-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

السودان.. هل تلتحق بقائمة المُهرْولين؟!

حسين لقرع
  • 2923
  • 0
السودان.. هل تلتحق بقائمة المُهرْولين؟!

يبدو أن هناك توجّها بدأ يبرز لدى السودان هذه الأيام، للالتحاق بقائمة المُهرولين العرب، والاعتراف بما يُسمى “دولة إسرائيل” وتطبيع العلاقات معها، وإدارة الظهر للمقاومة الفلسطينية.

وزير الخارجية السوداني إبراهيم الغندور قال صراحة إن “السودان يمكن أن يدرس مسألة التطبيع مع إسرائيل”، و41 شخصية سياسية تؤيّد إقامة “علاقات مشروطة؟!” معها، وهذه الأخبار نشرتها وكالة الأنباء السودانية نفسها، ولو نشرتها أي وكالة أنباء أجنبية لشككنا في أنها أخبارٌ “ملفقة” و”مغرضة”.

هذا ويؤكّد أن السودان قد باتت “تفكّر” جدّياً في الهرْولة نحو الكيان الصهيوني أسوة بدولٍ عربية عديدة، وفي مقدّمتها مصر والأردن، ودول أخرى تقيم علاقاتٍ متعدِّدة الأشكال مع الصهاينة منذ سنوات طويلة، وهي تحضّر شعبها تدريجياً  لهذه الخطوة غير المتوقعة، وتجريعه السمّ قطرة قطرة.

من غير المعقول أن يتحوّل الكيانُ الصهيوني بين عشيةٍ وضحاها، من عدوِّنا الأول إلى “صديقٍ” جديد نُلقي إليه بالمودّة، فهذا الكيانُ الإجرامي العنصري احتلّ فلسطين، وشرّد الملايين من شعبها، ورفض أن يُقيم الفلسطينيون دولتهم المستقلة على 22 بالمائة فقط من أراضيهم التاريخية واستكثرها عليهم، وهو يشنّ عليهم منذ 68 عاماً حرباً لا هوادة فيها لتركيعهم وإجبارهم على قبول احتلاله لأرضهم، والكف عن أيِّ شكل من أشكال المقاومة، وهو يُغرِق الضفة بالمستوطنات، ويهوِّد المدن والمقدَّسات ويسعى إلى تهديم المسجد الأقصى وبناء الهيكل الثالث المزعوم مكانه، ومذابحه بحقّ الأطفال والنساء والمدنيين عموماً لا تُحصى، بل إنه دعم جنوب السودان خلال الحرب الأهلية وأدى دورا كبيرا في فصله عن شماله… أبعدَ هذا كله يمكن أن تركن إليه السودان وتعترف باغتصابه فلسطين، وتقيم علاقاتٍ دبلوماسية معه وكأن شيئاً لم يحدث؟

ويبدو أن السودان تريد إنهاء الحصار الذي تضربه عليها أمريكا منذ سنواتٍ طوال بتهمة “دعم الإرهاب” وأضرّ باقتصادها، فاهتدت إلى فكرة التطبيع مع ربيبتها الصهيونية لترفعه عنها، وربَّما أوعزت أيضاً برفع الحظر عن سفر الرئيس البشير إلى أيّ بلدٍ يريد من دون أن يخشى القبضَ عليه وتحويله إلى محكمة الجنايات الدولية ليُحاكَم بتهم ارتكاب جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية في دارفور.     

إنه تحوّلٌ دراماتيكي في السياسة الخارجية السودانية إذا أقدمت فعلاً على الاعتراف بالكيان الصهيوني وإقامة علاقاتٍ معه؛ سيكون تحوّلاً بـ180 درجة إذا حدث.. السُّودان التي طالما كانت نصيراً للمقاومة الفلسطينية في غزة، تفكّر الآن في الالتحاق بقائمة المهرولين والمطبّعين مع الاحتلال، وإدارة ظهرها للمقاومة، لتحقيق مآرب سياسية واقتصادية، وذريعتها في ذلك أنّ دولاً عربية تقيم علاقاتٍ مع الصهاينة، فلماذا تكون استثناءً؟!

لو فعلتها إحدى دول “الاعتدال” العربي التي طالما افتخر نتنياهو بـ”تحالفه الاستراتيجي” معها، لهان الأمر، فكل شيء بات متوقعا منها الآن، أما السودان، فإن مجرد “تفكيرها” في ذلك، لا يمكن تجرّعه بالنظر إلى تاريخها الطويل المشرّف إزاء قضايا الأمة وفي مقدمتها قضيتها الأولى فلسطين.

نأمل صادقين أن تكتفي القيادة السودانية بـ”التفكير” في التطبيع ثم تعزف عنه، حتى لا تخسر ودّ شعبها في سبيل كسب رضا الأمريكيين والصهاينة، ولن يرضوا عنها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • حسان

    منذ نكسة 1948 والحكام العرب يسيرون ذلك بشعارات مخادعة لشعوبهم المغلوبة على امرها فتمكنو من البقاء متسلطين عليهم ونتيجة لذلك توسع هذا الكيان في الاراضي العربية بالتواطؤ مع هذه الانظمة اما ما يسمى جامعة الدول العربية عفوا العربانية اه العبرية فهدف تاسيسها هو امتصاص غضب الشعوب من خلال مؤتمرات عادية او استثنائية وكل الدول العربية تعترف بدولة اسرائيل ويجب التفريق بين الاعتراف وفتح سفارة لان الاعلام العربي الرسمي غير الكيان باسرائيل ولكن ما معنى اقامة علاقات عربية اسرائيلية ما هي نتيجة ذلك

  • ابو علي طاهر

    لغة التهويل لا تعالج المشكل دعوا ولات الامور منشغلين بما ابتلاهم الله به واسألوا الله العافية .اما السدان بلد عزيز و غالي .و الشماتة ليست من شيم المسلم .

  • رضا

    عملت دول الخليج لسنوات من أجل إقناع العالم العربي عبر وسائل الإعلام -التي هي في النهاية بيد إسرائيل- على أن العدو الحقيقي والأول هو إيران ومن يدور في فلكها وضخت أموال كثيرة، فوصل بها الحد إلى أنها عملت على نشر مطويات في أحياء مغمورة في مدن مغمورة في دول مغمورة -لا تستطيع القيام بها حتى الدولة في حملة انتخابية-
    لهدف الوصول لما وصلت إليه السودان وهو أن أضع يدي في يد الصهيوني لمحاربة الإيراني.
    فالنتيجة التي وصل لها السودان انتظرها يا سي طيب في كثير من العواصم العربية، ما دمنا سلمنا عقولنا للخليج

  • رضا

    عملت دول الخليج لسنوات من أجل إقناع العالم العربي عبر وسائل الإعلام -التي هي في النهاية بيد إسرائيل- على أن العدو الحقيقي والأول هو إيران ومن يدور في فلكها وضخت أموال كثيرة، فوصل بها الحد إلى أنها عملت على نشر مطويات في أحياء مغمورة في مدن مغمورة في دول مغمورة -لا تستطيع القيام بها حتى الدولة في حملة انتخابية-
    لهدف الوصول لما وصلت إليه السودان وهو أن أضع يدي في يد الصهيوني لمحاربة الإيراني.
    فالنتيجة التي وصل لها السودان انتظرها يا سي حسين في كثير من العواصم العربية، ما دمنا سلمنا عقولنا للخليج

  • reda

    أكثر من 80 مليون مصري كانوا مع القضية الفلسطينية ولكن رأس الهرم طبّع مع إسرائيل وأصبحت السفارة الإسرائيلية في قلب مصر.

    الشعوب على دين ملوكهم ما نكذبوش على بعضنا

    وفي سوريا لأن قمة الهرم ضد التطبيع مع إسرائيل وساندة حماس الفلسطينية بالمال والسلاح أصبح الشعب يريد الديمقراطية ويسقط النظام ؟؟؟

    أفيقوا يا مساكين، فقد لعب التعصب بعقولنا فأصبحنا لا نرى إلا ما يرينا الإعلام الكاذب الذي هو بيدي عدونا

  • reda

    أكثر من 80 مليون مصري كانوا مع القضية الفلسطينية ولكن رأس الهرم طبّع مع إسرائيل وأصبحت السفارة الإسرائيلية في قلب مصر.

    الشعوب على دين ملوكهم ما نكذبوش على بعضنا

    وفي سوريا لأن قمة الهرم ضد التطبيع مع إسرائيل وساندة حماس الفلسطينية بالمال والسلاح أصبح الشعب يريد الديمقراطية ويسقط النظام ؟؟؟

    أفيقوا يا مساكين، فقد لعب التعصب بعقولنا فأصبحنا لا نرى إلا ما يرينا الإعلام الكاذب الذي هو بيدي عدونا

  • العائش العياشي

    التطبيع مع الكيان الصهيوني بالنسبة لعمر البشير هذا ليس بالمستحيل، وسيهتدي الى هذا الطريق مثله كمثل غيره من حكام العرب، لآنه يفتقد لشرعية الشعبه و ادار ظهره لشعبه، وعليه الظامن الوحيد لعرشه هو الكيان الصهيوني، وعند الحكام العرب وعمر البشير العرش اهم من القضية الفلسطينية، و اهم من دولة السودان، واهم من الدستور الذي صنعه، واهم من...........هذا ما قال تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي

  • ترامب

    لاحضوا الان الشعوب الاعرابية تقول الضغوطات وووو على مصر وقطر والاردن والسودان والسعودية ..اذا التطبيع نورمال وطبيعي وو لكن لماذا؟
    لان العرب الآن ملوكا وشعوبا أوجدوا عدوا آخر اسمه إيران ويحاولون خداعة انفسهم ومن يثق بهم بان الخطر ايراني ولايهم الاقصى والارض العربية ووو
    منافقين
    وفي الجزائر العرب تقول نفس اقاويل عرب الخليج

  • usama

    لا فض فوك اصبت كبد الحقيقة حكمت فعدلت

  • k s

    إذا نظرنا إلى سياسة سلطتهم الحاكمة فليس ذلك بمستحيل لديهم ... لأن سلطة آثرت أن تُقسَّم بلادها على التنحي من الحكم لن توجد بعد ذلك خطوطا حمراء؟؟؟؟؟.. لكن نسأل الله أن لا يحدث مثل هذا التطبيع حتى تبقى السودان في أقلية حفظ ماء وجه هذه الأمة في هذه القضية..

  • لحسن

    3
    لإنعاش اقتصادها بل و اقتصادهم، لكن الجزائــر، جزائرنا، حتى لا نتجنى على الآخرين، تفضل استيراد اللحوم و المنتجات الفلاحية من بلدان أخرى كالهند، و غيرها، و" ترفض" التعامل مع السودان "الشقيــق" ، و يبدو أنها تعوق بالعراقيل حتى الخواص الجزائريين عن الاستثمار في السودان !

    إنه الخذلان العربي !

    ليس السودان وحده و الحال هذه من سيطبع، سننتهي جميعا إلى التطبيع، وتصبح إسرائيل " دولة شقيقــة و الحمد لله " كما تنبأ بذلك محمد الماغوط و دريد لحام في "كاسك يا وطن" !

  • لحسن

    2
    الصرف في شوارع مدنها، كما ذكر في صحف تلك الحقبة، والإقرار بهذا الخُلف شهد به العرب أنفسهم على أنفسهم في آخر مؤتمرات " صمودهم و تصديهم " إذ أعربوا لمصر عن استعدادهم لمدها بما وعدوها به مقابل أن تتراجع عن اتفاقيات كامب ديفيد، أي تركوها تغرق ثم ألقوا إليها " وعدا من وعودهم ".

    السودان التي تواجه ضغوطا رهيبة منذ عقود، على جميع الأصعدة بما فيها الاقتصاد، أدت إلى بتر جزء منها، لم تتسول من العرب دعما ماليا مباشرا، و إنما كانت و مازالت تدعوهم للاستثمار و التبادل التجاري

  • لحسن

    1
    تحية للكاتب المحترم و للقراء،

    السؤال الذي ينبغي أن يطرحه العرب على أنفسهم بدل الاندهاش من وشوك سقوط السودان في "أحضان" الكيان الصهيوني هو : ماذا فعلوا لكي لا يضطر السودان إلى السقوط ؟

    يبدو أن التاريخ الذي وقع مع مصر قبل اتفاقيات كامب ديفيد يعيد نفسه مع السودان.

    مصر، دولة المواجهة الأولى آنذاك، كان العرب يلتزمون في مؤتمراتهم بدعمها ماليا، و لكنهم كانوا يخلفون، وكانت الأوضاع الاقتصادية بمصر في أسوإ حال، إلى درجة أنها أصبحت عاجزة حتى عن إصلاح مواسير

  • الطيب

    نخلط كثيرًا بين سياسة الحكام و توجهاتهم و إرادة الشعوب و طموحاتهم ! فقولنا السودان تهرول ....فيه ظلم كبير للشعب السوداني العربي المسلم الذي لا يقبل و لن يقبل بهرولة حكامه إلى أحضان الصهاينة و لو بأضعف الإيمان مثلما لا نقبل نحن كشعب أن يتكلم عنا كاتب من الكتاب بمثل هذا التعميم ........ تحياتي للأستاذ حسين .