-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الطبقة المتوسطة في صلب اهتمامات الرئيس تبون

محمد بوخطة
  • 927
  • 0
الطبقة المتوسطة في صلب اهتمامات الرئيس تبون

لفت انتباهي ما ورد في تصريح وزير الاتصال محمد لعقاب ـ بعفويته المعهودة ـ حين تحدث عن “بكاء رئيس الجمهورية على الطبقة المتوسطة” وسواء كانت عبارته على سبيل المجاز أو الحقيقة، فلا ينكر منصفٌ أن رئيس الجمهورية جعلها في صلب اهتماماته، رغم الوضعية المادية غير المريحة بالمقارنة مع كنا عليه لسنوات خلت.

إن الزيادات المتكررة وغير المسبوقة في أجور الموظفين والعمال، ثم الأمر بمراجعة القوانين الخاصة القطاعية للفئات المكوِّنة لهذه الطبقة بما يثمِّن خصوصيتها ويجعلها في مركز العناية والإهتمام: الأستاذ في التربية والإمام في الشؤون الدينية والطبيب في الصحة، تجسيدٌ معتبر لهذا التوجه في أداء السلطة العليا في البلد.

إن الطبيعة المادية الجشعة والمتوحشة للأنظمة الرأسمالية في العالم اختزلت مجتمعاتها في أغنياء جداً وفقراء جداً، لتندثر الطبقة المتوسطة في كثير من تلك المجتمعات.

إن اهتمام السلطة السياسة في البلاد بإحياء الطبقة المتوسطة والعناية بالفئات المكوِّنة لها، هو ثورة على تلك الطبيعة المتوحِّشة التي لا تقيم وزناً للكرامة الإنسانية أمام هيمنة رأس المال والمصلحة الاقتصادية الصَّرفة.

إنّ الطبقة المتوسطة هي الواجهة الحقيقية المعبرة عن الطبيعة الاجتماعية الإنسانية في سياسات الدولة الاقتصادية ومدى تحقيقها لقدر من الرفاه الاجتماعي الذي يصون الكرامة الإنسانية ويحسِّن ظروف معيشة المواطنين ويرتقي بحياتهم.

إنّ اتساع هذه الطبقة أو انحسارها، مؤشر حقيقي في التعبير عن مدى الطبيعة الاجتماعية لنظام الحكم من جهة، ومن ثم توسيع القاعدة الشعبية لهذا النظام.

بمقتضى الانصاف والمسؤولية، فإن هذا التوجه في اهتمامات رئيس الجمهورية جديرٌ بالإشادة والتنويه، يقع العبء بعد ذلك على الجهات التنفيذية والتقنية في مؤسسات الدولة ومدى كفاءتها في تجسيده وترجمته إلى واقع مريح يشعر به المواطن ويستفيد منه.

إن كفاءة المسؤولين والمتحدِّثين باسم الدولة ومدى حرصهم وانسجام أدائهم، هو الفارق الذي يثمِّن مثل هذه التوجُّهات ويقنع المواطنين بأحقية هؤلاء وجدارتهم في المسؤوليات، ذلك ما يعزز علاقة المواطن بالسلطة السياسية ويرسِّخ أركان الحكم والدولة.

كثيرا ما نقوم بأعمال جليلة ولكننا لا نُحسن توظيفها وتقديمها للمواطن فلا يحصل أثرُها ولا يثمن نفعها، إن هذا في حد ذاته يحتاج إلى عبقرية خاصة في تتبع آثارها الإيجابية وتنزيلها في شكل خطاب إعلامي بسيط وواقعي ومقنع يُغري بتداوله.

بحكم ممارستي البسيطة في هذا المجال، ألاحظ أن المشتغلين بالصِّحافة والإعلام يعسر عليهم أحياناً متابعة بعض الشؤون المتخصصة لتوسيع تداولها، فالاحتراف درجات، والاهتمامات مختلفة، ولكن عندما تشتغل الجهة صاحبة الأداء نفسها، وبمرافقة مؤسسات الدولة المكلَّفة بالإعلام على حسن عرض أدائها وتقديمه للاستهلاك الإعلامي بالشكل والمضمون المناسب والمغري، وبالعبارة البسيطة والأسلوب السلس بعيداً عن التأنُّق الفارغ والدمغجة المقيتة، حينها سيجد مداه في التداول الإعلامي، وسيحقق الأثر السياسي الذي يحفِّز السلطة السياسية أكثر على خدمة شعبها.

ثم إنه كلّما اتسع صدر الإعلام العامّ والخاص وانفتح أكثر على عرض الآراء المختلفة ـوحتى المتضادةـ في مناقشة القضايا وطرحها في حدود الالتزام القانوني والاجتماعي والأخلاقي، أثّر ذلك إيجاباً على تحويل الخطاب الرسمي إلى خطاب شعبي يغري بالرضا به، وأمَـدَّ مؤسسات الدولة المهتمة والمتخصصة في هذا الشأن بمادة دسمة تستفيد منها في تطوير أدائها وإثراء قاموسها، فضلاً عما لذلك من أثر إيجابي على الساحة السياسية.

هؤلاء في عين اهتمامات الرئيس

راقني جداً ما يتردد في بيانات مجلس الوزراء حول قانون الإمام وقانون الأستاذ.

إن محاولة حصر الطبقة المتوسطة في الفئات الواسعة الممثلة لها، الأساتذة والأئمة والأطباء، بقدر ما يبدو بسيطا، أراه متقدّماً ودقيقاً في تعريف هذه الطبقة وعملياً جداً في تحقيق العناية بها، لقد أصبح الأستاذ والإمام والطبيب في صميم اهتمامات رئيس الجمهورية. إن هذه الفئات تمثل الأرضية الصلبة التي يقوم عليها بناء مستقبل المجتمع والدولة.

إن العناية المادية والمعنوية بهذه الفئات لابد أن تمر من خلال نسق قانوني منصف ومتوازن، مؤطر باحترام ترتيب التشريع حتى يكتسي الانسجام، فيكتسب الديمومة والاستمرار بعيداً عن الترقيع والتلفيق، لذلك أمر رئيسُ الجمهورية بمراجعة القوانين الخاصة والأنظمة التعويضية في هذه القطاعات، مثل هذا القرار يكفي السلطة العليا في البلاد، وعلى مؤسسات الدولة التنفيذية والتقنية المتخصِّصة الاجتهاد في تجسيده بما يستجيب لاهتمام هذه السلطة وطموح تلك الفئات.

وحرصاً على تقريب وجهات النظر ومدّ جسور التواصل بين طموح هذه الفئات وأداء مؤسسات الدولة ومؤازرة لها تأتي هذه المساهمة.

ـ إن الإطار العامّ للقوانين الخاصة القطاعية هو الدستور أولاً بطبيعة الحال، ثم الأمر الرئاسي 06ـ 03 المتضمّن القانون الأساسي العامّ للوظيفة العمومية.

إن الوظيفة العمومية هي الواجهة التي ينظر من خلالها المواطن إلى الدولة ومؤسساتها في مجال خدمته، وإن النص القانوني المؤطِّر لهذه الوظيفة ينبّئ من خلال عنوانه بأنه يمثل الإطار العامّ الذي يحكمها، وقد أحال معالجة الخصوصية القطاعية على نصوص أخرى سمّاها “القوانين الخاصة” شرط ألا تخرج هذه المعالجة عن السياق العام الذي يرسمه النص الأساسي.

هنا يجدر التنبيه إلى أن المبالغة في المقارنة بين القوانين الخاصة القطاعية ومحاولة مطابقتها يخرج بها عن ماهيتها، وعن الطبيعة التي وُجدت لأجلها وهي معالجة الخصوصية، فلو افترضنا جدلاً الإقرار بذلك الإفراط في المقارنة، فإنَّ الأولى أن نقتصر على القانون العامّ وكفى، هذه ملاحظة منهجية مهمة لا يجوز إغفالها حتى لا تشتط بنا المطالبات.

إن القوانين الخاصة أشمل من أن يقتصر دورُها على تحسين الوضعية المادية للموظف، إنها تعالج الخصوصية القطاعية فيما يتعلق بتنقيح المَهمّة المرتبطة بالوظيفة وتحديدها، ثم تأطير تفاصيل الحياة الوظيفية، وتنظيم المسارات المهنية وضبط علاقات العمل وتحدد الوضعيات القانونية المختلفة وتقريرها.

إذا كانت المَهمّة الأساس في التربية والتعليم العالي هي العملية التعليمية، فإن الأستاذ هم محورها.

وإذا كانت المهمة الأساس في قطاع الصحة هي التطبيب، فإن الطبيب هو محورها.

وإذا كانت المهمة الأساس في الشؤون الدينية هي الإرشاد والتوجيه، فإن الإمام هم محورها.

من هنا كانت قناعتي بوجاهة خيار رئيس الجمهورية في إيلاء العناية الخاصة لهؤلاء.

ـ   أما الإطار الثاني لهذه المعالجة فهو المرسوم الرئاسي 07 ـ 304 المتضمن الشبكة الاستدلالية لمرتبات الموظفين ونظام دفع أجورهم.

يتقرر الأجر الرئيسي للموظف من خلال المادتين الرابعة والخامسة من هذا المرسوم، هذا الأجر مرتبط بشكل ما بالوضعية القانونية التي يقررها القانون الأساسي والالتزامات المرتبطة بها.

غير أن المادة السابعة كانت واضحة في إقرار المنح والتعويضات المثمِّنة لممارسة العمل والنشاط والظروف الخاصة المرتبطة به، إنها المادة المؤسِّسة للنظام التعويضي، ومن هنا كانت قناعتي بوجاهة اقتران مراجعة القوانين الخاصة بمراجعة الأنظمة التعويضية من أجل تحسين الوضعية المادية للموظفين، إنه موقفٌ قانوني لمن يحسن قراءة النص القانوني وليس موقفاً فكرياً أو خياراً عملياً.

في ختام هذه الفقرة أقول: إن الالتزام بالإطار التشريعي في هذه العملية ـوفي غيرهاـ مهمّ لكي يحمينا من تناقضاتنا ويكون حاكماً ومرجحاً بين وجهات النظر حين تختلف وتتباعد، إنه تعبير عن الثقافة القانونية والالتزام القانوني التي يجب أن يكون جزءا من أخلاقنا.

إن أمر رئيس الجمهورية كان واضحا في ضرورة إفراد كل فئة مميِّزة لقطاع بقانونها الخاص، ومراجعة نظامها التعويضي بما يثمّن المَهمّة المنوطة بها وخطير أثرها على المجتمع، فإلى أين وصلت هذه العملية؟

أولاً: في قطاع التعليم العالي

كمتابع، ودون الخوض في التفاصيل، يبدو أن قيادة هذا القطاع كانت أقرب إلى تجسيد أمر رئيس الجمهورية، فقد عملت بالتوازي على القانون الخاص والنظام التعويضي، على أن تدخلها على القانون الخاص لم تؤثر على فلسفة بناء التصنيفات وترتيبها، وقد انصرفت أكثر إلى تفصيل المهام وتدقيقها، وتدخّلت على النظام التعويضي بما حقق زيادات معتبرة ومبرَّرة في أجور مستخدَميها، فنال العمل رضا الغالبية وتمت المصادقة على المشروعين معاً وانتهى الموضوع.

يكفي أن نعرف أنه في التعليم العالي هناك ثلاثة قوانين خاصة بالأساتذة: قانون الاستاذ الباحث، قانون الأستاذ الباحث الدائم، وقانون الأستاذ الاستشفائي.

ثانياً: في قطاع الشؤون الدينية

إن القوانين الخاصة ليست نصوصاً قانونية مجرّدة بقدر ما هي تجسيدٌ لفلسفة معينة وتنفيذ لاستراتيجية محددة مرتبطة بمشروع المجتمع والثقافة السياسية السائدة.

يبدو أن فلسفة إعادة بناء القانون الخاص لم تنضج بعد في قطاع الشؤون الدينية أو لم تكتمل فتجاوزها مجلس الوزراء، لا يبدو لي أن ذلك يعني إلغاء المراجعة ولكنها مؤجَّلة إلى حين اكتمالها، وهو مسلك سليم بعيداً عن العجلة التي تفسد العمل. في حين تمت المصادقة على النظام التعويضي الذي ثمَّن بشكل خاص الإمامة كوظيفة ورسالة في انسجام مع التوجيه العامّ في هذه العملية والذي يكرس العناية بالمهمة الأساس في كل قطاع.

إن النسق الذي يعمل به مجلس الوزراء يبدو هادئاً غير متعجل، يسعى إلى تجدير فكرة العناية بالطبقة المتوسطة، ليس ماديا فقط ولكن اعتباريا ومعنويا أيضا.

ثالثاً: قطاع التربية الوطنية

الحديث عن قطاع التربية في هذا الشأن وفي غيره حديثٌ ذو شجون بحكم انتمائي إليه ومعرفتي بكثير من التفاصيل التي لا يتيسّر لي معرفتُها في غيره.

وفي هذا الشأن بالذات ـ أقصد القانون الخاص والنظام التعويضي ـ كتبتُ العديد من المقالات على مدى سنوات فقط بهدف مؤازرة إدارة القطاع على حسن الأداء وعدم تكرار الأخطاء، لا أعتبر كتاباتي الحق المطلق أبداً ولكنها وجهات نظر متخصصة ومهتمة إن لم يكن فيها كبير فائدة فالقليل حتماً لن تعدمه. يبدو لي أن إدارة القطاع بحاجة إلى الانفتاح أكثر والاهتمام بما يردّده المهتمون بالشأن التربوي بتصويبه وتوجيهه إن كانت تراه مجانباً للصواب فتسدّ الأفواه المشوِّشة عليها بالكفاءة والتفوُّق أو بالاستفادة منه إن كان مفيداً.

يجدر التنبيه إلى أن المبالغة في المقارنة بين القوانين الخاصة القطاعية ومحاولة مطابقتها يخرج بها عن ماهيتها، وعن الطبيعة التي وُجدت لأجلها وهي معالجة الخصوصية، فلو افترضنا جدلاً الإقرار بذلك الإفراط في المقارنة، فإنَّ الأولى أن نقتصر على القانون العامّ وكفى، هذه ملاحظة منهجية مهمة لا يجوز إغفالها حتى لا تشتط بنا المطالبات.

لا أحد ينكر أن التعدُّد النقابي المبالغ فيه في قطاع التربية يثقل أداء إدارة القطاع من أجل التعاطي معه خاصة في الموضوعات الحساسة كموضوع الحال، غير أن قصور الاحترافية والمنهجية في الأداء أثقلَ أكثر أداء هذه الدائرة الوزارية.

إن الممارسة المغلقة في موضوع القانون الخاص فسحت المجال أمام التسريبات البريئة وغير البريئة التي تشوِّش على أداء الوزارة وتزيد الموضوع تعقيداً وتعطيلاً، وتثير التجاذبات بين مختلف الشركاء.

إن هذا الملف ليس سراً من أسرار الدولة يكتسي طابع الخصوصية الأمنية أبداً، إنه جزءٌ من الأداء الطبيعي لإدارة التربية الذي يمكن أن تتعاطى فيه علناً، حين تثق في خياراتها مجسِّدة إرادةَ الدولة، حتى تحقق أوسع اتفاق ممكن وتقترب أكثر من تحقيق طموح السلطة العليا في البلاد والتي تتطلع إلى الارتقاء بقطاع التربية الوطنية.

فضلاً عن أنّ العمل على هذا الملف يقتضي قبلاً فلسفة راسخة وتصوراً منضبطاً وموقفاً واضحا وحاسماً في قضايا لصيقة ومؤثرة مثل التكوين المتخصص والإدارة التربوية وعلاقات العمل والجودة التربوية… كل ذلك وفق منهجية هادفة ومتوازنة، بعيداً عن التلفيق في محاولة التوفيق بين وجهات النظر المتضاربة.

من جهة أخرى، فإن إغفال العمل على النظام التعويضي بالموازاة مع اشتغالها على القانون الأساسي منذ البداية ـرغم الإشارات المتعددة إلى ذلك من قبل المهتمين ـ جعلها تأتي متأخرة حين أمر الرئيس بإقران مراجعة القوانين الخاصة ومراجعة الأنظمة التعويضية.

إن المواقف التي قد تتبناها إدارة التربية الوطنية في هذا المجال، لا نحكم عليها بمنطق الخطإ والصواب، ولكنَّا نعتبرها خياراتٍ مشروعة تكتسب قوّتها من مدى قدرتها على الاقناع بها وحسن عرض أسبابها وتوجيهها، غير أن أمر الرئيس بخصوص المكانة التي يجب أن يتبوّأها الأستاذ وضرورة إفراده بقانون خاص تعتبر خياراً ملزماً لا يجوز إغفاله.

المادة السابعة كانت واضحة في إقرار المنح والتعويضات المثمِّنة لممارسة العمل والنشاط والظروف الخاصة المرتبطة به، إنها المادة المؤسِّسة للنظام التعويضي، ومن هنا كانت قناعتي بوجاهة اقتران مراجعة القوانين الخاصة بمراجعة الأنظمة التعويضية من أجل تحسين الوضعية المادية للموظفين، إنه موقفٌ قانوني لمن يحسن قراءة النص القانوني وليس موقفاً فكرياً أو خياراً عملياً.

لا أحب أن أبدي موقفاً خاصاً من أي خيار، ولكني أرى الفرصة مناسبة لحُسن استثمار توجُّه السلطة العليا في البلاد والذي أحسبه جريئا ومتقدِّما في اعتباره للأستاذية وضرورة إفرادها بالعناية المتميزة، يجب أن يرتقي أداؤنا في قطاع التربية إلى مستواه.

يبدو لي أن السياق الذي يعمل به مجلس الوزراء يشي بأحد أمرين: إما أن تُفلح إدارة التربية الوطنية في تكييف مقترحها ليجعل الأستاذ في مركز العناية كما أمر الرئيس، فيُصادق عليه، أو تتأخر في ذلك فيتأجل إلى حين تحقق ذلك كما حصل مع قطاع الشؤون الدينية وذلك باعتماد تعديل النظام التعويضي بما يحقق قدرا من العناية المادية المرتبطة بالمهام، ويؤجل النظر في القانون الخاص إلى حين يصبح عملاً متكاملا مجسِّدا لتوجيه السيد الرئيس وأمرِه.

هذه ليست دعوة للإبقاء على النص الحالي، كما يروِّج لذلك بعض ممارسي التضليل الإعلامي والذين ينطلقون من ذواتهم ووضعياتهم، ولكنها دعوة إلى أن نقدح شرارة الفكر وأن نُجهد حرارة العقل حتى نأتي بنصٍّ أفضل وأرقى بعيداً عن المعالجة العرجاء والمُتَقَصِّدة وليس ذلك مستحيلاً.

تستمد ممارسة السلطة التربوية شرعيتها من النص القانوني الذي يمنحها (أنظر الفقرة الثانية من كل من المواد 159،156،153) من المرسوم 08ـ315.، لا من قيمة الأجر ولا من رتبة التصنيف.

غير أن عقدة الرئيس المرؤوس والولع بمظاهر ممارسة السلطة يُنطق كثيرين بغير إنصاف. وإذا كنا نعتبر ممارسة السلطة التربوية مهمة (من المهام) النبيلة كما هي حقيقةـ وليست امتيازاً، فإن النظام التعويضي كفيلٌ بتثمينها كما هو نص المادة 7 من المرسوم الرئاسي: 07 ـ 304 ونصها:

“تُكافئ التعويضات، التبعات الخاصة المرتبطة بممارسة بعض النشاطات، وكذا مكان ممارسة العمل والظروف الخاصة به، وتكافئ العلاوة المردودية والأداء”.

كلّما اتسع صدر الإعلام العامّ والخاص وانفتح أكثر على عرض الآراء المختلفة ـوحتى المتضادةـ في مناقشة القضايا وطرحها في حدود الالتزام القانوني والاجتماعي والأخلاقي، أثّر ذلك إيجاباً على تحويل الخطاب الرسمي إلى خطاب شعبي يغري بالرضا به، وأمدّ مؤسسات الدولة المهتمة والمتخصصة في هذا الشأن بمادة دسمة تستفيد منها في تطوير أدائها وإثراء قاموسها، فضلاً عما لذلك من أثر إيجابي على الساحة السياسية.

فلا مانع أن تُقرّ منحة تعويضية مقابلة لممارسة السلطة التربوية، تكون مرتبطة بالأجر الرئيسي مثلاً وبنسبة معتبرة بحسب تقدير الجهات المختصة لمدى تثمين هذه المهمة.

هذه مجرد إشارة، وإلا فإن هذه القضية ومثيلاتها قد عالجتُها باستفاضة وإسهاب، في مقالاتي السابقة.

على أن المواجهة المباشرة بين الرأي والرأي الأخر، والجدل البنّاء كفيلٌ بغربلة الأطروحات والأفكار، وتقديم الأنفع للصالح العام.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!