العالم
وجد نفسه في صدام مع السبسي

“الشاهد” يسير على خيط رفيع وسط عاصفة الصراع السياسي بتونس

الشروق
  • 443
  • 2
ح.م
رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد

نجا رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد من محاولات حزبه “نداء تونس” والنقابات لإقالته من منصبه، لكن في وقت تلوح فيه الانتخابات في الأفق، لا يبدو أن الطريق أمامه سالك لتنفيذ إصلاحات اقتصادية بدعم من صندوق النقد الدولي.

ويأمل المانحون الغربيون في بقاء الشاهد من أجل الاستقرار في البلد الذي شهد تسع حكومات منذ الإطاحة بحكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي في 14 جانفي 2011.

وتونس في قلب أزمةٍ اقتصادية عاصفة منذ نحو ثماني سنوات مع عزوف المستثمرين وارتفاع عدد العاطلين، وتسعى لدعم ميزانيتها عبر قرضٍ بقيمة 2.8 مليار دولار من صندوق النقد الدولي الذي يضغط على تونس لتسريع نسق الإصلاحات والذي يعارضه اتحاد الشغل بشدة.

وبدأ الشاهد (43 عاما) بعض الإصلاحات الضريبية ورفع أيضا أسعار المحروقات عدة مرات هذا العام وصمد أكثر من عامين في المنصب وهي أطول فترة لرئيس حكومة بعد ثورة 2011.

لكن طيلة الأشهر الماضية، ظل رئيس الحكومة يصارع لبقاء حكومته والمضي قدما في برنامجه الاقتصادي.

ومع اقتراب محطة الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي يتوقع أن تجري العام المقبل، زادت حدة الصراع السياسي بين اللاعبين الرئيسيين في البلاد.

ويقول المحلل منذر بالضيافي لرويترز “الصراع غير مسبوق بين الحكومة والرئاسة.. ما حصل هو أن الشاهد أراد ممارسة كل صلاحياته الدستورية بما فيها الإقالات، لكنه وجد نفسه في صدام مع رئيس تعوَّد أن يحكم بمفرده وأراد رئيس حكومة شابا لتحريكه مثلما يشاء”. وقال إن السبسي فوجئ بأن هامش التحرك لديه أصبح ضعيفا في اتخاذ القرارات، وفوجئ برئيس حكومة له طموحات سياسية قوية.

ويستمد الشاهد ثقته وتمرده على قيادة حزبه من حصوله على دعم “النهضة”، وهي القوة الأولى في البرلمان ولها 69 نائبا، والتي تقول إنها تدعم الاستقرار الحكومي في وقت حساس تحتاج فيه البلاد إصلاحات اقتصادية.

والشاهد واثقٌ أيضا من الحصول على دعم كتلة برلمانية اسمها “الائتلاف الوطني” تضم 43 نائبا من بينهم نواب استقالوا من حزب “نداء تونس” وآخرون أعلنوا كلهم دعم الاستقرار الحكومي. وتحتاج حكومة الشاهد 109 صوت في البرلمان وهو أمر أصبح على الأرجح في المتناول إذا تم عرض الحكومة على البرلمان لنيل الثقة.

ويسير رئيس الحكومة الشاهد على خيط رفيع محاولا تجنب السقوط وسط عاصفة الصراع السياسي المحتدم وضرورة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية المؤلمة مع تخفيف المصاعب الاجتماعية على التونسيين. ولا يبدو أن الأزمة السياسية الخانقة التي تعيشها تونس تثير اهتمام عموم التونسيين بقدر اهتمامهم بالوضع الاقتصادي الصعب وتدهور قدراتهم الشرائية أمام ارتفاع غير مسبوق في الأسعار.

وتعاني فئاتٌ واسعة من التونسيين ويلات المشكلات الاقتصادية منذ ثورة 2011، لكن الشعور بالضيق زاد في الآونة الأخيرة مع صعود الأسعار بشكل كبير ووصول التضخم إلى مستويات قياسية بلغت 7.8 بالمئة إضافة إلى نقص العديد من السلع في الأسواق وهبوط احتياطي تونس من العملة الأجنبية الذي وصل قبل يومين إلى أدنى مستوياته عندما يغطي حاجة الواردات في 68 يوما.

لكن رغم تجاوز الشاهد لعقبات، فإن مهمته لا تبدو يسيرة في إدارة معركة أخرى معقدة مع اتحاد الشغل ذي النفوذ القوي والذي أعلن اعتزامه تنظيم إضرابين في القطاع العام والوظيفة العامة في شهري أكتوبر ونوفمبر المقبلين احتجاجا على خطط حكومية لبيع شركات عامة وتراجع القدرة الشرائية للتونسيين وارتفاع التضخم.

والشاهد أمام خيار صعب بين ضرورة القيام بالإصلاحات الاقتصادية التي يطلبها المقرضون لخفض العجز في الميزانية، ومن بينها تجميد الأجور، وبين طلبات النقابات التي تريد زيادات محترمة تتلاءم مع الوضع الصعب للموظفين والطبقات الضعيفة وعدم خصخصة الشركات العامة.

ع. س

مقالات ذات صلة