-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العربي رولة.. رجل من الزمن الجميل

العربي رولة.. رجل من الزمن الجميل

الأستاذ محمد الهادي الحسني.. ذكّرتني بمقالك “الجسم واليد”، وأنت مشكور على ذلك، بـ mon maitre العربي رولة أو ابن غولة. لقد تلقيت على يده المبادئ الأولى للغة الفرنسية في السنوات الأولى للاستقلال في دكانه البسيط بوسط مدينة “جيجل”، كان يبدو لنا ونحن صغار، غريب الأطوار، لا يشبه الآخرين في كلامه وسلوكه وملبسه، كان صارما معنا، حريصا على أن نتمكن من ناصية اللغة الفرنسية. وكان لايني يردد على مسامعنا “ليس أمامكم، أنتم أبناء الفقراء، إلا التعليم للنجاح في الحياة” في السبعينيات أصبح أشرس معارض لبومدين، وكانت معارضته علنية، كان يطوف شوارع جيجل (السوق، المقاهي) معتمرا طربوشا كتب عليه “إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم” يخطب في الناس داعيا إلى مكارم الأخلاق، رافضا للاختيار الاشتراكي.. وكان قبل ذلك قد وجّه رسالة لبن بلة يقول له فيها: “لقد حاربنا فرنسا ليس من أجل اشتراكيتك”. وذات مرة قال لمحمد الصديق بن يحيى، الذي أشرف سنة 1969 على الكارنفال الإفريقي: “لقد أرقصتم إفريقيا، وأحزنتم الجزائر إلى الأبد”.

وأما عن الكنيسة، فلم يكن سي العربي من الداعين لهدمها، وإنما سعى إلى استرجاعها لتحويلها إلى مسجد، ونجح في مسعاه، إلا أن خفافيش الظلام خرجت من جحورها وهدمت إحدى أجمل كنائس الجزائر وعبثت بأحجارها النادرة وذهبت النفائس الموجودة داخلها، هدّمت الكنيسة ولم ترتفع صوامع المسجد، ولا أحد يدري أين ذهبت الأموال الطائلة التي جمعت لبناء المسجد.

كان سي العربي ظاهرة خاصة في الحركة الوطنية، هو ليس مصالي الحاج، وليس ابن باديس، وليس فرحات عباس، كان كل هؤلاء مجتمعين.

عرف ابن رولة أهوال محتشد بوسيي، حيث كتب مجموعة من الرسائل وجهها إلى الجنرال ديغول، وضمنها بعد ذلك كتيبهالجزائر بالاستقلال، الذي مازلت أحتفظ بنسخة منه إلى اليوم.

قال فرحات عباس ليس العربي ذات يوملو واصلت طريقك هذا لما وجدت من يسير وراءك، وصدقت نبوءة عباس، فقد أنهى العربي بن رولة حياته مثل أبي ذر الغفاري وحيدا حزينا، وفي سنة 1985 رحل عن هذه الدنيا في صمت، محبطا لما آلت إليه الجزائر، مهيض الجناح، يائسا إلا من رحمة ربه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
8
  • nabil

    fausse information à ne pas prendre en compte

  • عبد الحكيم صايم

    الأستاذ عبد العزيز
    الحمد لله على سلامتك ، لقد سررت بعودتك أيها المثقف الفذ الذي أحببنا نصوصك الفكرية ، فهي تغذي فينا ثقافة الأمل وقيم الابداع و تزرع فينا الالتزام الوطني و رسائل إثبات الوجود.

    مع تقديري و احترامي

  • خالد

    A noter que mr Boubakir nous a quitté il ya quelques semaines
    Allah yerrahmou

  • ابن الجنوب

    انت لم تغادر المغارة الوهمية للإشتراكية يا سي صالح الجزائريين قبل الاشتراكية لم يكن أحدهم يسمع بالريع ولا بالاتكال على الدولة ولا على أحدرغم الحصارالأسودالذي فرضته فرنساولكنهم قاوموا بالعمل للعيش وبالايمان للخلود ومن خلاله خلود رسالتهم وهي تحرير الجزائر إلى أن تمت عملية الاغتصاب من قبل أصحاب الاشتراكية فاستولوا على الجزائر ورموا بالفتات لكي يتصارع حوله أبناء الفقراء وهم بالمناسبة من أبناء الجزائر العميقة وأبناء الفلاحين وحتى لو درسوا في أمهات الجامعات العالمية هل تحصلوا على ما يفيد بأنهم كذلك؟

  • صالح

    3) بمساجدها ، أقام السد الأخضر ، مدد الطريق العابر للصحراء " طريق الوحدة الإفريقية " ، وسعى إلى أن يذهب المسلمون الجزائريون كافة ، والفقراء منهم خاصة ، إلى الجنة ، بعقول منيرة آمنة مستعصية على المشعوذين ، وببطون غير خاوية ؟ .
    لو عاش السيد " ابن رولة " ، رحمه الله ، إلى اليوم لكان ربما غير رأيه ، لأن الكولون ، الذين أذاقوه " أهوال محتشد بوسيي " ، بدأوا يعودون ، جالبين معهم ، مرة أخرى " القمل " إلى رؤوس " أبناء الفقراء " .

  • صالح

    2) ربما كان السيد " ابن رولة " ، رحمه لله ، لا يعلم أن " أبناء الفقراء " الذين أتاح لهم " الاختيار الاشتراكي " ، في سنوات السبعينيات القرن الماضي ، الفرصة ، لمزاولة الدراسة في الجامعات الأجنبية ، ومنها " السوفييتية " السابقة مثلا ، كانوا لا يصدقون عندما كانوا يصرحون بأنهم " أبناء فقراء " .
    ما هو ذنب "ّ الاختيار الاشتراكي " ، في سنوات الستينيات والسبعينيات القرن الماضي ، الذي جعل من الجزائر قبلة لأحرار العالم ، عمل بجهد لكي يجعل منها " يابان إفريقيا " لما شيد المصانع وبنى ألف قرية وقرية ،

  • صالح

    1) ألا تجد أن هناك تناقض بين : " ليس أمامكم، أنتم أبناء الفقراء ، إلا التعليم للنجاح في الحياة " و بين " رافضا للاختيار الاشتراكي .. " .
    هل كان بمقدور " أبناء الفقراء " و " أبناء الخماسين " ، في المناطق الريفية الفقيرة خاصة ، حاضنة الثورة التحريرية ، أن يجدوا أنفسهم في المدارس وفي الجامعات ، لولا " الاختيار الاشتراكي " لسنوات الستينيات والسبعينيات القرن الماضي ، رغم الأخطاء الجسيمة التي ارتكبت في هذه الفترة ، ليس من " الاختيار الاشتراكي " وإنما من المناوئين ، تحت الطاولة ، لها ؟ .

  • نجيب

    من فضلك انشر لنا نسخة من كتابه على الانترنات و شكرا