-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الفوضى‭ ‬غير‭ ‬الخلاقة

صالح عوض
  • 5521
  • 0
الفوضى‭ ‬غير‭ ‬الخلاقة

ماذا يراد بفلسطين ولبنان والمنطقة كلها؟ في لبنان تأزم طائفي وسياسي وتجاذبات أنزلت المحتجين الى الشارع، وفي فلسطين بعد مأساة التصارع الدامي على السلطة في غزة، ها هي قناة الجزيرة العظيمة تتولى مهمة إشعال الفتيل مجددا بين الفريقين الفلسطينيين لتبادل المسبات والتهم..

  • وفي مصر من حادثة الكنيسة الدامية يصار الآن الى تحريك قوى واتجاهات في مواجهة احتقان سياسي وتصلب أمني لا يفتح بابا لحوار وطني مسؤول ولا يترك فرصة للحريات السياسية.. في الأردن احتجاجات وإضرابات واشتباكات مع الأمن ومطالبات بإسقاط الحكومة، وفي سوريا تخوف كبير من امتداد الاحتجاجات والاضطرابات، والدولة تتخذ اجراءات احترازية.. وإذا انتقلنا من دول الطوق الى طوق الطوق نرى السودان والعراق بلد تم تقسيمه وبلد برسم التقسيم القومي ويسير في حقل ألغام.
  • ماذا يراد بالمنطقة؟ للإجابة على هذا السؤال، من الضروري تحسس مصادر القوة المباشرة والطبيعية في ساحتنا لكي نحسب للجولات القادمة حسابها.. وهنا تبدو لنا المنطقة مستسلمة تماما لمخطط الفوضى غير الخلاقة الذي تنهجه الإدارة الأمريكية بشكل مباشر او بوسائل وأدوات اقليمية،‭ ‬وحتى‭ ‬اللحظة‭ ‬ليس‭ ‬واضحا‭ ‬الا‭ ‬لون‭ ‬الدم‭ ‬العربي‭ ‬المستباح‭ ‬والحريات‭ ‬المكبوتة‭ ‬والطاقات‭ ‬العربية‭ ‬المهدورة‭ ‬والهامشية‭ ‬وعدم‭ ‬الإكتراث‭ ‬بما‭ ‬له‭ ‬علاقة‭ ‬بكرامة‭ ‬الأمة‭ ‬ومصالحها‭ ‬العليا‭.‬
  • وعلى هذا المشهد، تقيم أمريكا خططها وتنسج خيوط مؤامرتها.. ترفع فلانا وتثبت علانا وهي لا تحترم فلانا ولا ترحم علانا.. وكلما سقطت أوراق أحدهم كست آخر ممن يقفون في الطابور ليؤدي مهمة هم يقدرون متى تنتهي.
  • وحركة‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمريكية‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬براحة‭ ‬وبإنسيابية،‭ ‬فلا‭ ‬أحد‭ ‬يقف‭ ‬امام‭ ‬المقترحات‭ ‬والتوصيات‭ ‬التي‭ ‬لا‮ ‬يتوقف‭ ‬هطولها‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬المسؤول‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬مستسلما‭ ‬بلا‭ ‬حراك‭.‬
  • والهدف من هذا كله، يكمن في أمن اسرائيل وتوفير الشروط الضرورية لاستمرارها وتوفير الأجواء المناسبة لتمدد المصالح الأمريكية في المنطقة واعطاء الفرصة ثمينة لأطراف لا تجيد إلا النهب والنصب.. وهذه هي الفوضى الخلاقة التي تريدها امريكا وهي فوضى لا يراد منها إلا إغراق‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬حمى‭ ‬المشكلات‭ ‬الداخلية‭ ‬والتي‭ ‬تعمق‭ ‬التناحر‭ ‬وتجرف‭ ‬المجتمعات‭ ‬العربية‭ ‬الى‭ ‬مواطن‭ ‬الضياع‭.‬
  • وهنا اليس من حقنا ان نتساءل لماذا صم الأذان وإغماض الأعين ازاء الشعوب وهمومها؟ ما الفائدة من مواجهة الجماهير بالعصي والغاز المسيل للدموع والاعتقالات في مواجهة شعوب تريد كرامتها ولا تريد الحاكم الأبدي ولا تقبل بالتوريث ولا تقبل باستغفالها وتجاهل مطالبها؟
  • ماذا يضر مصر لو انفتحت القنوات بين فعاليات المجتمع وحساسياته السياسية من جهة والنظام من جهة اخرى؟ ماذا يضير مصر لو كانت قوى المعارضة جميعا ممثلة في البرلمان بنسبة تقترب من 50 بالمئة؟ وماذا لو ان الفلسطينيين اختصروا معاناة الشعب والتقوا على القواسم المشتركة‭ ‬وتركوا‭ ‬لكل‭ ‬منهم‭ ‬خصوصيته‭ ‬ليحموا‭ ‬مكتسبات‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني؟‮ ‬وهذا‭ ‬السؤال‭ ‬يتكرر‭ ‬بأشكال‭ ‬مختلفة‭ ‬على‭ ‬واقع‭ ‬كل‭ ‬بلد‭ ‬من‭ ‬بلداننا‭.‬
  • مع‭ ‬كل‭ ‬ما‮ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬قتامة‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬قوة‭ ‬الأمة‭ ‬في‭ ‬حيوية‭ ‬شعوبها‭ ‬وإصرار‭ ‬أحرارها‭ ‬ومثقفيها‭ ‬وروادها‭ ‬على‭ ‬التحرر‭ ‬من‭ ‬اللحظة‭ ‬القاسية،‭ ‬ويبدو‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الخيار‭ ‬أصبح‭ ‬الخيار‭ ‬المجرب‭ ‬بنجاح‭.‬
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!