جواهر
مع اقتراب رمضان وتزايد مسابقات القرآن

السلفيون للمقرئات: أسكتن.. أصواتكن عورة!

جواهر الشروق
  • 8014
  • 76
ح.م

تحظى المشاركات في مسابقات تجويد القرآن الكريم التي تنظمها وزارة الشؤون الدينية عادة بمناسبة قدوم شهر رمضان باحترام وتقدير منقطع النظير من طرف معظم الجزائريين الذين يجدون أنفسهم يعقدون مقارنة فورية بينهن وبين المشاركات في برنامج ألحان وشباب، فيتضح الفرق جليا بين من تسعى إلى نيل رضا الله، ومن تحلم بصعود سلم الشهرة، حتى وإن داست على عنق الحلال.

غير أن بعض الجزائريين المحسوبين على التيار السلفي، ينظرون إلى الأمر من زاوية أخرى تجعل هذه الصورة الجميلة تتوارى خلف الفتاوى التي تندرج في إطار الفتنة والخضوع بالقول اللذان يهيجان المشاعر الراكدةّ فيطمع الذي في قلبه مرض، لذلك يعارضون مشاركة الفتيات والنساء في مسابقات القرآن درءا للفتنة.

وحول هذا الموضوع تقول إحدى السلفيات الجزائريات إنها وجدت قريبتها جالسة أمام التلفاز وهي تذرف الدموع تأثرا بترتيل مترشحة لمسابقة فرسان القرآن التي تبث على القناة الوطنية، مبدية استغرابها من هذه الفتاة التي تختبر صوتها “العورة” أمام الرجال، في الوقت الذي كان يجب أن لا تسمح بأن يراها الجنس الآخر من الأصل، محمّلة من أسمتهم “دعاة على أبواب جهنم” مسؤولية هذه التجاوزات الخطيرة في حق الدين، واستندت في كلامها إلى مجموعة من الفتاوى التي لا تجيز للمرأة قراءة القرآن أمام الرجال الأجانب لما يحصل عند قراءته من ترقيق للصوت وتزيين وتحسين له وهذا ما يتنافى مع قوله تعالى (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض).

وقد نال رأي هذه السلفية، والفتاوى التي استندت إليها، إعجاب العديد من الرجال، حيث رد عليها أحدهم بنبرة المتعجب قائلا، إنه في ليلة السادس والعشرين من شهر رمضان يتم تكريم حفظة القرآن الكريم في المساجد، حيث تتلو الفتيات القرآن في قلب بيوت الله على مرآى ومسمع الرجال ” والعجب العجاب أن القوم جعلوها قربى في ليلة مباركة بزعمهم”، مضيفا: ” لا أدري أهي بلوى عامة أم في منطقتنا فقط؟”.

 فيما نقل أحد المعارضين لمشاركة النساء في مسابقات القرآن، معلومة لصاحبة الموضوع من باب التأييد، حيث قال إن هناك امرأة تبلغ من العمر 59 سنة تدرس القرآن برواية ورش على يد الرجال في المسجد.

 وخشي متذمر آخر من قيام النساء بإمامة الرجال في صلاة التراويح، طالما أن المرأة زاحمت الرجل في كل شيء وأصبحت أعذب منه صوتا.  

واستغرب جزائري آخر يدعى رضا من إطلاق اسم “فارسات” على النساء المشاركات في مسابقات تجويد القرآن، مشيرا إلى أن كلمة “فارسات” لا وجود لها في قاموس اللغة العربية، والأصح أن نقول “فرسان”، مؤكدا على أن منظمي هذه المسابقات يهدفون إلى إبعاد المرأة عن أسمى الأهداف التي خلقها الله لأجلها، مستعينا هو الآخر بمجموعة من الفتاة التي تعتبر صوت المرأة عورة، وعليه فإنها مأمورة بتجنب الفتنة إذا كان يترتب على سماع صوتها افتتان الرجال فإنها تخفيه، وهي منهية من باب أولى عن ترخيم صوتها وتحسينه عند مخاطبة الرجال لحاجة ما، وتساءل رضا عن إقدام لجنة التحكيم المكونة من الرجال على وضع المرأة أمامهم والإستماع إلى صوتها الجميل دون غض البصر.

وردا على هذا الرأي، قال أحد الجزائريين إن مفهوم الفتنة تغيّر ولم يعد صوت المرأة مثيرا للفتنة كما كان في القرون التي خلت بعدما ألف الرجال رؤية النساء، ولم تعد حتى الراقصات والفنانات، كما قال، يثرن الفتنة بين الرجال، فكيف لامرأة تتلو القرآن الكريم، وفي زمن أصبح فيه اقتناص الأصوات الجميلة للنساء على قدم وساق لتوجهيهن إلى الغناء والتمثيل، وأصبح من النادر أن نرى امرأة تقرأ القرآن بصوت جميل، وعليه ينبغي أن نشجعهن لأن اهتمامهن بالقرآن، أفضل من اهتمامهن بشيء آخر، مذكّرا في نفس الوقت بالجزائريات اللواتي شاركن في ثورة التحرير، حيث قال “المرأة التي نتناقش اليوم حول جواز مشاركتها في مسابقات الذكر الحكيم، كانت قد شاركت في الثورة الجزائرية والتحقت بجبالها ولاتزال ذاكرتنا تحتفظ ببعض الأسماء”، مضيفا “لو اعتمد الجزائريون على الفتاوى التي نسمعها هذه الأيام، لما قامت الثورة أصلا لا بالرجال ولا بالنساء”.

ويبقى أن نقول إن العلماء اختلفوا في صوت المرأة، فهناك من اعتبره عورة إذا تسبب في فتنة الرجال، وهناك من لم يعتبره عورة، على اعتبار أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم، كن يروين الأخبار للرجال، وطالما أن الأمر بهذا الشكل، فينبغي على المرأة المقرئة وهي تتقدم لمسابقات التجويد والترتيل أن تبتغي وجه الله من خلال قراءتها للقرآن، وأن لا تكون غايتها أن تشدّ أسماع الرجال بصوتها الجميل، وعلى الرجل المستمع أن لا يكون هدفه الاستمتاع والتلذذ بالأصوات الرخيمة للنساء، وإلا فمن الأولى إغلاق هذه المسابقات، حتى لا تكون مجالا للدخول إلى الحرام من نافذة الحلال.

مقالات ذات صلة