-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الشراكة والشرك

الشراكة والشرك
أرشيف

نجحت الجزائر في بعض المشاريع الاستثمارية بالشراكة مع بعض المؤسسات العالمية، وسط فشل ذريع ومزمن مع الغالبية، وقدَّمت نماذج مبشِّرة بيّنت بأن نقل التكنولوجيا ممكن، والجزائر بإمكانها أن تنتج وتكتفي ذاتيا وتصدِّر إلى الخارج، بعد أن أغرقوها على مرّ عقود في استثمارات السيارات المركَّبة والشوارمة والحفاظات وغيرها من المواد الاستهلاكية، فعندما نعلم بأن الجزائر باشرت تصدير الحديد والإسمنت عبر مصانع عملاقة تُشغل آلاف الشباب، ولها آفاق كبرى قد تقفز بها إلى قمة الدول المصدرة لهذه المواد الاستراتيجية غير البترولية، ندرك بأن الشراكة بعيدا عن “السجن” الفرنسي مع دول آسيوية وعربية يمكنها أن تحقق للجزائر الانطلاقة التي يحلم بها المواطنون، والتي طال انتظارُها.

وما يحققه حاليا مركّب بلارة من فتوحات إنتاج وفائض وتصدير وتطور مدهش في تنويع إنتاجه، وشركات جيكا وبني صاف من انتصارات أوصلت الإسمنت الجزائري إلى أقصى الدنيا، يبيّن بأن الشراكة الهادئة والمدروسة بعيدا عن الذوبان في الآخر، يمكنها أن تفتح للجزائر أبوابا اقتصادية جديدة بعيدة عن النظرة الدونية لبعض الأطراف الداخلية والخارجية التي حاولت أن تُغرقها في قطرات البترول الذي إذا جفّ ضاعت البلاد مع تبخُّره.

لقد فشلت كل “الشراكات” التي كانت تنظر إلى الجزائر على أنها بقرةٌ حلوب، ولا تمد إليها يدها، إلا إذا كانت مخضَّبة بالبترول، أو إذا خص الأمر سوقا استهلاكية كما حدث مع مختلف شركات السيارات الفرنسية التي باعت متاعها “المنتهي الصلاحية” وغادرت محملة بالملايير من أموال الشعب والدولة الجزائرية أمام مسؤولين يؤمنون بأن هذه الشركات لا تريهم إلا ما ترى في شبه عبودية عمياء لبعض المؤسسات الفرنسية على وجه الخصوص، فضيَّعت الجزائر على نفسها فرصة قد لا تتكرر أبدا بطوفان من المال قارب الألف مليار دولار، من أجل الإقلاع الاقتصادي الذي كان سيصنع من الجزائر، يابانا جديدة أو على الأقل تركيا جديدة.

الركوب المتأخِّر للقطار، هو بالتأكيد أحسن من تضييعه نهائيا، والفرص مازالت قائمة لأجل تحجيم على الأقل التبعية التي جعلت الجزائر البلد الأكثر اتكالا على ما ينتجه غيرُها، فعندما نعلم بأن فرنسا هي أكبر مصدِّر للتمور في العالم وهي لا تمتلك نخلة واحدة، وتصدر تركيا السيارات بقيمة تتجاوزالـ25 مليار دولار، وهي غير قادرة على فك طلاسم تصنيعها وابتكارها، ندرك بأن الجزائر بإمكانها استنساخ نجاحاتها في تصنيع الإسمنت والحديد مع شركاء جادّين يبحثون عن مصالحهم من دون الدوس على مصالح الجزائر، وهذا في قطاعات كثيرة، ومنها بالخصوص التي تمتلك فيها الجزائر ثرواتٍ لا تزول مثل الطاقة الشمسية والفلاحة بجميع أصنافها والصناعات الخفيفة والسياحة بكل أنواعها من ثقافية وحموية وصيفية وشتوية، وحينها لن تكون للقراءات الاستشرافية والإشاعات المستفزة التي تتحدث عن جزائر بلا بترول أو زواله بعد أربع سنوات، أي أثر على نفسية الجزائريين، الذين صاروا يتابعون خفقات ارتفاع وانخفاض أسعار النفط، أكثر من متابعتهم لنبضات قلوبهم الرهيفة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • لزهر

    التفكير في الفلاجة الشمسية من أحسن الطرق للأقلاع الأقتصادي َ و قد تمكنت سونطراك من حفر 10 أبار إرتوازية في ولاية الواد تعمل 100 % بالطاقة الشمسية.