-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العودة إلى “عام البو”!

جمال لعلامي
  • 2177
  • 0
العودة إلى “عام البو”!

الجزائريون استقبلوا العام الجديد، بالتخويف والتسويف، وإشعال النار في الأسعار، بطريقة لم تعد مرتبطة بشدّ الأحزمة، ولكن بربط السراويل ومنعها من السقوط، في عزّ أزمة مالية، يبدو أنها لن تنتهي غدا، في ظلّ المعطيات والمؤشرات والقرارات التي وصفها المتشائمون بالانتحارية.

الأرقام المرعبة استقبلت الجزائريين أيضا في عامهم الجديد، فقالت بنغمة “المنّ”، أن الجزائريين صرفوا خلال سنة واحدة فقط، نحو 200 ألف مليار على “كروشهم”، وطبعا هذا المصروف الضخم، ضاع على الكيوي والموز والكافيار والشيكولاطة المستوردة وغيرها من السلع المستوردة من هنا وهناك!

وزير المالية، الحالي، الخبير السابق، عبد الرحمان بن خالفة، المثير للجدال والسجال، بسبب ما حمله قانون المالية لسنة 2016، خاطب الجزائريين بالقول فيما معناه: أن زمن الكيوي والأجبان والفخفخة والبرستيج، انتهت، وعلى الجميع التعايش والتكيف مع مرحلة جديدة عنوانها “الزلط والتفرعين”!

وداعا لأعوام “راقدة وتومنجي وتستنى الكونجي”، وأهلا وسهلا ومرحبا بأعوام “البو” مرّة أخرى، فأزمة البترول الخانقة، لم تعد مجرّد سحابة عابرة، أو عاصفة يتمّ التعامل معها بمنطق النعامة التي تدك رأسها في الرمل إلى غاية مرورها، ولكن كلّ الخطابات والتحذيرات والتقارير والقرارات، تؤكد أن الحالة فعلا “ما تعجبش”!

هل من السهل يا تـُرى، أن يتخلى أغلب الجزائريين، بأغنيائهم وحتى فقرائهم، عن العادات الاستهلاكية “المشينة” التي علـّمتنا جميعا فنون البذخ وأسكنت التخمة والبطنة فينا، فهل نحن ومعنا بن خالفة وكل الوزراء قادرون على وقف سيلان اللعاب على تلك الأطباق الشهية التي كان للمزابل نصيب فيها، في رمضان وشعبان ورجب وفي العيد وكلّ الأشهر الميلادية والهجرية والمناسبات الوطنية والدينية!

الذي ذاق ليس كمن لم يذق، والمثل يقول: “ألـّي ذاق البنة ما يتهنـّى”، ولذلك، فإن دعوات و”تحريشات” بن خالفة وغيره من الوزراء، لن تنفع، إلاّ إذا “نوّر الملح”، وفي انتظار ذلك، فإن المسيرة طويلة وشاقة ومرهقة، وخطيرة أيضا، على النفسية العامة لعامة الجزائريين!

قال متشائمون، أن المحظوظين والأغنياء، لن يحسّوا بالأزمة المالية، وأن الضربة ستكون موجعة بالنسبة للمزلوطين والفقراء فقط، لكن أذكياء القوم، يرون عكس ذلك، فالذي “والف” يحسب المليار، سيجد نفسه غير مقتنع بالمليون، حتى وإن كان بالأورو والدولار، والذي “والف” يأكل خروف سوف لن يُقنعه “جيقو”، والذي ركب “البورش” لن تملأ له “الرونو 4” عينه!

المصيبة يا جماعة الخير عامة، والعياذ بالله، وحتى إن كانت الحكمة تقول بأنه “إذا عمّت خفـّت”، المنتظر أيضا اندلاع شرارة “تنافس” بين هؤلاء وأولئك على من يظفر أولا ووسطا وأخيرا بحبّة الموز، أو قطرة الماء، خوفا من وصول مرحلة “القحط”، حيث لا ينفع حينها لا كلام ولا أوهام ولا أحلام!

هكذا، يستقبل للأسف، الجزائريون عام 2016، بالخوف، وأحيانا بـ”الهفّ”، وفي أغلب الحالات بالمسرح، حيث ستتكرّر في حال طالت المحنة، مشاهد قصة الأعرابي الجائع الذي شمّ رائحة الشواء ولم يأكل، والطباخ الطمّاع، الذي سمع صوت الدنانير ولم يقبض!

هو الواقع الكاريكاتوري يضحك علينا، ونضحك به نحن على أنفسنا، فقد ضيّعنا فترة طويلة من الرخاء، فبدل أن نستغلها للإبداع واختراع “البدائل” المتاحة لتعويض مرحلة ما بعد البترول، فإننا انشغلنا بـ”الكافيار” وثقافة “البازار” وعقلية “التعمار”، فانقلب السحر على الساحر، وأضحينا من النادمين، حتى وإن كانت المسؤولية درجات!


وحتى تكتمل “الخبطة”، أطلّ محافظ بنك الجزائر، لكساصي، ليعمّق الجرح، بدل أن يضمّدها بكمّادات “شحيحة” أو بيت مال الجزائريين، لينشر الهلع بدوره، حيث قال أن الخزينة صرفت أو بالأحرى ضيّعت ما لا يقلّ عن 60 ألف مليار خلال 90 يوما فقط، بسبب أزمة البترول الملعونة، والتي بدأت تأثيراتها تعصف بمختلف القطاعات وتـُفرمل شتى المشاريع، بما فيها برامج “السوسيال”، الذي لن ينجو برأي خبراء من “مقصلة” الأزمة رغم تطمينات الحكومة!

قديما قالوا: “يا صغري أخدم ألكبري، ويا كبري أخدم ألقبري”، لكن يبدو أن المحنة المالية، ستجبر الجميع على التعامل معها وفق المثل القائل: “الصوردي ألـّي يجيبو النهار ياكلو الليل”، ولذلك، سيتوقف السوق ويقلّ الدينار، وتحرق الأسعار جيوب الزوالي و”البقـّار”، ويختلف “السرّاق” فيظهر المال المسروق، وينتعش نشاط الجمعيات الخيرية، وتصبح وزارة التضامن، أهم وأقوى وزارة في الحكومة القادمة.. فاللهمّ حوالينا ولا علينا.. آمين.   

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!