-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

السيارة المنسية

عمار يزلي
  • 1221
  • 0
السيارة المنسية

كنت قد رويت لكم قبل اليوم معاناتي مع الحافلة وأنا صائم و”حامل” لثلاث كابات وساشيات من الكسوة الصينية بورخسة للأطفال بمناسبة العيد القريب..

عندما وصلت للبيت أتصبّب عرقا وآكل في شطايطي، قلت لهم: “اللي صرالي اليوم عمري ما ننساه، ما نعاودش نعيّد لكم يا لوكان نموت” لما سألوني لماذا هذا الهم وهذا الغم وهذا التعب وأنا ذهبت بسيارة الجار لأشتري كسوة العيد؟ عندها ضربت أخماسا في أسداس ورحت أصفع وجهي ورأسي: آآآبووويا خي خي! آآآآيمااااا! واش درت؟ نسيت السيارة وجيت في البيس.. آآيما على هذا العقل.. آالراصة نتاعي كي داير أنا! (ورحت أصفع وجهي وأعض كفي حتى صرخت ألما، ثم رحت أضرب فمي الذي عض كفي حتى آلمني، وأنا أتكلم مع جنوني، أو لأقول أتكلم مع فمي: تعاود تعض؟ تعض نتاع الصح؟. بقيت ربع ساعة وأنا أفكر في ماذا أفعل الآن: ولم يكن هناك أمامي من حل إلا أن أعود أدراجي بحثا عن سيارة الجار المستلفة.. عدت من نفس الطريق التي جئت منها وبنفس الأسلوب: مشيا على الأقدام كثيرا والركوب في الحافلة طويلا قبل أن أصل إلى السوق الذي  تمرمدت” فيه ومنه اليوم. 

المشكل أني لما وصلت، لأبحث عن السيارة، نسيت أين ركنتها، فأنا غير متعود على ركن السيارات ولا على سياقتها فضلا عن تذكرها.. وتعالى أنت وريني أين تركتها.. والسيارة مش ملكي يا أخوتي، تعالوا تشوفوا الهم، وشكون قال لي سلف السيارة. وواش من سيارة؟ “كونغو”، تحسب راني رايح نرحل، أعطاوني السكن في عدل 3!

أيها الهم الكبير الذي لا ينساني ولا ينسى نسياني: ماذا أفعل؟ بقيت أدور وأدور بحثا عنها، والمفتاح في يدي.. وأنا أسير على غير هدى في الاتجاه المعاكس التي كانت فيه السيارة مركونة، نصفها في الطريق ونصفها الأخير على الرصيف. التقيت بصديق، فرحت أسأله: ما شفتش السيارة وين راني مقاريها؟ (وكأنه كان معي وقت ركنها). رد علي باستخفاف ضاحك: من وقتاش كانت عندك سيارة؟ راك تزعق علي؟. أفهمته باختصار شديد ماذا حدث، فقرر أن يساعدني في البحث عن ذاكرتي المنسية. قال لي بعد إن وصفتها له بكل دقة: أنت روح منا وأنا نروح من لهيه، والتلفون بيننا، من وجدها يتصل بالآخر، وسنجدها. قالها لي بكل اطمئنان.

أنا رحت أسير وأبحث وأتفرّج على المحلات، حتى وجدت نفسي أكاد أصل إلى البيت، ولم أجدها (في الحقيقة، نسيت حتى أني كنت أبحث عن شيء معين)، في هذه اللحظة، يرن الهاتف في جيبي: كان الصديق الباحث لوحده عن ذاكرتي الضائعة، قال لي: “راني وجدتها، راني ننتظر فيك بالقرب من السوق، بجوار مول الفول، هذاك الأعور اللي عنده بوني أحمر وقدامه سودور وكاران وعرام نتاع الزبل!” ضربت رأسي بيدي من جديد وقلت له: يرحم بوك غير روح تروح إذا بغيت، أنا راني وصلت للدار، درك عاود ندي البيس ونولي.. من هنا على ساعة نتاع طريق!

عدت أدراجي من جديد، لأجد الرجل لا يزال ينتظرني، والشرطة واقفة تنتظرني، قالوا لي وهم يهمون بوضع الخلاخل المعدنية الصفراء: “هذه صطاصيونما هذه؟ وين راك حاسب روحك؟” الحمد لله أن صديقي كان يعرف واحدا فيهم وراح يفهمهم الهم الذي أنا فيه من فرط النسيان، فتركوني آخذ السيارة وأرحل باتجاه الدار لأعيدها فورا إلى الجار قبل أن أنساها في مكان آخر!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • احميدة

    تقصد المازوني,,, ربما,,, أما المازني فعدرا

  • نورالدين الجزائري

    من النسيان عبّر!
    يوجد أناس لديهم ذاكرة قوية لنسيان كل شيء! و الذي يتعود على التذكر يتذكر كل شيء و الذي يمرن نفسه بحب و شغف النسيان فنفسه تقدر له جميل النسيان!فتنقلب الحقائق من جمال النسيان إلى قبح الوعي!فبدل ما يكون الوعي صوت من الداخل يحذر الإنسان من أخطار تحيط به و لا يراها إلى عدم المسؤولية ليصبح المجتمع مُلكا لديه فهو يشكو من ذاكرته و لا يشكو من آرائه!
    و أخيرا و ليس أخيرا أن يصبح هذا ـ الناسي ـ يتحايل عدم دفع غرامة سوء توقيفه للسيارة و هو إخلال بالنظام العام من إعاقة السير أو خطر إصطدام

  • dzair

    عبد القادر المازني الجزائري بامتياز