منوعات
في سابقة غريبة وغير مبرّرة:

السّلطات السّعودية تمنع بعثة “الشّروق” من تغطية مناسك الحج!

الشروق أونلاين
  • 24268
  • 51
ح م

رفضت السّلطات السّعودية منح تأشيرات السّفر إلى البقاع المقدسة لأفراد بعثة “الشروق” المكلفة بمرافقة الحجاج الجزائريين وتغطية مناسك الحج وإنجاز عدد كبير من الحصص والبرامج التي تميزت بها قنوات “الشروق” على مدار السّنوات السّابقة، وحرمت بذلك الجزائريين من متابعة أخبار ذويهم عبر باقة الأخبار والبرامج والحصص التي كانت تعنى بنقل أوضاع الحجاج في تنقلاتهم بين البقاع المقدسة، وكذا تعريف الجزائريين بكل تفاصيل الركن الخامس في الإسلام من خلال سلسة من اللقاءات مع المسؤولين السعوديين والشيوخ والعلماء والقراء والدعاة والقائمين على المشاعر المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وقد جاء قرار الخارجية السّعودية الذي أبلغته السفارة السعودية بالجزائر إلى المسؤولين بمجمع “الشروق” مفاجئا وصادما، بالنظر إلى التحضيرات الحثيثة التي قام بها المكلفون بباقة البرامج والحصص والتقارير الإخبارية، بعد أن قطعوا شوطا مهما في التحضير، بل أشرفوا على وضع اللمسات الأخيرة، موفرين بذلك كل التجهيزات التقنية من كاميرات وإضاءة وأجهزة بث مباشر وغيرها، كما تم تكليف مجموعة من الصحفيين ذوي الخبرة في تغطية مناسك الحج، ولم يبق إلا استلام الجوازات من السفارة والتوجه إلى البقاع المقدسة، لينزل خبر رفض منح التأشيرات كالصاعقة على الجميع.

والغريب في الأمر أن كل الإشارات التي وصلت المسؤولين في مجمع “الشروق” كانت تؤكد أن الأمر يتعلق ببعض المماطلة من قبل السلطات السعودية، وهو الأمر الذي فسر حينها بالضغط الكبير على السفارة السعودية التي تصلها آلاف الطلبات بخصوص التأشيرات، غير أن الأمر بدأ يثير بعض القلق خلال الأيام الأخيرة، ذلك أن المسؤولين في مجمع “الشروق” قاموا بكل الترتيبات الإدارية اللازمة حيث تمت مراسلة وزارة الخارجية السعودية في الموضوع ووزارة الإعلام وحصلوا على كل التراخيص اللازمة لمزاولة التصوير والعمل في البقاع المقدسة، كما تم الاتصال بالكثير من العلماء والشيوخ ليكونوا ضيوفا على برامج “الشروق” كما جرت العادة، وهي جهود كلها تبخّرت بسبب قرار السلطات السعودية.

 

تعاون مثمر مع السّفير السعودي ينتهي بصدمة!

وقد علمت “الشروق” من مصادرها الخاصة أن قرار السلطات السعودية جاء إثر تقرير مفصل أرسلته السفارة السعودية في الجزائر إلى الخارجية السعودية، جاء فيه أن مجمع “الشروق” بفروعه، خاصة الجريدة والقناة، يعتبر هيئة إعلامية معادية للملكة العربية السعودية. وحرصا عل استمرار علاقة التعاون بين مجمع “الشروق” والسفارة السعودية، وبخاصة السفير الحالي الذي تربطه علاقة صداقة وثيقة مع عدد من مسؤولي “الشروق” وكان أول سفير سعودي ينزل ضيفا على منتدى “الشروق”.. حرصا على هذا التعاون، بادر السّيد علي فضيل، الرئيس المدير العام لمجمع “الشروق”، رفقة مسؤول العلاقات العامة بالمجمع، الأستاذ العربي زواق، بالاتصال بالسفارة والتنقل إلى مقرها بغرض إذابة الجليد وتجاوز بعض الخلافات إن وجدت، وقد التزم سعادة السفير بإيجاد حل للمشكلة، وقال: “إن السّفارة راسلت الخارجية السعودية في الموضوع” ثم أبلغت السفارة مسؤولي المجمع برفض منح التأشيرات.

 

“رسائل الحرمين” .. وداعا

وكانت النتيجة المؤسفة هي حرمان المشاهد الجزائري الوفي لقنوات “الشروق”، من متابعة باقة البرامج التي ألف مشاهدتها وبعضها يدخل في موسمه الثالث أو الرابع، كما هي الحال مع البرنامج المتميز “رسائل الحرمين” الذي قدم للجزائريين صورة مقرّبة لقبلتهم الأولى بكل مشاعرها المقدسة، من خلال سلسلة من الروبورتاجات والحوارات، وسلط الضوء على الأشغال الجارية لتوسعة الحرم وصيانته ونظافته. وقد مر الكثير من المشايخ والعلماء على هذا البرنامج الذي حرم منه الجزائريون هذا العام… هذا البرامج وغيره من البرامج والتّغطيات والحوارات التي أنجزتها بعثات “الشروق”، خلال المواسم الماضية، كانت محل ثناء وشكر من قبل المسؤولين عن المشاعر في البقاع المقدسة، بل إن وزارة الإعلام السّعودية كانت راضية تماما عن العمل الاحترافي لبعثات “الشروق”، خلال السّنوات الخمس الماضية، وهذا ما يفسر حصول “الشروق” على كل التّراخيص والتسهيلات، لمزاولة العمل في البقاع المقدسة، لولا القرار المفاجئ بعدم منح التأشيرات لأفراد البعثة.

وعلى الرغم من أن السّفارة لم تقدّم مبررات لرفض منح التأشيرات لبعثة “الشروق”، في الوقت الذي مكّنت فيه كل مبعوثي الصّحف والقنوات الجزائرية الأخرى من التأشيرة، بما فيها الجرائد الصغيرة والقنوات التي لا تحظى بنسب مشاهدة تذكر، فإن تساؤلات عديدة تطرح بشأن هذا القرار الذي تُشتم منه رائحة السّياسة؟

 

الحج في قلب متاهة “التسييس”!

هل ذنب مجمع “الشروق” أنه رفض التموقع لصالح طرف عربي على حساب طرف عربي آخر؟ وهل ذنب مجمع “الشروق” أن فروعه، سواء الجريدة أم المجلة أم القنوات أم المواقع الإلكترونية، حاولت معالجة الأزمات العربية- العربية باحترافية ومهنية وعدم التحيز إلى هذا الطرف العربي أو ذاك؟ وهل من الخطإ مهنيا وأخلاقيا أن نجد في مؤسستنا الرّأي والرأي الآخر؟… نعم الكثير من المقالات والبرامج التلفزيونية جاء فيها انتقاد إلى السّعودية، لكن هناك كذلك العشرات من المقالات التي تنصف السعودية وتقول إنها تمثل حصنا منيعا للجموح الإيراني في المنطقة، فلماذا لا ينظر المسؤولون في الخارجية السعودية إلا إلى النصف الفارغ من الكأس؟ ثم إنّ “الشّروق” منبر للجميع، ما لم يتعد الخطوط الحمراء، وهي المساس بالمقدسات والثوابت الوطنية والوحدة الترابية، وكذلك المساس بحق الشعب الفلسطيني في مكافحة المحتل.. غير ذلك، فإن “الشروق”، بكل فروعها، لا تستطيع أن تتلون بلون واحد، وقد نشرت عشرات المقالات التحليلية التي تتناول الشأن العربي، وفيها انتقاد إلى اللاعبين الرئيسيين في المنطقة العربية.

الآن، وبعد كل الذي حصل، تبقى المملكة العربية السعودية دولة محورية في المنطقة العربية، ومدافعا رئيسا عن مصالح العرب والمسلمين في العالم أجمع، ومن هذه الخلفية ينبغي مؤازرتها والوقوف إلى جانبها هي والدول العربية المحورية الأخرى مثل الجزائر تماما. وعليه، فإن ما نتمناه هو أن يكون ما وقع من منع بعثة “الشروق” من السفر إلى المملكة العربية السعودية مجرد سحابة صيف عابرة…

مقالات ذات صلة