-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
منشد الشارقة الأولى عبد الرحمان بوحبيلة لمجلة الشروق العربي

الظھور المناسباتي للمنشدین في الجزائر ھو سبب فشل الكثیر منھم

طارق معوش
  • 404
  • 0
الظھور المناسباتي للمنشدین في الجزائر ھو سبب فشل الكثیر منھم

في أحضان الكلمة الجميلة، والمضامين الهادفة، كبر المنشد الجزائري، عبد الرحمن بوحبيلة، ليأخذه شغفه بالجمال والذوق إلى الإنشاد، الذي وجد فيه نفسه، وأكمل طريقه فيه، معززاً حضور القيم التي تتناسب وتتناغم مع طريقة تربيته وتنشئته، وتكونت من خلالها شخصيته على مبادئ، سعى جاهداً للحفاظ عليها، وتوصيلها رسائل محبة إلى المجتمع.. تربى بوحبيلة على سماع الأناشيد والموشحات والمواويل، التي وجد فيها إحساساً عالياً وروعة متكاملة، من حيث الألحان والصياغة والروح، ليجد نفسه يعانق هذا الفن بصوته وأحاسيسه، حتى أصبح واحداً من أبرز المنشدين على الساحة في الجزائر وفي العالم العربي…

من قسنطينة، مسقط رأس ضيفنا، عبد الرحمان بوحبيلة، كان معه هذا اللقاء الخاص..

حاولت قدر المستطاع أن أكون محترفا في مجالي

الشروق: الیوم، عبد الرحمان بوحبیلة، من المنشدین الناجحین في الجزائر، مقارنة بأسماء أخرى، انطفأ نجمھا مباشرة بعد النجاح في البرامج والمسابقات، ما سر ھذا النجاح؟

– أنا أعتبر أن الوصول إلى القمة لا یعني البقاء. فالمسؤولیة بعد النجاح تكون أكبر. وقد زاد ھذا الحمل بعد تتویجي بلقب منشد الشارقة، رغم أن بدایاتي كانت ما بین 94 و95، في المتوسط، حین تحصلت على الجائزة الأولى في المسابقة الوطنیة لمھرجان الأنشودة المدرسیة بالوادي. وطیلة ھذه المدة، التي تقارب عشرین سنة، درست وبحثت كثیرا في كل ما له علاقة بفن المقامات، وحاولت، قدر المستطاع، أن أكون محترفا في مجالي، مع الاحتكاك بعدد كبیر من الفنانین، من خارج الوطن، في لبنان وسوریا وتركیا والخلیج.. ھذا الاحتكاك، زاد في رصیدي الفني. فأنا حقیقة مولع بھذا المجال. كما كرست الكثیر من وقتي، السنوات الأخیرة، للتوزیع والھندسة الصوتیة. وما حققته الیوم، ھو ثمار تعب سنوات طویلة. كما أنني اشتغلت كثیرا في الظل، وكنت سببا في نجاح عدة أسماء، دون ذكري أو الإشارة إلي.. فعلى سبیل المثال، عملت لمدة سنتین كمھندس صوت في سلطنة عمان. ومن ھذا الموقع، أقول إن الفنان الذي یسعى للنجاح، علیه أن یضحي ویعمل كثیرا.

الشروق: ھناك من اعتبر أن أداء بوحبیلة لأناشید خارج إطار مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم ) والتغني بالله- عز وجل- جرأة، ما ردك؟

– ما قدمته من أناشید، سواء دینیة أم أخرى، تتناول مواضیع دنیویة، ھو أمر مقصود. وأنا لا أعتبرھا جرأة بقدر ما أجدھا نوعا من الثراء. وإضافة إلى ھذا الطابع الغنائي الذي بقي في الجزائر منحصرا في مواضیع معینة،

وھي المواضیع الدینیة، لیس من العیب أداء أناشید أو أغان ملتزمة، تتغنى عن الأم والصدیق والشباب وكل ما له علاقة بالحیاة، ویكون لھا الأثر البالغ في حیاة الناس. أنا ضد الظھور المناسباتي للمنشدین في الجزائر. وربما، ھو سبب فشل الكثیر منھم الیوم، الذین لا یعتمدون إلا على الدعوات الدینیة. كما أعتبر أننا، كمنشدین، مقصرون في طرح القضایا التي تخص الشباب والمجتمع. فالمنشد، في الأخیر، ھو فرد منه، وعلیه أن یتطرق إلى مختلف القضایا، ویرتقي بھا بمضمون مغایر وكسر الطابوھات، والوصول إلى فئات أوسع عن طریق محاكاة المنشد لمعاناة مجتمعه.

نجاح الإنشاد في الجزائر ھو إلباسه ھویتنا وموروثنا المحلي

الشروق: في رأيك، ما أسباب عدم نجاح الإنشاد في الجزائر كباقي الطبوع؟

-أولا، وبحسب خبرتي البسیطة، فإن الكثیر من المنشدین في العالم یعتبرون الجزائر قطبا للإنشاد. فھناك جمھور كبیر لھذا الطابع. لكن، للأسف، الإنشاد غیر مصنف كموروث ثقافي. ففي المقررات الدراسیة، مثلا، تذكر مختلف الطبوع الغنائیة، كالشعبي والعاصمي والقسنطیني وغیرھا، باستثناء الإنشاد.. وھنا، المسؤولیة ملقاة على عاتق عدة جھات، بدایة علینا كمنشدین، ومسؤولیتنا في إظھار ھذا الموروث ببصمة مغاربیة ومحلیة، من خلال التغني بأناشید بطبوع ونغمات وطنیة، دون التقید بالإنشاد المشرقي، الذي تحول مع الوقت إلى عرف لا یمكن تغییره. فبحسب اعتقادي، إذا أراد المنشد تحقیق الانتشار والشھرة، علیه الارتباط بالتراث الوطني في أداء الأناشید أو الأغاني الملتزمة، والخروج من القوقعة المشرقیة. وھو ما أعمل علیه، منذ 2001، حیث ركزت على التراث القسنطیني والترویج له، ولاقى استحسانا كبیرا. وھناك حتى إخوة من المشرق أصبحوا یؤدون المورث القسنطیني والمغاربي. لذا، فنجاح الإنشاد الیوم في الجزائر، ھو إلباسه ھویتنا وموروثنا المحلي، إضافة إلى وجود بعض الحلقات المفقودة التي ستساھم في نجاح ھذا الطابع، مثل اھتمام الإعلام به وكذا شركات التوزیع والإنتاج، حیث نجد ھذه المؤسسات الضخمة لا تؤمن.بصناعة نجوم في مجال الفن الملتزم، لأنھا لن تحقق الربح من ورائھم ولا یوجد استثمار حقیقي في ھذه الأصوات.

الشروق: ما الأسماء العربية التي تلفت انتباه عبد الرحمن بوحبيلة في عالم الأنشودة؟

– ما يلفت انتباهي من أعمال وليس من أسماء، مهما ذكرنا الأسماء هم أصدقاؤنا وأحبابنا في عدة محافل دولية، أغلبهم يعرفونني وأعرفهم، كانت لي معهم أعمال جماعية، أذكر منها كليب “القدس تجمعنا”، وأوبيرا “عليك يا حبيبي يا عليك السلام”، التي صورت بمصر، والكثير من الأعمال الجماعية، سواء في مصر أم الإمارات أم في تركيا أم في لبنان.. فالاهتمام أكثر بالأعمال وليس بالأسماء، وكل منشد يقدم بصمة مميزة أفتخر به وأشجعه وأدعمه وأبارك له تميزه، لا يوجد في ذهني اسم الآن، ولكن، بعض المنشدين أسعفهم الحظ أولا، ثم وجدوا الدعم ثانيا،

وحسن اختيارهم للمواضيع وتميزهم في طرحها، الذي جعل هذا الفارق، والاهتمام الإعلامي لعب دورا كبيرا في ظهور هؤلاء المنشدين وتألقهم مقارنة بالمنشدين الآخرين، الذين لم يجدوا فرصتهم، ولم يجدوا الاهتمام اللازم.

ليس كل من حمل ميكروفونا وقام بالحديث أو الغناء يطلق عليه اسم فنان

الشروق: خلال السنوات الأخيرة، برزت مجموعة من المسابقات التي تدعم الإنشاد والمنشدين، ما موقفك من هذه المسابقات؟

– هذه المسابقات فقيرة، إذا أردنا مقارنتها بالمسابقات التي تدعم الغناء بمختلف صنوفه، وحتى بعض المواهب البعيدة عن الغناء، وهي المسابقات التي تدعمها بعض القنوات، فسنرى أن هذه المسابقات تصرف عليها أموال طائلة وصلت حد البذخ، لكن مسابقات الإنشاد فقيرة، لذلك هناك بون شاسع بين الأمرين.

الشروق: طيب.. ما أسباب تفوق المنشد الغربي على المنشد العربي؟

– هي حقيقة تؤكد ضرورة إحداث قيام جديد في الإنشاد العربي، يخرجه من سراديب الانغلاق المفروض عليه، الذي جعله يدور في حلقة مفرغة. ففي الساحة الفنية حاليا، نجد أسماء في الغرب سطع نجمهم في سماء هذا الفن، وتمكنوا من الوصول إلى العالمية، عن طريق تفتحهم ومخاطبتهم الغرب بلغته التي يفهمها، ورغم حملهم رسالة الإسلام، إلا أنهم تلقوا استجابة طيبة، على عكس المنشد العربي، الذي لم ينجح مع بني جلدته، فما بالك مع الآخر.. فالإشكال، ليس في الرسالة، بل في طريقة إيصالها إلى الآخر وتجارب كثيرة تؤكد ذلك.

الشروق: في الوسط العربي هناك من المنشدين حتى من يرفض لقب فنان، هل الإنشاد فن أم لا؟

– كلمة فنان أصبحت مرتبطة حاليا في أذهان العديد منا بالغناء الهابط، بسبب الصور السلبية التي يجسدها أشباه الفنانين في كل الأنواع الفنية، وليس فقط في الإنشاد الديني. لذلك، يفضل أهل المديح تسمية المنشد على الفن والفنانين، لكن في حقيقة الأمر، هي كلمة تحمل معاني ثقافية سامية، فهي معبرة عن كل ما هو إبداع راق، والإنشاد فن متكامل له خصوصياته، فلا يجب أن نسخط على هذه الكلمة التي لا يفهم معناها الجميع، بل اللوم كل اللوم على استعمالها المفرط.. فليس كل من حمل ميكروفونا وقام بالحديث أو الغناء أمام شاشة تلفاز أو جمهور، يطلق عليه اسم فنان، بل يجب النظر إلى ما يقدمه من عمل: هل هو في مستوى معنى هذه الكلمة أم لا.

مدخول المنشد بسیط جدا ولهذا أنفق من جیبي على إنتاجاتي

الشروق: شاھدنا، السنوات الأخیرة، ظاھرة أداء الأذان وبعض الابتھالات بطبوع موسیقیة جزائریة، ما رأیك في ذلك؟

– حقیقة، عبد الرحمان بوحبیلة مع ھذه الموجة، رغم استغراب البعض لھا ورفض البعض الآخر، وأنا عن نفسي أعتبرھا نوعا من أنواع الترویج لثقافة بلدنا وموروثنا المحلي، الذي یقع على عاتق المنشد كفنان، كما سبق أن تحدثنا في بداية لقائنا. أما عن ظاھرة طغیان الموسیقى على الأناشید حتى أصبحنا لا نفرق بین الأغنیة والأنشودة، فأرى بأنه لا عیب في ذلك، لأن الفرق بینھما، بحسب رأيي، ھو في المضمون، لأن الأنشودة الدینية تخاطب العقل، بعكس الأغنیة التي تركز على أمور دنیویة.

الشروق: ابتعدت قلیلا عن الإنشاد وتوجھت إلى التوزیع وتكوین الأطفال، لمَ؟

– أقضي تسعین بالمئة من وقتي حالیا في التوزیع والتلحین، إلى جانب الإنشاد، وھي مھنتي الوحیدة، وعن نفسي، لا أنصح أي شخص بخوض ھذا المجال، إذا كان یرغب في جعله مصدر رزقه الوحید، فغالبا ما أنفق من جیبي على إنتاجاتي، لأن مدخول المنشد بسیط جدا، لكن حب ھذا الفن جعلني أتمسك به، لكن تركیزي منذ سنوات أصبح منصبا على المشاركة في التحكیم والتكوین وكذا التوزیع وھندسة الصوت، من منطلق رغبتي في نقل تجربتي إلى الأجیال القادمة، التي أرى فیھا ثمار المستقبل، وقد كونت ما یفوق 80 طفلا إلى غایة الیوم.

الشروق: لم لا نرى عبد الرحمان بوحبیلة في عمل ثنائي مع منشد من الأصوات المشھورة؟

– حقیقة، رغم علاقاتي الواسعة خارج الوطن في مجال التلحین والإنشاد، إلا أن الفكرة لم تطرح علي بعد، لكنني من ناحیة التوزیع، فقد تعاملت مع بعض الأسماء المعروفة، على غرار المنشد المشھور أبي خاطر، كما لحنت بعض الأوبیرات لمنشدین عرب..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!