-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نجم أغنية المالوف عباس ريغي للشروق العربي

الفنان شمعة تحترق لتدخل الفرحة على نفوس الجمهور

طارق معوش
  • 366
  • 0
الفنان شمعة تحترق لتدخل الفرحة على نفوس الجمهور
تصوير: بوراس إسلام

أرجع الفنان، عباس ريغي، نجاح أي فنان ومؤدي أغاني المالوف إلى القدرة على التذوق الفني، واستشعار أجواء الموسيقى وغرامها. فالاستماع إلى هذا الفن هو الطريق للغوص في خباياه، واكتشاف أسراره، كما عاب عباس ريغي على مغني الموجة الجديدة من الراي استعمالهم الكلام غير النظيف، حيث علق على ذلك بجملة: “الراي الذي لا يملك حتى رأيا نحن لا نحتاجه”. عن كل هذه الجوانب ونقاط أخرى، تحدث الفنان عباس ريغي، في هذا الحوار، الذي خص به مجلة الشروق العربي.

الشروق: جائحة كوفيد 19 حرمت العديد من الفنانين في مختلف المجالات من النشاط بسبب الحجر الصحي، كما عطلت مشاريعهم.. فماذا عن عباس ريغي؟

– عباس ريغي، على غرار باقي فناني الجزائر والعالم بأسره، حرم من عدة أعمال ومشاريع فنية. وأخص بالذكر المشاركة في بعض المهرجانات والسهرات الدولية. فجائحة كورونا حرمتني من المشاركة في عدة حفلات خارج الوطن، بما فيها باريس وتونس، لأنني كنت على أمل كبير أن أمثل الجزائر في هذه التظاهرات.

الشروق: مقابل تضييعك كل هذه المواعيد الدولية، هل اغتنمت فترة الحجر الصحي لتحضير أعمال فنية جديدة؟

– حقيقة، لا يمكنني كفنان أن أبقى طيلة هذه الفترة مكتوف اليدين. فأول شيء قمت به هو استغلال فرصة الحجر لتوسيع رصيدي الشخصي– ريبيرتوار-، كما قمت باستغلال الجائحة للغوص أكثر في أغوار فن المالوف. والأمر الثاني، هو استغلال الفرصة لتمثيل الجزائر عبر فضاء العالم الافتراضي، إلى جانب فنانين عالميين، حيث كنت الفنان الوحيد من الجزائر، وقد شاركت بمقطوعة موسيقية تغني للسلام.

الشروق: بما أنك من الجيل الجديد، كيف ترى تعامل أبناء جيلك مع فن المالوف؟

– المالوف في الحفظ والصون، وقد احتضنه عدد لا بأس به من الشباب وأحبوه بكل تفان، كل واحد يغني بشعوره وأحاسيسه الداخلية، وهذا الأمر أفرحنا كفنانين شباب، وأظن أن هذا الأمر لم يكن لينجح، لولا الدور الكبير الذي قام به مشايخ المالوف الكبار، على غرار الشيخ التومي رحمه الله، وقدور الدرسوني قدوتي في هذا الفن، هذا العملاق الذي ساهم في الحفاظ على المالوف وكوّن أجيالا من الفنانين، ولي الشرف أنني كنت منهم، مع فنانين آخرين، مثل بهلول والشريف زعرور، إلى غاية الشباب، وتكريم هذا الشيخ حتى بعد رحيله، هو اعتراف

له بما قدمه لهذا الفن والمدينة. الفنان شمعة تحترق لتدخل الفرحة على نفوس الجمهور، والفنان عانى كثيرا خلال العشرية السوداء، وكان كالمحارب الذي يخوض المعارك يوميا، من أجل زرع البسمة والأمل في الحياة وسط الدمار والموت والدماء.

بعد نجاح فيلم البوغي، لا أتردد في مواصلة المسيرة في مجال التمثيل أيضا.

الشروق: بعد بطولة فيلمك الأول، البوغي، انتقد الكثير من الممثلين اقتحام المغنين مجال التمثيل، في حين يتم تهميش أصحاب المهنة (الممثلين)، كيف ترى الأمر؟

– أنا فنان مبدع، سواء في الغناء أم التمثيل.. وممارستي التمثيل لا تعني أنني أخذت مكان الفنان الفلاني، وبسببي همش ولم يعد مطلوبا. فالتمثيل جزء لا يتجزأ من بحر الفن العميق والكبير، ولا أرى عائقا في ممارسة المغني التمثيل أو أي مجال فني آخر. وما دمت أملك الموهبة، فلا أجد مانعا في ممارسة فن التمثيل أيضا. والحمد الله، الفيلم نجح ودوري فيه كان مميزا.. ولا أتردد في مواصلة المسيرة في مجال التمثيل أيضا.

الشروق: وما ردك على من انتقدوا تمثيلك بالبوغي؟

– من غير شك، أنا مع النقد البناء، وليس مع النقد من باب النقد فقط… ملخص القول، الفيلم نجح، والحمد الل..ه والكثير من النقاد أشادوا بدوري. كما يجب أن يعلم البعض أنني لأول مرة أمثل، ولست خريج مدرسة فنون التمثيل. ورغم هذا، دوري كان ناجحا، بشهادة كبار الفنانين والمخرجين.

الفنان يعاني من الداخل ولا يستطيع البوح بما يعانيه من شدة كبريائه

الشروق: البعض أثار ضجة وانتقادا عند محاولة إدخالك لمسة عصرية على أغنية “البوغي”، ماذا تقول في هذه النقطة بالذات؟

– شكرا على إثارتكم لهذه القضية، التي سأستغل هذه الفرصة لتوضيحها للرأي العام وأهل الفن بقسنطينة، وبكل ربوع الوطن، والتأكيد على أن الضجة التي أثيرت حول هذه القضية جاءت نتائجها عكسية تماما لما كان يتوقعه المنتقدون. أولا، أنا لم أغير أي شيء في أغنية “البوغي”، لا الكلمات ولا اللحن ولا حتى الآلات الموسيقية، وكل ما في الأمر، أنني قمت بإضافة بعض الآلات الموسيقية العصرية، في تجربة شخصية الغرض منها محاولة معرفة كيف نسمع فن المالوف عبر الموسيقى وليس الكلمات، كما كان الهدف منها كذلك الترويج لهذا الفن الأصيل وتوسيع رقعة انتشاره لبلوغ العالمية، على غرار فن “الراي”… وليعلم الجميع بأن تلك الأغنية، وبعد نشر الفيديو بالفضاء الأزرق وعلى مختلف الوسائط الاجتماعية، سجلنا إعجابا منقطع النظير لدى فئة الشباب، الذين ازداد اهتمامهم بفن المالوف، وهو ما يعد ردا قويا على المنتقدين وأعداء النجاح، ليعلم الجميع أن عباس ريغي من المدرسة الفنية المحافظة، ومن مريدي الطريقة الرحمانية، وشيخي ومعلمي الأول والأخير هو الشيخ قدور درسوني- رحمه الله.

الشروق: الكثير من الفنانين يتغنون بفن المالوف بطريقة مغايرة تماما دون ذكر الأسماء.. ماذا تقول لهم عن المالوف؟

ـ لا يمكن اختزال المالوف من خلال تعريف لا يعطيه حقه. ولكن، أرغب في الإشارة إلى نقطة مهمة جدا، أعتبرها عاملا حاسما لمن يغني أو يؤدي المالوف، تتمثل في عامل التذوق الفني، واستشعار أجواء المالوف وغرامه. فسماع هذا الفن هو الطريق للغوص في خباياه، واكتشاف أسراره.

الشروق: هناك من يربط فن المالوف بالراحل الحاج محمد الطاهر الفرقاني، ما رأيك؟

– حقيقة، الراحل محمد الطاهر الفرقاني، فنان كبير ومبدع في هذا المجال، ومن خلال تجربتي، أظن أن هذا الفنان يستحق المرتبة التي وصل إليها والتسمية التي حصل عليها، كعميد للمالوف، لقد قدم الكثير وتعب بشكل كبير في مساره الفني. هو فنان كان يملك كل عناصر البروز من إتقانه العزف، إلى قوة صوته.. وهو الأمر الذي مكنه من النجاح والوصول إلى العالمية.

أغنية الراي التي لا تملك حتى رأيا نحن لا نحتاجها

الشروق: الكثير من قصائد المالوف هي قصائد أتت من الأندلس، لكن بعضها كتبه قسنطينيون. أليس كذلك؟

ـ نعم، لدينا شيوخ من قسنطينة كتبوا قصائد. فقصائد المالوف لا تعود كلها إلى الأندلس. لدينا شيوخ هنا في قسنطينة كتبوا قصائد الزجل، وهي قصائد لا توجد في مدارس أندلسية أخرى، لا في العاصمة ولا في تلمسان. هذه القصائد الزجلية كانت بدايتها من خلال “الطربادو” التي معناها “الطرب يدور”، كانوا يكتبونها في جبال الأندلس. لقد كتبوا هذه الأزجال أثناء مقاومة الإسبان، لكن حين أتوا إلى قسنطينة ساهم العديد منهم في تنمية هذه الأزجال، حتى وصل الأمر إلى كتابتها من قبل قسنطينيين. المالوف هو الذي يخرج من البيئة التي يوجد بها ويقدم بشكل شاعري جميل.

الشروق: كيف ترى وضعية الفنان في الجزائر؟

– كما صرحت لك بداية لقائنا، وأتحدث بالإجماع وليس عن نفسي، حقيقة، يبقى الفنان يصارع في هذه الحياة الصعبة، وكل ما يقدم له لا نستطيع أن نقول إنه كاف، بالنظر إلى دوره في المجتمع ورسالته النبيلة التي يقدمها وتضحياته.. يحز في نفوسنا نحن كفنانين، من يرى الفنان بشكله الظاهري ولباسه الأنيق يقول إنه بخير، لكن الفنان يعاني من الداخل ولا يستطيع البوح بما يعانيه من شدة كبريائه، في ظل الأموال الزهيدة التي يحصل عليها من مشاركاته في مختلف الفعاليات الفنية، والتمييز الممنهج والمقصود في التعامل بين الفنان المحلي والأجنبي، حتى

ضمن نفس التظاهرة الفنية.. ورغم هذا، تجد الفنان الجزائري يأمل دوما الخير لبلده، ويأمل أن تتغير الأحوال دون أن يحتج أو يضغط.

الشروق: الموسيقى الجزائرية تشهد موجة جديدة من الفن العصري، فما رأي عباس ريغي في الأغنية الجديدة التي تصنف ضمن طابع الراي؟

ـ أحب أغنية الراي حين تكون نظيفة، عندما يكن لكلماتها أن تدخل إلى بيوت الأسر الجزائرية، ويتذوقها المستمعون. أما الراي الذي لا يملك حتى رأيا، فنحن لا نحتاجه.. أليس كذلك؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!