جواهر
فضفضة

العيد بلا طعم بعد رحيل والدتي

نادية شريف
  • 2871
  • 15
ح.م

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وبعد:

أنا ليست لدي مشكلة ولكني بحاجة إلى الفضفضة.. بحاجة لإفراغ ما بقلبي لعلي أرتاح من حزن يعصره عصرا، خاصة في هذه الأيام المباركة التي تحلو فيها لمة العائلة..

من أربعة أشهر رحلت الغالية.. رحلت منبع الحب والحنان.. رحلت عمود البيت وبهجته.. رحلت أمي إلى حيث اللارجوع.. رحلت وتركتنا نستقبل مواسم الفرح والسرور بالقنوط والعبرات.. كل في زاوية من الزاويا منكسر وموجوع يرثي حاله وحالنا..

رحلت والدتنا بالداء الخبيث الذي أكل جسدها الطيب أكلا، وتركتنا بلا سند.. حتى والدنا انكسر ظهره برحيلها، فقد كانت هي القوة، وهي الفكر، وهي المحرك لكل طاقة إيجابية في البيت.. تركت إخوتي صغارا كعصافير بلا ريش، أما أنا الكبرى ورغم أني في 23 من عمري، إلا أني لم أحسن تعويض مكانها.. لم أعرف كيف أحتوي ضعفهم ولا كيف أمسح دمعهم.. أو بالأحرى دمعنا لأننا لا نزال تحت الصدمة..

العيد على الأبواب، في مثل هذا الوقت من كل عام كانت الغالية تبذل قصارى جهدها كي تشعرنا بفرحته.. كانت تصنع لنا أشهى الحلويات وتخضب أيدينا بالحناء وتجهز الزينة.. كانت تصنع “الرشتة” في المنزل كي تكون غذاءنا في يوم الفرحة لأننا جميعا نحبها أو بالأحرى أحببناها لأنها مصنوعة بالحب.. والآن لا حلويات ولا غذاء ولا حناء.. نحن في حداد مفتوح وزادنا هذا الوباء جمودا وتبلدا..

لدي أخت في العاشرة من عمرها وأخرى في الثالثة عشر وأخ في السادسة عشر.. كلنا نتحاشى النظر ببعض كي لا تفضحنا دموعنا لأننا تعاهدنا أن نكون أقوى وما استطعنا الوفاء بالعهد.. ما استطعنا تجاوز الفاجعة.. ما استطعنا الصبر.. حتى والدي الذي كنا نراه قويا انهار كدار اسمنتي ضربته آلة حادة..

أيام رمضان مرت كئيبة وموحشة ومكان والدتي الشاغر على الطاولة كان يحرك بداخلنا كل الذكريات الكامنة.. وأيام العيد كيف ستكون ونحن نفتقدها ونحنّ لحظنها الدافئ؟.. أرجوا من كل من قرأ كلماتي أن يدعو لوالدتي بالرحمة والمغفرة وأن يلهمنا جزيل الصبر والسلوان.. أرجوا أن لا تنسوني لأني بحاجة فقط إلى كلمات المواساة والدعاء كي أكون وإخوتي بخير..

نور اليقين

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

الرد:

تحية طيبة أختي الكريمة والله أسأل أن يرحم والدتك ويغفر لها ويجعلها من أهل الجنة، ويصبركم ويأخذ بأيديكم إلى بر الأمان وبعد:

شكرا لأنك اخترت منبرنا للفضفضة ولأنك فتحت قلبك وأخرجت ما به من حزن، ونحن بدورنا نتمناك بخير دائما وأبدا ونرجوا أن تتمكني في القريب العاجل من تجاوز المحنة التي لا مفر منها، لأن الموت مصيرنا جميعا، وأيام الكرب هذه دول بين الناس..

أنت أكبر إخوتك ورغم صغر سنك أطلب منك أن تحاولي مساعدتهم على تقبل الوضع وعدم النظر للخلف.. أخبريهم أن والدتك ستكون سعيدة حيث هي إن تمكنوا من عيش حياتهم والاستمرار كما أرادت لهم أن يكونوا..

الجرح جديد صحيح وأربعة أشهر لا تكفي لنسيان غياب الأم التي هي عماد البيت فعلا وفرحته وكل شيء جميل فيه، لكن مع الوقت ستصبح ذكرى طيبة تذكرونها بالحب..

التفوا حول والدكم ولا تزيدوا من انكساره بحزنكم الشديد، وحاولوا أن لا تنغصوا على بعضكم البعض وأن تستمدوا الشجاعة من بعضكم البعض وأكيد ستبحر سفينة الحياة لترسو يوما على شاطئ الفرح..

أتمنى لكم عيدا طيبا رغم الألم ورغم الوباء ورغم الحجر.. أتمنى أن تكونوا بخير ككل عام وأن تدعوا لوالدتكم بالرحمة والمغفرة وأن تهدوها كل شيء جميل يخفف عنها حيث هي فهذا ما تحتاجه والله المستعان.

لمراسلتنا بالاستشارات:

fadhfadhajawahir@gmail.com

مقالات ذات صلة