-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العصا والجزرة

الشروق أونلاين
  • 1314
  • 0
العصا والجزرة

سالم زواوي

مجموعة الثمانية الأغنى في العالم، التي اجتمع رؤساؤها في ألمانيا مؤخرا، وعدت القارة الإفريقية بـ 60 مليار دولار من المساعدات في مختلف المجالات الإجتماعية، الصحية والتنموية، وهي بذلك تعود إلى ممارسة سياسة العصا والجزرة على شعوب هذه القارة البئيسة، كما تعودت على ذلك منذ عدة سنوات.إنه وعد يخفي مدى عدم الجدية والإستهزاء الذي تسلكه دول مثل أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا في تعاملها مع قارة مريضة تعيش شعوبها بدون أدنى شرط إنساني سواء من الناحية السياسية أو الإقتصادية أو الإجتماعية والثقافية، فكيف لهذه البلدان المتطورة جدا والتي لم تف بمليون واحد من وعودها السابقة، أن تفي اليوم بـ 60 مليار دولار، ولأي هدف تمارس هذا الإستهلاك السياسي على قارة لا تقدم ولا تؤخر ولا تؤثر بأي شيء في العالم؟ وكيف لهذه المساعدات أن تكون حقيقية وبنوايا حسنة والقرار المتخذ بشأنها ليس أكثر من مجرد كلام لا يتضمن أي جدول زمني لصرفها ولا نصيب كل واحد من مجموعة الثمانية؟

إن الغرب، ومجموعة الثمانية بالتحديد، لا يعرف ماذا يريد إفريقيا ولا يريد أن يعرف، وإفريقيا لا تمثل شيئا لهذه المجموعة، خاصة في إطار العولمة والعالم الوحيد الإتجاه، فهي لا شيء بالنسبة لها، غير الأمراض والأوبئة الفتاكة والإقتتال الداخلي والخارجي من أجل المصالح الضيقة لمافيا الحكم. ولذلك، فإن هذه المساعدات الموعودة، كسابقاتها، لن يصل منها ولو سنتيم واحد، لأن المعنيين من “المانحين” يدركون جيدا طبيعة الأنظمة الإفريقية الفاسدة والمرتشية، على الرغم من كل ما بذله بعضها في عدة مبادرات خلال السنوات الأخيرة لتبييض وجهها برفع شعار “الحكم الراشد”.

ووضع بعض الميكانيزمات الديماغوجية لمحاولة إضفاء الطابع العقلاني على تسييرها لأمور شعوبها، خاصة وأن كلا من بريطانيا وأمريكا واليابان وألمانيا، صاحبة القرار الحقيقي المتعلق بالمنح والمساعدات لدول العالم الثالث تعي جيدا أن مصطلح “الحكم الراشد” هو بدعة فرنسية أطلقها الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، لإنقاذ الأنظمة الإفريقية العميلة والتابعة لفرنسا من رياح التغيير التي بدأت تهب في تلك الفترة على العالم الثالث والعالم الإشتراكي والأنظمة الشمولية في الشرق، وهي البدعة التي تتمسك بها هذه الأنظمة اليوم، وتحاول تسويقها والمرور بها إلى مساعدات مجموعة الثمانية والمؤسسات المالية الغربية، لكن دون جدوى.

وما يخشى على إفريقيا هو أن تكون هذه الوعود عاملا آخر من عوامل الإنتظار والإتكال ومواصلة الطمع في طوق النجاة الذي يأتي من الغير وبالتالي تضييع المزيد من الفرص وإهدار المزيد من الوقت.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!