-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العقوبات: حلالٌ عليهم.. حرامٌ علينا!

العقوبات: حلالٌ عليهم.. حرامٌ علينا!

لقد فرض الغرب لعقود عدة سياسة سمّاها “العقوبات الاقتصادية” على كل من اختلف معه سياسيًّا، وعدّ ذلك مشروعا لا غبار عليه.. عقوبات ضد العراق، وضد إيران والسودان وسوريا حتى لا نتحدث سوى عن البلدان العربية والإسلامية، وأخيرا العقوبات غير المسبوقة ضد روسيا. حتى شركة “ماكدونالدس” التي تبيع “الساندويشات” أصبحت تمارس السياسة، عجبا، وغادرت الاتحاد الروسي، فضلا عن الشَّركات التي تمتلك التكنولوجيا المتقدمة أو تلك التي تُساهم في مجال الإنتاج والمال والأعمال. كل الشركات الغربية تضامنت مع أنظمتها السياسية، بل حتى المؤسَّسات الثقافية قامت بذلك من خلال منع كلِّ ما له علاقة بالثقافة الروسية العريقة في مجال المسرح والأدب والموسيقى… بنفس منطق معاملة الإنتاج الثقافي للعالم الإسلامي الذي كان يوصَف دائما بـ”التخلف والتطرُّف والمثير للعنف”. تَساوى في العقوبات هذه المرة ابن تيمية مع بوشكين، كلاهما يُهدِّدان هذا الغربَ العجوز المتهالك الذي بات يَتوعد كل من عارضه بالعقوبات، ناسيا أن زمنه قد ولّى أو كاد.

اليوم يستنكر الاتحاد الأوروبي على الجزائر فرض عقوبات على إسبانيا لأنها غيّرت موقفها من طرف واحد بشأن قضيةٍ دولية متعارف على حيثياتها. ولا يستنكر على إسبانيا عدم التزامها ببنود اتفاقية الصداقة بين البلدين التي تنص على احترام الدولتين الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي في تعاملاتهما. وفي موقفٍ غريب حقا، يعتبر القرار الجزائري تجاه إسبانيا مخالفا لتعهدات بلدنا مع الاتحاد الأوروبي ولا يعتبر القرار الإسباني تجاه الصحراء الغربية مخالفا لالتزامات الاتحاد الأوروبي تجاه هذه القضية. لماذا لا يلوم الاتحادُ الأوروبي اسبانيا أوَّلا على خروجها عن الإجماع الأوروبي في هذه المسألة ويلوم الجزائر؟ لماذا لا يعتبر موقف رئيس الوزراء الاسباني مخالفا لالتزامات الاتحاد الأوروبي ويعتبر موقف الجزائر مخالفا لعلاقاتها مع الاتحاد؟ إن في ذلك كيلا واضحا بمكيالين. من حق إسبانيا أن تتصرف وفق مصالحها في المسائل الدولية وإن كان فيها اختلاف مع الاتحاد الأوروبي وليس من حق الجزائر ذلك؟ أيُّ منطق هذا؟

يبدو أن الأوربيين لم يفهموا بعد أن العالم اليوم قد تغير. أَنَّ  يَدَهُمْ قد أصبحت مغلولة في أوربا ولا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم مجتمعين ضد روسيا، فما بالك في إفريقيا وفي بقيّة العالم. لذلك من حق دولنا التي طالما استغلها هذا الغرب، واستعبد شعوبها، وحاربها، وهَدَّدها، وفَرَضَ الحصار عليها، واستصغرها وأذَّلها واحتقرها، أن تتحرك اليوم برأس مرفوع وتدافع عن مصالحها من موقف الندية ودون أيِّ عقدة.

لقد كَشف “بوتين” عورة الاتحاد الأوروبي وعورة الولايات المتحدة، وكَسَر حاجز الخوف منهما، وَبيَّن أن الحلف الأطلسي الذي استقوى وتَنَمَّر على الدول الصغيرة مثل العراق وأفغانستان وليبيا ويوغوسلافيا، وقذف شعوبها بآلاف الصواريخ المدمِّرة من دون أي مراعاة للشرعية الدولية أو انتظار أيِّ موافقة من مجلس الأمن، ها هو اليوم يُطأطِئ رأسه في أوكرانيا ولا يجد سوى أبناء هذا البلد يَدفع بهم وقودا للحرب لعلَّه يُبقي على بعض ماء الوجه.

لم تكن شعوبنا ولا دولنا قطّ معتدية ولا ظالمة أو مستغلة للآخرين، عكس ذلك كنا منذ بداية ضعفنا مُعتدَى علينا، مظلومين، خيراتنا مستغلة، ولا نستطيع الرد لأسباب لها علاقة بنوعية حكوماتنا وبالوضع الدولي الذي تهيمن عليه القوى الاستعمارية التقليدية. أما اليوم فقد بَدَأ انحسار هذه القوى يظهر للعلن، وأصبح من حقنا أن نتصرّف كدول ذات سيادة غير منقوصة، إِنْ كُنَّا في البحر الأبيض المتوسط، أو في البحر الأحمر أو في الخليج أو في بحر الصين أو المحيط الهادي… تدريجيا سنستعيد مكانتنا.. وتدريجيا ستعود الجزائر قوة في البحر الأبيض المتوسط تتسابق الدولُ إلى ربط معاهدات صداقةٍ معها، وتُفكِّر ألف مرة قبل التراجع عن المواقف التي التزمت بها معها، كما فعلت الحكومة الإسبانية اليوم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • بلعجين

    سلام عليكم .سؤال يحيرنى لما لا يلتفت عالم الشرقى بما فيها دول عربية ومسلمة حول روسيا اليست هذى فرصتهم لكسر شوكة الغرب المهيمن الم يانى الوقت