جواهر
وجهات نظر

الشهادة سلاحك

أماني أريس
  • 1377
  • 10
ح.م

لم يعلق في ذاكرتي أن أحدهم سألني يوما من الأيام لماذا تدرسين، حتى معلمينا ذات عهد طفولي لم يطرحوا علينا هذا السؤال؛ بل كانوا يسألوننا ماذا تتمنون أن تصبحوا في المستقبل، لقد تدرجنا صعودا في مراتب التعليم ولم نعرف لماذا نتعلم، درسنا مرارا وتكرارا أن طلب العلم فريضة، وعبادة جليلة، وأن العلم لبنة ارتقاء الأمم وتطورها لكنهم لم يعلمونا أي علم يقصدون وكيف يحقق ذلك، وهكذا بقينا لا نعرف لماذا ندرس ونتعلم. أو بالأحرى تلقينا الإجابة من مصدر آخر يقول لنا أن الشهادة سلاح للزمن خاصة للمرأة!

منذ الصغر نشأنا على فكرة مستقبل يتوعدنا بالهجوم ليسلب منا حق العيش الكريم، ولا سبيل لهزمنا له نحن معشر الفقراء والبسطاء سوى بحيازة “سلاح الشهادة “. بهذا المفهوم توالت الأجيال المتعلمة جاهلة بهدف وغاية تعليمها ولا ترى منه سوى “سلاحا للزمن”.

منذ أن أصبح العلم سلاحنا في معركتنا ضد الزمن من أجل العيش الكريم، وأصبح لقبا للتشدق، فقد قيمته ومات أثره ولم نعد نجده في حياتنا؛ اللهم أبجدية نتهجى بها وصفات الدواء، ويافطات الشوارع والرسائل…أما العلم كمشروع حياة فهو الضرورة المغيبة التي نصنع بها سلاحا حقيقيا يرتقي بنا جميعا إلى مصاف الدول المتطورة ونضمن به العيش الكريم بنزاهة.

سبر آراء بسيط لعيّنة من الناجحين في امتحان شهادة الباكالوريا، سيكشف لنا أن لا سبب لسعادتهم سوى أنهم لمسوا لقب النجاح وكفى، ولا غاية لتلك الشهادة التي حازوها بأيد مرتجفة من الارتباك والغبطة سوى أنها جواز سفرهم إلى “الجامعة” ومن ثم إلى “السلاح” ومن ثم ماذا؟ مئات المحاسبين والمقتصدين لا يتقنون تسيير ميزانيتهم الصغيرة، ومثلهم من المهندسين المعماريين عاجزين عن تصميم منازلهم، ونفسانيين لا سبيل لهم للتحرر من عقدهم النفسية فيورثونها لأبنائهم…الخ

العيب ليس في أن يكون العلم سببا في أرزاقنا، لكن العيب أن لا يتم تحصيله سوى لهذا السبب، بينما تغيب كليا مسؤولية الإحسان في تحصيله بهدف الإحسان في استغلاله في الحياة ليعم نفعه على الوطن والبشرية جمعاء.

مقالات ذات صلة