-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الطفل المادي مصدر توتر للوالدين.. يربط الهدايا بقيمته الشخصية

نسيبة علال
  • 207
  • 0
الطفل المادي مصدر توتر للوالدين.. يربط الهدايا بقيمته الشخصية

أصبح الأطفال أكثر تطلبا مع تقدم الزمن، وتطور التكنلوجيا، ولم تعد تسعدهم تلك الألعاب التقليدية بسيطة الصنع، أو الدمى القماشية والبلاستيكية، فقد أصبح هؤلاء يطلبون أجهزة إلكترونية مكلفة جدا للوالدين، وبفضلها يختارون ملابس وإكسسوارات باهظة أيضا، وحتى على مستوى طعامهم ونمط حياتهم، ولأنهم في عالم البرستيج والأكل السريع، يفضل الأطفال اليوم سندويشات جاهزة وبيتزا ومعلبات، طلبات تلو أخرى ترعب الأولياء تجاه مادية أبنائهم.

الطفل المادي هل هو صناعة أبوية؟

بحسب خبراء علم النفس، وانطلاقا من دراسات وأبحاث ميدانية، فإن الأطفال الذين يتصفون بالمادية كانوا قد تبنوا اعتقادين رئيسيين، هما: أن النجاح بالنسبة إليهم يعني امتلاك أشياء عالية الجودة والعديد من السلع المادية، أما الاعتقاد الثاني، فيتمثل في رؤيتهم أن الحصول على منتجات معينة يجعل الناس أكثر جاذبية، وهذا الفكر ناتج غالبا عن ظروف اجتماعية معينة، مثلا الطفل الذي يعمل والداه طوال الأسبوع ولا يقضي معهما الوقت الكافي يحاول هو أو والداه تعويض ذلك الغياب بالماديات، الكثير من الألعاب، الحلوى الطعام وهدايا لا تتوقف دون مناسبة حتى.. وهناك أيضا الطفل الذي يتعرض للتنمر في المدرسة أو الشارع، فإنه قد يتحول ماديا بمحاولته صناعة شخصية لافتة ومهمة من خلال ممتلكاته من الأدوات والملابس.. ويستمر في طلب الجديد والأفضل دائما، ما يرهق الوالدين ماليا، ويسبب لهما التوتر الدائم خلال سعيهما لإقناعه أو الحد من متطلباته. هي حال الطفل رسيم، ابن تسع سنوات، تقول والدته السيدة زينب، وهي طبيبة مثقفة وواعية، مع هذا لطالما اعتقدت أن الهدايا الغالية والمغريات المادية يمكن أن تعوض ابنها انشغالها شبه الكلي بعيادتها الخاصة ومرضاها، تقول: “بدأت أجلب أجهزة إلكترونية لابني في عمر ثلاث سنوات، فلم تعد الألعاب العادية تعني له شيئا، وأدهشني تعامله معها فجلبت المزيد والأغلى، ثم بدأ هو يطلب آخر التحديثات، حتى إنه الآن يريد مني أن ألغي معه رحلتنا إلى أوروبا في العطلة، لأجلب له نظارات آبل الأخيرة، التي تربطه بالعالم غير الواقعي، لأنه يكره أصدقاءه التافهين والمتنمرين، ولأننا لم نأخذ الأمر بجدية كوالدين، اتخذ رسيم موقفا غاضبا وأضرب عن الطعام وتغير سلوكه بالكامل.. أدركت مؤخرا أنه طفل مادي يعاني من اضطراب نفسي ربما أكون أنا من تسبب به”.

هذا يعني أن الأولياء والمحيط هم أول من يزرع الفكر المادي في عقل الطفل ومعتقداته، وقد يبدأ ذلك منذ شهور وجوده الأولى عن طريق أسلوب التربية بالمكافأة، فلا يفعل الطفل شيئا، إلا إذا حصل على المقابل، حتى وإن كان ذلك وجبة يتناولها، ثم لا يحرز نتائج جيدة في المدرسة، إلا إذا ضمن وعد حصوله على المال، ويستعمل الوالدان الهدايا الثمينة للتعبير عن قدر حبهما له، ما يجعله ينتظر الهدايا والعطايا في جميع علاقاته ليبني مشاعره.

عدم الرضا يضغط على الآباء

أزمة الطفل المادي لا تنتهي برغبته الجنونية والمستمرة لاكتساب الأغراض من ألعاب ووسائل ترفيه.. وإنما وللأسف، فإنها تنعكس أيضا على أمور معنوية وروحية، حيث يؤكد الخبراء أن غالبية الأطفال الماديين لا يشعرون بالرضا حيال نمط معيشتهم، مهما وفر لهم الأولياء من ممتلكات، وشعورهم ذلك يجعلهم يتصرفون باندفاع وقلق يؤثر بشكل سلبي وواضح على الأولياء، ويكون سببا لتوترهم الدائم وسعيهم اللامبرر لإرضاء الرغبات اللامتناهية لأبنائهم. السيدة صبرينة، واحدة ممن يعانين هذا الوضع مع ابنها البكر: “منذ ولادته دللته كثيرا، كنت أقتني له لعبا ودمى، وأغير ديكور غرفته كثيرا، لقد اعتاد على الأمر وأصبح روتينيا لديه، لا يعيره أدنى أهمية، في المقابل، لا تتوقف طلباته، فهو في السابعة يمتلك آخر إصدارات اللوح الإلكتروني وألواح التزلج الكهربائية ويحب امتلاك هاتف وملابس من علامات تروق المراهقين والشباب، أما الأكل، فمن المستحيل أن يتناول من طاولتنا، اعتاد دائما على قائمة خاصة، على الأغلب تأتي من الخارج”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!