-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العقل “النخبوي” اغتيل منذ زمن!

محمد حمادي
  • 1222
  • 13
العقل “النخبوي” اغتيل منذ زمن!
ح.م

إذا كانت النخبة هي التي تقود قاطرة النهضة والتنمية في بلدان الغرب، وهي العقل الذي تفكر به المجتمعات الراقية، عبر تسيّدها المشهد في كل الميادين، وانخراطها في مجمل النقاشات العامة حول القضايا التي تشكل الصالح العام، فإنّ حالها في بلادنا على النقيض من ذلك تماما؛ فهي منزوية ومنطوية على نفسها، ومستقيلة من دورها في التخطيط لمستقبل البلاد، وخلق الوعي بين ساكنته.

بالرغم من التصورات التي تحملها النخبة في الجزائر، وما تتمتع به من فهم عميق للواقع الذي تعيش فيه، إلا أنها لا تشارك في إيجاد الحلول لكافة الآفات التي تنخر المجتمع، وهي غائبة للأسف عن المشاركة في صناعة القرارات المصيرية. البعض يقول: “إنّ هناك تجنيا مع سبق الإصرار والترصد في حق النخبة الوطنية، التي تعاني الإقصاء والتهميش من طرف السلطة”، في حين يرميها البعض الآخر بسهام النقد، ويستظهر محطات مهمة كانت النخبة خارج مجال التغطية فيها. فهل فعلا صفوة المجتمع المشتغلون بالثقافة والعلم، مغيّبون أم غيَّبوا أنفسهم؟ لماذا لا نجد لهم أثرا في النقاشات العامة؟

النخبة في بلادنا إما محاصَرة من السلطة، أو إنها هي من فرضت على نفسها الحصار بانطوائها وتبنيها شعار: “تخطي راسي وتفوت”، لكن إلى متى نبقى نغرس رؤوسنا في الرمال، حتى تمر العاصفة بسلام؟ ما فائدة المعارف النظرية والتطبيقية التي تكتنزها الصفوة؟ أين محلها من إعراب المآسي والأزمات التي تنخر مفاصل الأمة؟

جرائم القتل المروِّعة التي وقعت في شهر التوبة والغفران، حتى طرقت أبواب الجامعة؛ فاغتيل بالباطل الأستاذ الذي علَّم طلبته الحق، ومظاهر الغش التي طالت الامتحانات في جميع أطوار التعليم، لو حدثت في بلاد الغرب لوجدت النخبة المثقفة قد استنفرت قواعدها، وسارعت إلى عقد جلسات وملتقيات علمية، لمناقشة هذه الظواهر الخطيرة، وخرجت بتصورات وحلول.

الحقيقة هي أنّ الكل في هذا البلد، يعيش لنفسه ولعائلته، ما ولّد حالة من اللامسؤولية تجاه الوطن؛ فالنخبة بغيابها تركت في مناسبات عدّة المجال للغوغاء، الذين ركبُوا الموجة وأضحوا يحلّلون ويناقشون قضايا الأمة ويحاكمون حتى النوايا، حيث تحوَّل “الإنسان الرقمي” الذي يُحسن التعامل مع تكنولوجيا الإنترنت، إلى فاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، ينشر الأخبار ويبث الصور والفيديوهات ويبدي آراءه حول مسائل جوهرية، تهمُّ الوطن والمواطن، في ظل اختفاء العقل النخبوي، الذي اغتال نفسه منذ زمن!

النُّخبة في بلادنا أضحت مُطالبة أكثر من أيّ وقتٍ مضى بالخروج من هذه القوقعة سواء فُرضت عليها أم فرضتها على نفسها، وأن تكون في الطليعة، وتنخرط في كل المسائل الحياتية، بالدراسة والتحليل والتخطيط والاستشراف، لا أن تترك المجال للعابثين والمصطادين في المياه العكرة. كما عليها أيضا الفكاك من المنزع النرجسي وعقدة التعالي، التي تجعل من العالِم حبيس برجه العالي، ويرفض أن يتزحزح منه، ليُحاكي واقعه.

وباختصار، نحن في حاجة إلى نخبة واعية متشبِّعة بقيم الوطنية، تقول الحق ولو كان مرّا، وتقف سدّا منيعا أمام كل محاولات التمييع التي تطال القيم الأخلاقية والإنسانية في هذا الوطن الذي ابتلي بعديد الأمراض.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
13
  • عزيز

    يأخي لك في وزير الثقافة الحالي اروع مثال

  • sam

    النخبة الحقيقية لا تستطيع التواجد في بلد سلطته تقصيها بابشع الصور و شعبه يقصيها هو ايضا يفضل اتباع شيوخ الدين و التعصب و الجهل

  • عبد الله

    التهم أوطانهم فأصبحت شعوب فرنسا وإيطاليا وإسبانيا قطعانا من المستهلكين يرعاها أرباب مشروع العولمة بواسطة من يعينونهم من موظفين.
    لكن الحديث عن النخبة الصينية والكورية واليابانية والأندونيسية والهندية والإيرانية والإسرائيلية والروسية أمر طبيعي لأننا لا نتصوهذه الأمم يحكمها من لا هَم ّ لهم غير المصالح الوطنية. هذه الأمم تكيفت مع مقتضيات العولمة بما يخدم مصالح شعوبها وأهدفها القومية دون أن تتنازل عن سيادتها أو تميل عن تطلعاتها التاريخية.

  • عبد الله

    ما قصدته هو أن مصطلح النخبة يعني عنصرا بشريا كُفءًا، واعيا بدوره؛ زائدا مشروعا سياسيا قوميا متطلّعا، مُعبِّئا، واضحا محدّد المعالم، متماشيا مع التاريخ والجغرافيا، تكون هذه الكفاآت وقوده ومحرّكه وموجّهه. مجموع أعظم العلماء وأكبر المثقفين والمفكرين والفنانين في مجتمع ما لا يساوي بالضرورة نخبة. لماذا لم نعد نسمع عبارات مثل النخبة الفرنسية أو النخبة الإيطالية أو النخبة الإسبانية على سبيل المثال؟ أَلاِندثار النبوغ العلمي والفكري وافتلال الحس الفني عند هذه الأمم؟ كلّا طبعا. هذه البلدان تزخر بالعلماء والفنّانين والمتخصّصين في كل المجالات، لكن هؤلاء ليسوا في خدمة مشروع قومي لأن تنّين العولمة

  • عبد الله

    ذكّرني هذا المضوع ببرنامج تيلفزيوني فرنسي كان يعدّه ويقدّمه المدعو فيدريك ميتران الذي حمل حقيبة وزارة الثقافة في حكومة ساركوزي. زار هذا البرنامج تونس في عهد المخلوعة ليلى الطرابلسي فاستقبل "النخبة التونسية" في الفكر والفن والأدب والمسرح أو بالأحرى استقبلت النخبة التونسية البرنامج ومُقدِّمَه ــــ في ديكور "مورسكي" طبعا ـــ وما أن أحال الفرنسي الكلمة لضيوفه التونسيين المُعرََبين والمُفَرنسين كليهما كي يُحدثوه عن الثقافة التونسية نسي التونسيون ثقافتهم وصار البرنامج مناسبة لمدح فرنسا والغلو في استعراض حب النخبة التونسية لفرنسا إلى درجة شعور الفرنسي بالحرج

  • عبد الله

    وقد قرأنا أكثر من مرة في جريدتكم تعقيبات جزائريين يعلنون أنهم "قوط!!!" والقوط شعب أوربي مندثر!! دون أن ننسى اليهود أبناء التلموذ المتسترين باسماء جزائرية ويدعون الحاج فلان و محمد بن فلان... ولا يعلم عددهم إلا الله وربما "الموصاد" وتأثيرهم عظيم في الدولة الجزائرية والمجتمع الجزائري.
    على كل حال كلمة النخبة اصبحت اليوم في الغرب تحمل معان سلبية وتشير إلى الأقلية اليهودية وأتباعها الماسونيين المالكة لكل شيء وتزداد ثراء وقوة كل يوم على حساب الشعب الذي أصبح قطيعا منقادا. ما ورد هنا بشأن الجزائر ينطب على جميع دول شمال إفريقيا والهلال الخصيب باسثناء إسرائيل طبعا.

  • عبد الله

    الحديث عن النخبة في بلد كالجزائر خزعبل مضحك.
    النخبة زبدة والزبدة من الحليب والحليب من ضرع ممتلئ مُدرّ والضرع الممتلئ المدرّ لبقرة سليمة خصبة ولود؛ لا زبدة من بقرة مريضة عجفاء.
    النخبة كمصطلح يحمل قيما إيجابية ويشير إلي خيرة أبناء الأمة الذين يمثلون خميرتها وطاقتها الدافعة ظهر بهذا المعنى وانتشر في القرن19م بظهور الدول القومية ودخولها في تنافس وصراع محموم على كسب المعارف والتقنيات حيازة الكفاءة والفاعلية والظفر بالثراء المادي والمعنوي. أين الجزائر والجزائريون من الدولة القومية؟ نحن قطيع تائه سقيم مشلول؛ بعضنا يحلق وجدانه فوق جزيرة العرب وبعضنا يدّعي أنه من العراق وآخرون يقولون أنهم أتراك

  • محمد

    ثم هناك عدم تحكم هذه النخبة في التكنولوجيا وهي شيء ضروري جدا ، وأي نخبوي عليه في عالم اليوم أن يتعلم ليس فقط الإستعمال بل الإبداع ، فليس من الصعب أخذ دورات في الأنفوغرافيك والميديا حتى يستطيعوا إنشاء قنوات يوتيوب ومدونات ومواقع في المستوى... انظر مثلا إلى الدكتور (عدنان إبراهيم) ، قد نختلف معه أو نتفق، لكن قناته مجرد كاميرا وخطبة كل جمعة، يستطيع أن يحصل بها ماقيمته مليار سنتيم في العام.. هذا بدون أن يقوم بإنشاء قنوات أخرى وباحتساب أن الشركات التي تقوم بالإشهارات هي تستهدف سكان دولة غربية (النمسا) فالعائدات تكون اكبر بكثير. لكن إستطاع هذا الأخير زيادة على المال ترك بصمته في هذه الحياة.

  • محمد

    ثم لماذا لم تقم الشركات خاصة وعامة بتمويل مراكز بحث وعلماء ومثقفين حتى في المجال النفسي الإجتماعي وحتى في الكتابة..على شرط إستفادة تلك الشركات من بعض بحوثهم ونتائج تمويلهم لهم.
    ثم هناك عامل الشجاعة، فمن النخبة من لا يريد مواجهة الناس، إذا يخاف ردة الفعل. بينما ذلك شيء طبيعي، أي أفكار جديدة أو حتى قديمة لكن صادقة قد تواجه بردة فعل، وتلك سنة الله في الحياة، وذلك ماحدث للأنبياء كذلك كلهم ولأوليائه...لكن الشجاعة هي أن تستمر تلك النخبة في الإصلاح وإقتراح الحلول حتى ولو دامت ردود الفعل السلبية من هنا وهناك لسنوات. لأن الحق في الأخير يعلو ولايعلى عليه وكل إنسان خلقه الله ليتبوأ دوره ويترك بصمته.

  • محمد

    والله يا أستاذ محمد لا أدري كيف أجيبك.
    أولا ما تعريف النخبة بحق؟..ثانيا ، هل الجزائر تتوفر على بنية تحتية إجتماعية..مراكز دراسات مفتوحة ،وجمعيات ومجتمع مدني، مراكز محاضرات، نشاطات فكرية، مراكز تفكير ودراسات إستراتيجية (Think Tanks) ، هل هناك أفكار تنقل على اليوتيوب (مثل TED العالمي) بالجزائر ...هل الكتابة والنشر أمر سهل ، أم أن الغرض منه تجاري بالدرجة الأولى ومعظم الأعمال ترفض لأنها ليس عائد تجاري...ليس هناك حتى نشر لمذكرات التخرج..ولا مواقع ومجموعات في مواقع التواصل للنخبة . (إلا القليل) /
    الرأسمالية كما إعتمدتها الجزائر قتلت الطبقة المتوسطة ..ورفع الدعم عن الكتاب وكانت تلك كارثة.

  • متسائل

    من يوم طاح الدينار و النخبة داربة النح راهي تمر بفترة نقاهة و شوك الفقر و ضرب الجيوب واعر في بلاد كلوهوم ـــ

  • الرجل المريض

    ما دام انه اغتيل منذ زمن و اكرام الميت دفنه فلماذا لم يشيع بعد الى مثواه الاخير وانا لله وانا اليه راجعون

  • الطيب

    هم ثلاثة : 1/ نخبة نتوهم أنها موجودة و هي غير موجودة !
    2/ نخبة الكسرة و المنصب و " ! Tout va bien ".
    3/ نخبة الذرات ! موجودة في كل مكان و زمان و لكنها مبعثرة ...و كل ذرة تحمل طاقة و لكنها مستقلة لوحدها و لا رابط يربطها مع ذرات أخرى لذلك هي بغير جدوى و لا فعالية !....هذه ( رقم 3 ) هي الأمل اذا وٌجد المغناطيس الذي يجذبها إلى بعضها البعض ....عندئذ فقط تتشكل الطاقة الكبرى التي نحن بحاجة ماسة إليها .