-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العفن

العفن

حتى أشدّ المتشائمين لدى الجارة الغربية، لم يكن يتصوّر أن تصل بلادُه يوما، إلى ما بلغته من وهن أشبه بحالة فقدان الوعي، جعلها تفتح أبوابها لوزير دفاع إسرائيلي، أو دعونا نسميه كما يسميه الإسرائيليون أنفسهم، وزير حرب، لم يُضبط مرة، وهو دون الوعيد والتوعّد في حق الفلسطينيين، إلى درجة أنه كان يبّخر زيارات عملية وهامة، لبلدان كثيرة ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية بسبب انشغاله ببرامج إبادة الفلسطينيين وترهيب أطفالهم، وتهويد القدس وبناء المستوطنات مع حكومة الكيان، الذي بنى على أرض فلسطين كيانه الغاصب، ولم يتمكن من تمديده من البحر إلى البحر، إلى أن وجد من يُمكّنه طوعا من ذلك في حلم لم يكن أشدُّ المتفائلين في هذا الكيان يتصوّر تحقيقه، فزار المغرب، حيث منحه ملكها السادس كل المفاتيح ووقف على قبري الملك محمد الخامس والحسن الثاني ضمن الاعتراف لملوك كانوا دائما مع إسرائيل ظالمة أو شديدة الظلم، في مشهد سيكون من المستحيل أن يجد له أي مغربي مبرّرا حتى من باب وصف حالة مديري المخزن بالخبل والجنون.

يؤلمنا أن نجد جيراننا يعيشون تحت قيادة “أمير مؤمنين” لا إمارة له إلا على رقاب البسطاء، ولا قطرة إيمان في قلبه، يحوّل لهم الشعوذة والسحر إلى ثقافة، والمخدرات إلى تجارة، وعرض الرق الأبيض والصبايا على الوافدين إلى سياحة، ويختم هذا الذل بجرّ البلاد للارتماء في أحضان وزارة الحرب الإسرائيلية، عبر اتفاقيات يتوهّم بأنه يُخوّف بها جارته الشرقية، وهو في الحقيقة يثير الشفقة حتى لا نقول الاحتقار.

سيكون من الخطأ أن يدخل أي إعلامي أو سياسي جزائري بعد هذا الذي حدث في جدال مع إعلاميٍّ أو سياسي مغربي، لأن الذي سيدافع من المغربيين عن خطوات المخزن بأي ذريعة إنما هو أشدّ حقارة من العدو نفسه، وجداله لا يختلف عن جدال الصهيوني، فما يحدث حاليا لدى الجارة الغربية يتحدث بنفسه بوضوح وصراحة ولا يحتاج لأي شرح أو تحليل. فالمغرب التي تبعد عن فلسطين بآلاف الكيلومترات ولا يجمعها بالكيان المحتل دينٌ ولا لغة ولا جغرافيا ولا تاريخ، رفضت كل بلاد العالم وشعوبها، واقتنعت بأن مصيرها هو مصير بن غوريون وغولدا مايير وشارون وشامير ونتنياهو ووصولا إلى بيني غانتس، من زمن الخامس إلى السادس مرورا بالثاني، ضمن القاعدة الربانية: “إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة”.

 يُعرَّف العفن لغويا وعلميا بأنه تشكل فصائل من الفطريات تقوم بتغطية سطوح بعض الكائنات وحتى الجماد في أشكال اسفنجية مقززة تتكاثر باستنساخ الجراثيم إلى أن تبيد الكائن نهائيا قالبا وقلبا، وتحوّله إلى أبشع صورة على وجه الأرض، وإذا كنا قد أسمينا على مدار عقود بعض صور التطبيع بالانبطاح والخيانة والهرولة، واعتبرنا أخرى بالشأن الداخلي الذي لا يجب الخوض فيه، فإن الحالة التي بلغها تطبيع المغرب مع الجانب الإسرائيلي، لا يمكن وصفها سوى بالعفن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!