-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
ماذا بعد رمضان؟

الشّواطئ وسهرات الأعراس تمحو آثار رمضان!

سلطان بركاني
  • 1804
  • 0
الشّواطئ وسهرات الأعراس تمحو آثار رمضان!

مع رحيل رمضان، بدأت كثير من الأسر الجزائرية تعدّ العدّة لإحياء اللّيالي المِلاح مع سهرات الأعراس، التي لا تخلو في غالب الأحيان من “الديسك جوكي” وتوابعه، وتتهيّأ لقضاء أيام العطلة الصّيفية على شاطئ البحر، مع ما يتخلّل ذلك من إضاعة للصّلوات وكشف للعورات وتوسّع في الاختلاط، ينسى معه بعض الرّجال أنّهم مسلمون، وتنسى بعض النّساء أنّهنّ مسلمات، وينسى هؤلاء وأولئك أنّهم كانوا قبل أيام قلائل بين صيام وقيام، وذكر وقرآن، وقربات وطاعات، كان يفترض أن تبقى آثارها في قلوبهم وأحوالهم لأسابيع وشهور.

في سنوات مضت كان شهر الصّيام يحلّ في أعقاب فصل الصيف، فيمحو بنسماته ونفحاته لفحات الصّيف وغفلاته، ولكنّه في السّنوات الأخيرة تقدّم إلى بداية الصّيف، وهو ما وجد فيه الشّيطان، الذي تنشط تجارته ويكثر زبائنه في هذا الفصل، فرصة مناسبة لتعويض خسائره في شهر التّوبة والغفران، مستغلا الشّعور العامّ الذي يجده أغلب الصّائمين الذين يرون أنّ من حقّهم التّرويح عن أنفسهم بعد شهر كامل من الصيام والقيام، وهو مطلب مباح بل مرغّب فيه شرعا، لكنّ الشّيطان يسوّل لهم مواقعة كثير من المحظورات والتّهاون في كثير من الواجبات، باسم الرّاحة والاستجمام.

لو كان رمضان يدوم 11 شهرا كاملة، ليعقبه شهر واحد من أشهر الصّيف، لكان ذلك كافيا أن تأتي الشّواطئ وسهرات الأعراس على حصاد الشّهر الفضيل لتمحو آثاره، كيف ورمضان شهر واحد يعقبه شهران من أشهر الصّيف، تُقام في كلّ ليلة من لياليهما عشرات الحفلات الصّاخبة في المدينة الواحدة، وتكتظّ الشواطئ في أيامه بالمصطافين؟.

وكيف لا يُنسى رمضان وتُمحى آثاره، مع سهرات الأعراس التي تجلجل فيها أغانٍ فاضحةٌ تحوم كلماتها حول كؤوس الخمر ووصف النّساء وتمجيد العلاقات المحرّمة والحبّ الزّائف؛ أغان سجّل أكثرها في الحانات والملاهي وعلب اللّيل، يغنّيها مغنّون معروفون بالفجور ومعاقرة الخمور؟.. سهرات تنسل إليها النّساء وهنّ في كامل زينتهنّ بعد أن ألقين حجُبهنّ وراءهنّ ظهريا، ليختلطن بالرّجال، ويصل الأمر ببعضهنّ إلى الخروج للرّقص أمامهم على وقع أصوات الطّبول والمزامير.. سهرات يتداعى إليها الشّباب من كلّ حدب وصوب، ليقضوا ليلة حمراء صاخبة، ينجلي غبارها في الصّباح عن ساحة مليئة بزجاجات الخمر وأعقاب السّجائر المحشوة بالمخدّرات؟.

وكيف لا يُنسى رمضان وتنسى أيامه ولياليه في الشّواطئ التي تختلط فيها الأُسر، وتلقي كثير من النّساء والفتيات حُجبهنّ على مشارفها وكأنّهنّ أمام محارمهنّ، وآباؤهنّ وأزواجهنّ لا يحرّكون ساكنا، بحجّة أنّهنّ أمام البحر، ومن حقّهنّ أن يستمتعن بنسماته، ولو كان ذلك على مرأى من الرّجال الأجانب، وعلى مرأى شباب لا يرعون حرمة ولا دينا، ولا يجدون حرجا في ترصّد النساء وتصويرهنّ وربّما التشبّب بهنّ بعد أخذ جرعات من أمّ الخبائث!.

إنّها والله لخسارة عظيمة أن تذهب طاعاتنا التي قدّمناها في شهر الرّحمات أدراج الرياح، ونقع فريسة سهلة لحبائل الشّيطان الذي يغرينا بنقض غزْل رمضان، ونسيان الصّيام والقيام والقرآن.. لقد آن الأوان أن نراجع أحوالنا ونفكّر في مآلنا، قبل أن يحيق بنا قول ربّناجلّ وعلاكما في الحديث القدسيّ: (وعزّتي وجلالي، لا يكون عبد من عبيدي على ما أحبّ، ثم ينتقل عنه إلى ما أكره، إلا انتقلت له ممّا يحبّ إلى ما يكره).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!