-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العمامة الجزائرية.. رحلة قماش الرجولة عبر 10 قرون

فاروق كداش
  • 2491
  • 0
العمامة الجزائرية.. رحلة قماش الرجولة عبر 10 قرون

اسمها العمامة والشملة والرزة والكنبوش والشاش.. مسميات فرضتها الجغرافيا والموروثات الثقافية، لكنها مسميات لغطاء رأس جزائري عريق، وإن كانت العمامة ليست مقتصرة على الجزائر، بل منتشرة في كل البلدان العربية، لكنها اقترنت في بلادنا بالشهامة والرجولة والأصالة والقوة. الشروق العربي تأخذكم في رحلة بحث طويلة طول القماش الذي يزين رؤوس الرجال ويحميهم.

يقال في الأثر: “بين العمامة والعقال تُختبر معادن الرجال”.

ويقول عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-: “العمائم تيجان العرب، فإذا وضعوها وضع الله عزهم”.

هل يعلم جيل اليوم أنه في يوما ما كان إظهار الرأس عاريا يعد خروجا عن الملة ومخالفة للتقاليد والعادات، وكانت العمامة في زمن الرجال تقترن بالهوية الوطنية والإسلامية.. وهذا ما حاول الاستعمار الفرنسي طمسه بأساليبه الوضيعة، لأنه كان يدرك أن نزع العمامة يعد إهانة للرجل وخدشا لكرامته.

كان الرجل الجزائري يضيف لعقاله أو عمامته خيطا سميكا أو حبلا يعقد على الجبهة ويلف حول الرأس ويختلف لونه بين الأسود أو البني، إن كان مصنوعا من الوبر.

العمامة رمز الرجولة

كل اللوحات أو الصور أو المجسمات التي تعرض أمراء ودايات الجزائر والعلماء والشعراء والمؤرخين، وحتى من عامة الناس من العصر الوسيط إلى منتصف القرن الماضي، تظهرهم جميعا يرتدون العمامة… على غرار بولكين بن زيري، وابن الفحام وابن خميس التلمساني ويغمراسن وأبي حمو موسى الثاني.. أما أكثر رجل ارتبط اسمه بعمامته فهو البطل الثائر الشيخ بوعمامة..

وعندما أعطى البطل بوعمامة درسا في الثورة لحاكم الجزائر حينها، ألبير جريكي، طالته انتقادات لاذعة من طرف الصحافة الفرنسية وتمت السخرية منه عن طريق كاريكاتور يظهره يلبس عمامة وبرنوس بوعمامة.. وهذا، ما يظهر اقتران العمامة بالعمل البطولي وقد تمت إقالته في 26 نوفمبر عام 1881..

شاش التوارق.. الأسطورة والرمز

الشاش التارغي قطعة مقدسة للرجل الترقي، ويظهر طوله ولونه المكانة الاجتماعية لصاحبه.. وهو نوع من الأوشحة، طوله قد يصل إلى ثمانية أمتار، يلثم الرجال به الرأس والوجه، لحمايته من الشمس والرياح الصحراوية الجافة، ووراءه قصة غريبة تدعي أن الرجال خجلوا من هزيمتهم في إحدى المعارك، فتلثموا أمام النساء، ويسمى اللثام التارقي “تاجلموست”.

يشتهر سكان الصحراء عامة بارتداء العمامة الصحراوية التي فرضتها عليهم الطبيعة الصحراوية، فهي بمثابة واق من الأتربة والغبار وحرارة الطقس.

العمامة الهلالية

مما يتميز به بنو هلال في الجزائر وخاصة البدو منهم، تمسكهم القوي بارتداء العمامة فوق الرأس، وفي الغالب تكون بيضاء اللون، مثل أهل صعيد مصر. وقديما، كان كشف الرأس عندهم ككشف العورة، وكانوا يسخرون من سكان المدن فيعيرونهم بكلمة (عريانيين الروس).

عمامة 33 لفة

من أشهر العمائم التي لم تندثر تماما في الغرب الجزائري، العمامة “التوتية” أو 33 لفة، ويطلق عليها أيضا اسم “الرزة الصفراء”.. ولهذه العمامة وغيرها رمزية كبيرة، لكونها متصلة بسنة الرسول- صلى الله عليه وسلم-.

وقد سميت هذه العمامة بالتوتية نسبة للطبعات على قماشها، وهي على شكل حبات فاكهة التوت وتشبه في بعض الأحيان شكل الحمص مطرزة بخيوط من حرير بإتقان.

وترتدى هذه العمامة التقليدية التي قد تصل إلى ثلاثة أمتار بشكل مختلف من منطقة إلى أخرى.. ففي بني شقران بمعسكر يتم تنسيقها مع سروال عريض وصدرية وحزام وحذاء زيط زيط أو الزقاي، بالإضافة إلى ساعة الجيب المترفة وعصا الخيزرانة.

ورغم تراجع ارتدائها، بقيت التوتية ترافق الشعراء الشباب المتخصصين في الشعر الملحون والمقتدين بالشيخ الجيلالي عين تادلس، الذي ارتبطت صورته بالعمامة التوتية الصفراء، وكذلك عملاق الفن السابع الراحل حسن الحسني الشهير بشخصية بوبقرة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!