الرأي

الشّرف المظنون

ح.م

جاء في جريدة “الشروق” (ليوم 11 مارس 2020 ص6) أن الأستاذ أبو عبد الله غلام الله، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى “مع نقابة الأشراف التي تقوم على إرشاد المجتمع وتكوين الأئمة المبتدئين”، بدلا من هذه النقابة التي فقرتها “الأهواء” على نقابتين، خاصة أن “نقابة الأشراف” ليست تقليدا لـ”Syndicat” “سيدهم السعيد”، وإنما هي بنت المجتمع المسلم.. وقد كان في مدينة الجزائر قبل الغزو الفرنسي نقابة للأشراف، وكان يرأسها في بداية الغزو الفرنسي اللعين شخص يسمى “أحمد الشريف الزهار”، ويبدو أن آخر نقيب لهؤلاء الأشراف هو “محمد الشريف الزهار”..

وقد ترك أحمد الشريف الزهار كتابا من جزءين، أولهما نشره الأستاذ أحمد توفيق المدني، وهو عن السبعين سنة قبل الاحتلال الفرنسي اللعين، وأما ثانيهما الذي يتناول بداية ذلك الاحتلال وفظائعه فقد أعدمه الفرنسيون بعدما أخذه مدير الشؤون الأهلية لوسياني..

لقد خاض الخائضون، وكتب الكاتبون، و”ادعى المدعون” في مسألة “الشرف”، أي انتساب أناس إلى العُـتــرة النبوية الشريفة، على أصلها أفضل الصلاة وأزكى التسليم.

لقد كان هؤلاء “الأشراف”، أو أدعياء الشرف، أزواجا ثلاثة، منهم السابقون بالخيرات، ومنهم المقتصدون، ومنهم الظالمون.. وحتى لا يتكل أحد من هؤلاء الأشراف على هذا الشرف، ويقصّر في العمل قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لبضعته: “يا فاطمة، اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئا..”، أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

ومما ذكر أنه كان في مدينة فاس، في أيام السلطان المريني أبي عنان، نقيب للأشراف، وكان إذا دخل مجلسا، بما في ذلك مجلسا، بما في ذلك مجلس السلطان، يقف الجميع احتراما لشرفه النبوي، ولكن الإمام أباب عبد الله محمد المقري التلمساني لم يكن يقف لهذا النقيب.

في إحدى المرات لاحظ ذلك النقيب على الإمام المقري عدم قيامه تبجيلا لرسول الله، عليه الصلاة والسلام، فرد عليه الإمام المقري بقوله: “شرفك مظنون، ومن لنا بصحته منذ أزيد من سبعمائة عام، ولو علمنا شرفك قطعا لأقمنا هذا من هنا- وأشار إلى السلطان أبي عنان- وأجلسناك مجلسه…”، (محمد بن الهادي بن الأجفان: الإمام أبو عبد الله محمد المقري التلمساني، الدار العربية للكتاب. ص 134).

وفي أوائل القرن العشرين كتب الشيخ عاشور الخنقي كتابا تحت عنوان “منار الإشراف على فضل عصاة الأشراف مواليهم من الأطراف”، وقد تصدى له كل من الشيخ صالح ابن مهنّ، والشيخ محمد ابن عبد الرحمن الديسي، الذي كتب كتابا تحت عنوان “هدم منار الإشراف”.

إنني لست مع “نقابة أشراف”، ولست مع “Syndicat” للأمة، ولكنني أدعو إلى احترامهم وإعطائهم حقوقهم، ومحاسبتهم على ما يقدمونه علما وعملا. فبعضهم ليسوا على شيء، وبعضهم “يحتلون” مساجد كبيرة ومبلغهم من العلم قليل، وسلوكهم مشين.

مقالات ذات صلة