-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العدالة… أو العدالة على درجتين

‬فوزي أوصديق
  • 5124
  • 0
العدالة… أو العدالة على درجتين

العدل أساس الملك، بهذه الفلسفة استطاع عمر بن الخطاب (رضي اللّه عنه)، وغيره من الحكام أن يحكموا ويناموا بدون مشاكل. أما نحن اليوم في الجزائر، نتفاجأ من تصريح لوزير العدل وحافظ الأختام، يعلن عجزه أو عدم تنفيذ قدرته في تطبيق سيادة القانون، في حق العديد من نواب “الشعب” ـ بين قوسين ـ وذلك التصريح هو انتهاك صريح وواضح لسيادة القانون، وتقويض لفلسفة الحق.

  • فأين زمن “واللّه لو أن فاطمة بنت محمد سرقت، لقطعت يداها”، فالعدل والقانون على الجميع، وفوق الكل، فهو أعلى من الأشخاص والمناصب والرايات… يبدو أن هذه الفلسفة مازالت بعيدة التحقيق… أو أن من خلال تصريحه ـ وهو الافتراض ـ التالي أراد أن يلفت الأنظار إلى عجزه، لعدم استطاعته تنفيذ القانون في ظل التدخلات، فكل الاحتمالات قائمة في ظل الاستقلال المرجعي دون الممارسة للقضاء والقانون…
  • ولذلك فإشكالية “العدالة” وتنفيذها من الإشكاليات التي عولجت في مختلف الورشات، دون أن تجد لها نقاط النفاذ على أرض الواقع، وإنني قد لا ألوم الأفراد بقدر ما ألوم النظام القائم والآليات أو البيئة التي أسست لهذه الممارسات النافية لسيادة القانون.
  • فدولة القانون لا تبنى بالأماني والتمنيات والتصريحات، بقدر ما تؤسس بالأفعال والممارسات، وهي جزء من الحلقة المفقودة لإعادة الثقة بين الحكام والمحكومين، بين الرعية والرعاة.
  • كما أن هذا التصريح يوحي كذلك بعجز “العدالة” في فرض وبسط سلطانها، للتدخلات العديدة والمتنوعة والتي لا تصب في المصلحة العامة، بقدر ما تؤدي لخلق وإنشاء مراكز قانونية كيدية على حساب الصالح العام، وكم هي عديدة النماذج، وهي معروفة للعيان وعلى مستويات متنوعة لا تحتاج لكشفها!! 
  • فالفساد، والرشوة، والآفات الاجتماعية، وسياسة “التَطباع” وثقافة “الشِّكارة” ومنهجية “رقلي Regle” إن وجدت عدالة قوية مستقلة، شامخة لنا تُصم ولن تعشعش أبدا، ولكن في ظل وسياق تصريح وزير العدل، فالكل مسموح ومباح!!.
  • فالعدالة العادلة، هي إحدى ركائز الديموقراطية الحقة وممر إجباري لأي إصلاح دستوري جدي، بدونه فقد أضعنا إحدى السلطات الثلاث، وبالتالي لا ينفع إصلاح، ولا ترقيع، ولا تأسيس لإصلاح عميق وجذري. فالقضاء عبر الزمن كان سلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية والتشريعية، فهو ليس بتابع، أو مطيع، أو…إلخ. بقدر ما هو سيد ويحكم بما تمليه قوانين الجمهورية، والصالح العام، ولذلك على العدالة أن لا تخشى النواب والوزراء، أو حتى الرؤساء، بقدر ما يجب أن تخشى مخالفتها لقوانين الجمهورية وما يمليه الضمير، فلا ننسى دائما أنه يوجد قاضيان في النار، وقاضٍ في الجنة، وإن كان ذلك، يوحي بمدى خطورة وأهمية الوظيفة القضائية في إرساء دولة القانون.
  • يوميا تطالعنا الصحف على مخالفات وانتهاكات، بل تصريحات، لو كنا فعلا “في دولة قانون”، لما تبعتها عواقب، ومتاعب لصاحبها من أجل توضيحها أو نفيها!!.
  • ولذلك فالإشكالية في الجزائر بسط سيادة القانون “عموما” قد لا يكمن في النصوص، بل في “تنويمها” وعدم تطبيقها أو الاعتياد على عدم استعمالها مما يجعلها في حكم العدم، أو أن وجودها من عدمه سيان، فهذه العقلية يجب أن تتغير بالتنفيذ الجدي والمستمر، وليس “المناسباتي أو الفلكلوري” للقانون ومضامينه!
  • هذه الملاحظات السلبية هي التي تخلق لدى الرأي العام أنه يوجد “السوبر” و”العادي”! أو توجد درجتان في تنفيذ العدالة والقانون، ومن ثم حان الوقت لمحوها من القاموس القانوني الجزائري، فكنا نتمنى أن يُصرح ويعلن عن الأرقام والأشخاص الذين تم رفع معاقبتهم حتى تكون عبرة للآخرين، ومعنى للجار، وأن نبعد فكرة “الشيفون” عن العدالة، أي أنها تستعمل حسب الطلب، أو حسب الحاجة، ولنعتبر يا أولي الألباب. 
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!