جواهر
لا حديث عنهما في شهر النساء

العنوسة والطلاق.. “برمودا” المرأة الجزائرية!

سمية سعادة
  • 4932
  • 31

في كلّ عام تحتفل المرأة الجزائرية، على غرار النساء في كلّ ربوع العالم، بعيدين لهما دلالة كبيرة، وهما عيد المرأة (8 مارس)، وعيد الأم (21 مارس)؛ وفي كلّ مرة تتلقّى النساء الجزائريات التبريكات والتهاني من الأهل والأقارب، كما تنهال عليهنّ الرسائل المهنئة من السلطات الرسمية.

ووسط كلّ ذلك، يبدأ الحديث عن الأمور التي حقّقتها المرأة والإنجازات التي تمكّنت من الوصول إليها، لكن لا أحد يتناول، بالصراحة المطلوبة، تلك الأرقام المهولة التي تعيشها المرأة في الجزائر؛ وتتعلّق الأولى بنسب العنوسة، ذلك الخطر الداهم الذي يرتفع من عام إلى آخر، دون أن تُسلّط عليه الأضواء بصورة كافية، وهذا ما يُهدّد، على المديين المتوسط والبعيد، إن بقيت الأمور على حالها، الانسجام المجتمعي، بشكل أو بآخر، خاصة وأنّ الكثير من المجتمعات الأوربية والآسيوية بدأت تدقُّ ناقوس الخطر بسبب شيخوخة تلك المجتمعات، والجزائر إذا لم تفكر في المحافظة على شبابها، ستكون مستقبلا، لا قدّر الله، في مواجهة هذه المخاطر الداهمة.

أمّا الخطر الداهم الثاني، الذي تتفادى الجمعيات النسوية والسلطات الرسمية الحديث عنه بشكل كاف وعلمي، فهو ذلك المتعلّق بنسب الطلاق التي ترتفع من سنة إلى أخرى، ولا شك أنّ التقرُّب من أية محكمة جزائرية، يمكن أن يُعطينا صورة حقيقية عن تلك المشكلة الخطيرة.

في مسح إلكتروني أُجري مؤخرا على شرائح من المجتمعات العربية، أظهرت النتائج أنّ لبنان يأتي في مقدمة الدول العربية من حيث نسب العنوسة، حيث وصلت به إلى 85%، وجاءت بعدها دولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 75%، ليأتي العراق وسوريا في المرتبة الثالثة بنسبة 70%، وتونس في المرتبة الرابعة بنسبة 62%، أمّا المرتبة الخامسة فتحتلُّها الجزائر بنسبة 51%، ثم السعودية والأردن في المرتبة السادسة بنسبة 45%، مصر والمغرب في المرتبة السابعة بنسبة 40%، الكويت ودولة قطر وليبيا بنسبة 35% في المرتبة الثامنة، واليمن بنسبة 30% في المرتبة التاسعة، والبحرين في المرتبة العاشرة بنسبة 25%.

وإذا كانت الجزائر، قد احتلّت المرتبة الخامسة في الدول العربية من حيث نسب العنوسة، فإنّ ذلك لا يعني أنّها بمأمن عن خطورة تلك الظاهرة، لأنّ تجاوزها نسبة 50 بالمائة، يعني أنّ الجزائر قد تخطّت النصف بقليل، وهذا يُؤشّر من جهة أخرى أيضا، أنّ العوامل الكثيرة التي تُغذّي تلك الظاهرة وتطوُّرها، قد تمكّنت من الاستفحال إلى درجة بات من الضروري أن تُفكّر الهيئات والمؤسّسات المجتمعية في معالجتها والتصدّي لها بشكل جدّي.

أما عن الطلاق، فسجّلت الجزائر خلال سنة 2017 وحدها أرقاما مخيفة في هذا الشأن، وحسب أرقام رسمية، بلغت قضايا الخلع أكثر من 68 ألف حالة وأكثر من 56 ألف حالة طلاق، وهو الأمر الذي يترتب عنه تشريد المئات من الأطفال وانتشار العديد من الآفات الاجتماعية.

وإذا كانت بعض المؤسّسات، ومنها المجلس الإسلامي الأعلى، قد رفعت مؤخرا إلى الحكومة بعض المقترحات للتقليل من هذه الظاهرة التي تتهدّد انسجام المجتمع، فإنّ ضرورة توعية الجزائريين بخطورتها باتت ملحّة على كلّ الهيئات الرسمية والمجتمعية، لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه، خاصة وأنّ الوقاية خير من العلاج، كما يُقال.

لكنّ المستغرب في كلّ ذلك، أنّ بعض الأحزاب والشخصيات السياسية، ما زالت تعتقد أنّ قانون الأسرة في الجزائر هو الذي يقف وراء ما تعانيه المرأة، وهذا ما ذهبت إليه زعيمة حزب العمال لويزة حنون في حصة تمّ بثُّها مؤخرا على إحدى القنوات، حيث دعت إلى ضرورة مراجعة قانون الأسرة لتتساوى المرأة في الحقوق والواجبات مع الرجل، خاصة وأنّ حنون ترى أنّ هذا القانون لا علاقة له بالإسلام، لأنّ من وضعه وسنّه وناقشه في البداية هم نواب حزب جبهة التحرير الوطني، وليس مجموعة من الأئمة وشيوخ الدين، وهذا ما يجعله، حسبها، مجرد اجتهاد إنساني وجبت مراجعته لرفع الكثير من الظلم الذي تعانيه المرأة باسم الدين.

مقالات ذات صلة