الشروق العربي
الشروق تكشف أسرار زواج السلفيين المتشددين في الجزائر:

العروس تتعطر بالمسك فقط وتخرج في جلبابها الأسود!

الشروق أونلاين
  • 28615
  • 103

تصر الكثير من السلفيات المتشددات على انتهاج طريق معين في بناء حياتهن الأسرية و الزوجية اعتقادا منهن انها الطريق الى الجنة باتباع سنة “السلف الصالح”. ولأننا اليوم “ضائعون”وسط كم هائل من المذاهب والاجتهادات الدخيلة، وما صاحبها من تأويلات خاطئة، نحاول في هذه الفسحة التطرق لبعضها، التي فيها من الغرابة ما يجعلها بعيدة عن الإسلام و لا علاقة لها بالعرف و منهج السلف الصالح.

تبني هذه الفئة أفكارها وحكمها  على بعض المفاهيم ، أبرزها المظاهر ، كطريقة اللبس لدى الرجل و المرأة، فضلا عن انطواء هذه الزمرة من السلفيين المتشددين على أنفسهم، ومقاطعتهم لكافة الشرائح التي تخالفهم  .

قاعدة..خالف تعرف

حياة، هي شابة متجلببة، في ربيعها الخامس والثلاثين، السواد يكسوها من رأسها إلى أخمص قدميها، زاده البرقع سوادا، التقيناها يوم جمعة وهي تهم بدخول أحد مساجد العاصمة، ولجنا المسجد، وصلينا تحية المسجد، قبل أن نبحث عنها، كانت نشيطة جدا، تكفلت بفرش المسجد، لتوسعة مكان الجلوس للمزيد من النسوة اللواتي بتن يقصدن المساجد طلبا للعلم وللصلاة، وهنا اغتنمنا الفرصة لنكون أقرب إليها، في البداية تحفظت، لكن سرعان ما ارتاحت، ولم يكن أمامنا من سبيل لولوج عالمها المنغلق، إلا الادعاء بأننا مهتمون بعالمها، وأننا نريد أن أكون مثلها، فتلقتنا بغبطة كبيرة، واتفقنا على موعد عقب الصلاة، لنجتمع وتعرفنا على أهم ما يميز مجتمعهم في ظاهره، وهي المرشدة في المسجد المعني.

تحدثنا طويلا أنا ومرشدتي، نصحتني بتغيير هندامي والتحسين من مظهر حجابي، و كذا ارتداء الجلباب وحاولت إقناعي بأنه الزي الشرعي للمرأة المسلمة، ولأني خشيت فقدانها كشاهدة عيان، جاريتها وأعطيت لها الحق الكامل فيما قالته، لأستفيد من لحظات استجماعها لأفكارها، وأسألها عن أهم ما يميز جماعتهم، محاولة الغوص معها في متاهات هذه الطائفة التي تدّعي أنها من السلفية الإسلامية، وكم ذهلت، خاصة وأن أهم ما تطرقنا له أمورا حياتية جوارية، تهتم بالبيت والأسرة والزواج، وأول هذه الاكتشافات هو حرص هذه الفئة على مخالفة كافة المظاهر الاجتماعية الحالية، حسبما جاء على لسان الأخت حياة كما تفضل أن تدعي:”أهم شيء نحاربه هو العادات الدخيلة على مجتمعنا المسلم، لاسيما فيما يتعلق بالزواج، طالما أنه أهم خطوة في حياة المسلم والمسلمة، نحن نفضل إعلان الزواج بالزغاريد فقط، فلا دف ولا هم يحزنون، نركز على الإطعام بما توفر، فنحن لا نكلف أنفسنا باقتناء اللحوم الفاخرة، وإنما بضع دجاجات تكون كافية لأن ديننا قال يسروا ولا تعسروا، أما فيما يتعلق بالصداق فهو لا يفوق الـ60 ألف دينار على أبعد تحديد، ونكتفي بالذهب كونه مفيد مستقبلا، والعروس لا تذهب إلى الماشطة أو ما يعرف بالحلاقة، وإنما تتزين في البيت بمعية صديقاتها، على أن تتعطر بالمسك وتخضب كفيها وقدميها بالحناء، وتخرج في جلبابها، دون الحاجة لأكثر من سيارتين، وحينما تدخل بيت الزوجية  تجلس في مكان منخفض، وتتجنب التميز عن الحاضرات”، ذهلت لما أسمع، وحاولت مناقشتها في هذا لكن عبثا حاولت:”علينا الابتعاد قدر المستطاع عن حياة المتعة، والتشبه بالغرب، فعلى زمان نبينا الكريم، لم تكن هناك أرائك ولا أسرة، الجميع سواسية وينامون على الحصير، ولهذا نفضل جميعنا إتباع سنة نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام، فيتكفل العروس بتوفير سجادة للصلاة من الحصير، تكون كفيلة بجمعه مع عروسه، نحن ضد غرف النوم وما شابه، وضد التلفزيون، نلتمس البساطة ومحاكاة زمن الرسول“.

تأسفت للسلفيين

بقدر ما أثارت تصريحات الأخت حياة نقاشنا و حديثنا معها، بقدر ما فتحت شهيتنا للمزيد من البحث والتقصي، والموعد الموالي كان بعد أسبوعين، هذه المرة تم تدبير المقابلة بمساعدة أخت ثالثة، والتي تعرف مسبقا بمهنتنا، وحتى الأخت التي التقيناها لم تمانع التحدث إلينا، في محاولة منها لنشر العادات التي رأت أنها سليمة وقاعدة لابد من إتباعها، قبل أن تخلط حساباتنا وهي تعطينا تصريحات نقلا عن إحدى صديقاتها المتزوجة والتي جاء فيها:”في بيت زوجها يحاولون كسر كافة القواعد الدائمة، التي درج عليها عامة الناس، فهم يأكلون جماعة من صحن واحد، يلبسون أشياء عادية، يبتعدون عن البذخ، لترجع وتتحدث عن معاناتها في حياتها السابقة كونها مطلقة وأم لبنت:”أذكر ليلة زواجي جيدا، قادوني كالضيف، تفاجأت بمنزل ظاهره فخامة وباطنه-خاصة غرفة نومي-أبسط ما يكون، حتى ضروريات الحياة غير متوفرة، وحينما سألت أخبرني زوجي أنه يريد المشقة ليضاعف له الله الأجر”…”، المهم، حالما اختلينا ببعضنا طلب مني المبادرة، ولا أخفي عليكم، خلت الأمر اغتصابا لا زواجا على كتاب الله وسنة رسوله، حتى أنني حرمت بعدها من الغسل مدة ثلاث أيام بلياليها، وحرمت بهذا من أداء صلواتي ومعي زوجي، ومع الوقت ضقت ذرعا وقررت الانفصال عنه، لأن لديهم عادات دخيلة على الدين، ولأنني بت أشك في ديني، ربما هو حالة شاذة هذا لا يقاس عليها، لكن كرهت هذا النوع من الرجال وحكمت عليهم جميعا بنفس الشيء“.

وهنا تدخلت أخت أخرى كانت برفقتها:”ما سمعناه يدمي القلب، تصرفات دخيلة على ديننا، أغلبها شيعية أو وهابية وحتى فارسية، لو كان رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه حاضرا في وقتنا لاستعمل الفراش والأثاث ولأكل مما هو موجود، وهم يرفضون هذا، كثيرات اللواتي يعانين الأمرين بسبب زواجهن من إخوة يدعون بيننا أنهم سلفيون، بعضهم يعذب زوجه كل ليلة، هناك من يطلب منها المبادرة، وهناك من يأمرها بإتيان أشياء غريبة، وهناك من يحرمها الصوم في غير الأيام المعينة، وهناك من يجبر زوجته على النوم على الحصير الصناعي، وتصوروا الكم الهائل من الأتربة والغبار التي يحملها في طياته، كما أن استعمال الشامبو ممنوع والعطور كذلك ما عدا المسك، ومع هذا يهرولون نحو الملابس النسائية الداخلية الفاضحة، كل هذا وغيره جعلهم محل ريبة وشك“.

تركنا هذه الفئة، ونحن نتساءل إن كان هذا من الإسلام دين النظافة في شيء، ولم نجد من بد إلا الدعاء لهذه الفئة بالهداية والتوبة، في الوقت الذي رفض فيه الكثير من الأئمة الإدلاء بآرائهم بحجة أن هذا شذوذ من قبل البعض ولا يعمم وليس من الإسلام في شيء.

لن أتزوج إلا بملتحي !

رزيقة، 28 سنة من العاصمة، هي إحدى المتجلببات والمنقبة أيضا،وتضع القفاز في يديها، ترى أن الزواج لا يمكن أن يؤدي مقصده ولا ترتاح إلا بالزواج من الرجل الملتحي، لأن غير الملتحي-في نظرها-مخالف للشرع ويتشبه بالكفار، ولها عبرة في إتباع السلف الصالح الملتحي. وأضافت تقول:”أشمئز كلما أسمع بامرأة تزوجت رجلا بدون لحية، ففيها نقص للرجولة، بل أن اليوم من أشباه الرجال من يلبسون ألبسة اغرب، ونصف عوراتهم مكشوفة، فهل نسمي هؤلاء رجالا؟ !

كلمة لابد منها..

في الأخير نشير أن تطرق الشروق العربي لهذا الموضوع ليس بغرض التجريح أو التخديش في أعراض الناس، وكل الآراء الواردة في هذا الاستطلاع لا يمكن أن نعممها على باقي الإخوة السلفيين، ومنهم أصحاب نصف الساق، إنما نبتغي وراء سردنا لقصصهم الوقوف عند محطات مهمة ودخيلة على مجتمعنا، وهي في تطور غريب، حيث أصبحت الحالات المسابقة في انتشار وسط المجتمع، والتي بحق لن نجني منها سوى الفرقة، وما أحوجنا إلى التماسك والترابط وشد اللحمة فيما بيننا.

وحري بنا أن نذكر أن الإخوة السلفيين فيهم من هم على خطى السلف من السنة، وليس على وجوههم غبرة، وعلى هؤلاء تنظيف محيطهم من الشوائب التي وصلت اليه.

مقالات ذات صلة