوا أحداث الحرب في الجزائر، وذلك عبر موقعها الرسمي على شبكة الأنترنيت، وفق بيان صادر عن معهد السمعي البصري الفرنسي.

وسترافق القناة الألمانية الفرنسية “ARTE” هذا المسعى بإنتاج فيلم وثائقي بناءً على هذا المصدر التاريخي الجديد المتكون من ستة وستين شاهدا على الحرب من الجانبين الجزائري والفرنسي، في الفترة الممتدة ما بين 1954 و1962.

وكان تقرير بنجامان ستورا قد تضمن مقترحا بـ”إحراز تقدم في المسائل المتعلقة بالأرشيفات، بهدف نقل بعضها من فرنسا إلى الجزائر، والسماح للباحثين من البلدين بالإطلاع على الأرشيفات الفرنسية والجزائرية، وتسريع مسار رفع السرية عن الوثائق”.

والشهود الذين سيفرج عن شهادتهم، هم مدنيون جزائريون، وفرنسيون ولدوا في الجزائر (أقدام سود أو معمرين)، ومجندون فرنسيون وجنود نظاميون، ومناضلون مؤيدون للاستقلال من جبهة التحرير الوطني والحركة الوطنية الجزائرية (MNA) التابعة لمصالي الحاج، وأعضاء في منظمة الجيش السري الإرهابية (OAS)، ومثقفون وطلاب.

ومعلوم أن جيش الاحتلال الفرنسي في الجزائر، كان يوجد ضمن صفوفه مختصون في التصوير وتسجيل الفيديوهات أثناء الحرب التحريرية، غير أن تلك المادة الإعلامية كانت ممنوعة من النشر إلا بموافقة من السلطات العسكرية الفرنسية.

ووفق مدير المؤسسة الفرنسية، أنييس شوفو، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية (فرانس براس)، فإن هؤلاء الشهود على “حرب الجزائر” وفق الأدبيات التاريخية الفرنسية و”الحرب التحريرية” وفق التسمية الجزائرية، لم يتم سماع شهاداتهم على هذا النحو من قبل.

هذه الشهادات جمعتها المؤرخة رافائيل برانش، المتخصصة في الحرب الجزائرية الفرنسية، وبمساعدة المخرج رافائيل ليفاندوفسكي، وهي تشكل أيضًا المصدر المشترك لسلسلة وثائقية للقناة الفرنسية الألمانية سالفة الذكر، بعنوان “في حالة حرب أو (الحروب) من أجل الجزائر”. علما أن ست حلقات مدتها 52 دقيقة ستبث خلال الجزء الأول من الأمسية يومي الفاتح والثاني من مارس على القناة، قبل أن يتم نشرها على المنصة التعليمية العامة (Lumni) اعتبارًا من العاشر من مارس.

وتأتي هذه الخطوة بمناسبة الذكرى الستين لتوقيع اتفاقيات إيفيان في 18 مارس 1962، التي رسمت انتهاء “الحرب الجزائرية”، وتحاول السلطات الفرنسية من خلال معهد السمعي البصري، وعبر هذه المبادرة “الوصول إلى مجموعة متنوعة من الجماهير والأجيال”، وفق ما جاء على لسان مسؤولة المعهد.

ووفق المصدر ذاته، فقد تمت برمجة سلسلة إذاعية للمخرج رافائيل ليفاندوفسكي عن الثقافة الفرنسية من 28 فبراير إلى 3 مارس في برنامج “السلسلة الوثائقية”، وكتاب في “حالة حرب من أجل الجزائر”، من تأليف رافائيل برانش، ينشر في 28 فبراير، بالإضافة إلى مجموعة من ثلاثة أقراص DVD بداية من منتصف شهر مارس المقبل.

وحرص القائمون على هذه الخطوة، على التأكيد بأن “ما يُظهر من تنوع هذه الشهادات، هو أنها لم تكن حربًا ثنائية، بل حروبًا خاضها الجميع من أجل رؤية الجزائر”، بمعنى أن كل طرف كان يحاول تبرير موقفه من الحرب في الجزائر، والتي اختلفت إلى درجة التناقض، لأن الجزائريين كانوا يحاربون من أجل الاستقلال، في حين أن الفرنسيين سواء كانوا من العسكريين أو المدنيين والمعمرين، كانوا يحاربون من أجل بقاء الجزائر فرنسية.

مقالات ذات صلة