-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

السيف الذي قطعنا

السيف الذي قطعنا
ح.م

بكثير من البهجة، تحدّث مستشار الرئيس التنفيذي لشركة الخطوط الجوية الجزائرية، عما أسماه بالإنجاز الكبير الذي حققته شركة الطيران العمومية ببلوغها نسبة التزام بالمواعيد قارب الـ72 بالمئة، وقال بأن الشركة “العملاقة” ينقصها خمس دقائق من الالتزام، من أجل أن تدخل المعدلات الدولية وليس المراتب الأولى في الالتزام بالتوقيت. وبقدر ما يحق لهذا المستشار ولمسؤولي الشركة الافتخار بإنجاهم وهذا طبعا مقارنة بما كان يحدث في السابق، حيث يقدّر التأخر بالساعات والأيام وليس بالدقائق، بقدر ما يضعنا أمام واقع مرّ يؤكد بأن الوقت مازال آخر اهتمامنا، ليس أثناء الطيران في الجو فقط، وإنما في شق الدروب والإبحار، وفي كل المجالات الدنيوية والدينية، فلا تكاد تجد من يلتزم بالوقت، وهذا ضمن تطبيق دقيق وصارم لمقولة: في التأني السلامة وفي العجلة الندامة، بينما حدّة الوقت لا تختلف عن السيف القاطع، الذي لا يترك فرصة لمن لم يقطعه.

لقد كانت مشكلتنا دائما مع عقارب الساعة والالتزام باحترام الوقت، وحتى عادة ارتداء الساعة في معاصم اليد بدأت بالانقراض، ولم يعد “للسعاجيين” أي عمل، بعد أن رمى الناس ساعاتهم، وصارت الدقائق بالنسبة إليهم متشابهة، ولا فرق لديهم بين الصباح والمساء ولا حتى بين الجمعة والأحد، حتى لا نقول بين سنة 2020 و2021، بينما قدّم لنا التاريخ نماذج من أمم ترى تأخير دقيقة في أي مشروع كبير أو صغير هو جريمة ضد الوطن والمواطن، بل إن الجزائريين أنفسهم قدموا نماذج من الالتزام بالوقت وبتطبيق برامجهم الراقية والمصيرية من دون تأخير كما كان الحال في تفجير ثورة التحرير في الساعة الصفر من الفاتح من نوفمبر سنة 1954. وعندما يلتزم السابقون بالدقيقة والثانية بتفجير ثورة تعرض حياتهم للخطر، ولا يتلزم اللاحقون باليوم والشهر في تحقيق مشاريع ترفع من مستوى حياتهم وتجعلها بلا خطر، فمعنى ذلك أننا قطعنا شوطا عملاقا، ولكن للأسف إلى الخلف.

لو تحدثنا عن المشاريع الخبط عشواء التي قيل بأن زمن تسليمها سيكون في تاريخ ما، وتأخر لسنوات وعقود، فإن براميل من اللعاب والحبر لن تكفي، حتى صار المواطن إذا وعدوه بتسليم أي مشروع سكني أو رياضي أو اقتصادي في زمن ما، يضيف من تلقاء نفسه أرقاما كثيرة على يمين الزمن الذي حدده المسؤول، وهناك مشاريع في الجزائر بقدر كبرها، فإن حكاية إنجازها تصلح لأن ترمى مباشرة في المهملات، مثل ميترو العاصمة الذي فكّر فيه أحمد بن بلة ولم ير النور إلا على مشارف زمن عبد العزيز بوتفليقة، وسد بني هارون وميناء جن جن والطريق السيار الذي قيل بأنه سيسلم في 2011، وسندخل قريبا 2021 وهو يسير نحو السنة العاشرة من التأخر، في مشروع على غير مسماه السريع، وانتهاء بالمركبات الرياضية التي بوشر في إنجاز بعضها قبل منافسات كأس العالم في ألمانيا في سنة 2006، وعاش العالم “مونديالات” كروية في جنوب إفريقيا وفي البرازيل وفي روسيا وسيعيش أخرى في قطر، وهي مجرد إسمنت ثابت أو ربما صور ونماذج فقط.

هناك حكمة ترددها كل الأمم: “عندما أسيء استخدام الوقت فأنا أبدّد المورد الوحيد الذي لا يمكن أبدا استرداده”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • المتمرس

    يامحلاها عومة

  • ابن الجبل

    ترى من حمل هذا السيف الذي قطعنا ياسي عبد الناصر؟!!.