-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الفيروس الأبيض والفيروس الأسود!

الفيروس الأبيض والفيروس الأسود!
ح.م

لا يمكن لأي مفكّكٍ للألغاز، أن يجد لنا تفسيرا واحدا عن سبب محاولة فرنسا ولا نقول الاتحاد الفرنسي للعبة كرة القدم، منع اللاعبين الأفارقة من مغادرة البلاد، لمشاركة منتخبات بلادهم في التصفيات الإفريقية، والسماح في المقابل ومن دون أي شرط لبقية لاعبي أوروبا بالترحال إلى بلدانهم للمشاركة مع المنتخبات، والغريب أن هذه المحاولة الفاشلة والتي انتهت على مشارف ضرورة الفحص اليومي بعد العودة من السفر، تزامنت مع الغلق الشامل للعاصمة باريس التي انطفأت أنوارُها، وستخلد لظلام حالك مدة لا تقل عن الشهر، قابلة للتمديد بعد أن اعتصرها الفيروس القاتل.

الأمر لا علاقة له بالصحة العامة، التي يشرف عليها علماء وأطباء، أثبتوا جميعا أن الفيروس لا يفرِّق بين أبيض وأسود لا بتقوى ولا بغيرها، ولا بحركة الطيران المتذبذبة، وإنما بمزاج أوروبي، وفرنسي على وجه الخصوص، صار أقرب إلى العقدة منه إلى التعامل الحضاري الذي كانت ومازالت فرنسا تزعم بأنه ميثاقها الوحيد.

قد نساير الذين يقولون إن أرقام جائحة كورونا التي تعلنها الجزائر والمغرب ونيجيريا والكامرون وكوت ديفوار أقلّ بكثير من الحقيقة، وفرنسا التي تعترف بأنها مازالت في مرحلة الخطر الوبائي، خائفة على أبنائها من نقل مزيدٍ من الفيروسات المتحوِّرة، ولكن ما نعلمه جميعا وبالأرقام هو أن غالبية الدول الأوروبية، بل جميعها تعيش بؤسا وبائيا في هذه الأيام وصفته بعض البلدان بالكارثة، وأعلنت لأجله أخرى حالة الطوارئ، ومع ذلك ترى فرنسا بأن الفيروس القادم من جيرانها البيض أحنُّ من ذاك القادم من جنوب البحر المتوسط ومن أعماق القارة السمراء.

عندما تسمح فرنسا للاعبين  إيطاليين وبرتغاليين بالطيران إلى بلدانهم التي أكملت الثلاثة ملايين مصاب بفيروس كورونا خلف الولايات المتحدة الأمريكية التي قرعت الثلاثين مليون مصاب، وتأتي من بعدها إنجلترا وفرنسا بمجموع حوالي تسعة ملايين مصاب ما بين الدولتين، وهو ما يمثل عدد سكان الكثير من بلدان القارة السمراء، بينما لا يزيد عدد الإصابات في بوتسوانا عن الخمسة وثلاثين ألفا وفي زامبيا عن الخمسة وثمانين ألفا، فإننا سنبصم من دون تردد، على أن الأمر هو إصابة بعض مسؤولي فرنسا بفيروس معنوي غريب، يجعلهم يفقدون المناعة الأخلاقية الضرورية في التعامل مع الشعوب على نفس المستوى.

وفي كل مرة نعود لنجد لفرنسا بعض الأعذار، من ضعف الطرف الآخر، الذي كان الأجدر به أن يتوجَّس خيفة من استقبال أي وافد من القارة الأوروبية التي كانت منذ بداية الوباء عاصمة له، وهي التي نقلت الفيروس إلى شمال قارة إفريقيا وتوغل في أدغالها وصحرائها ليزرع الموت والخوف في قلوب بيضاء، ولكن الأوروبيين لا ينظرون سوى لسواد وسُمرة البشرة، وفي كل مرة نعود لنتساءل عن سرّ هذه المازوشية الغريبة التي يتّصف بها بعض الأفارقة، من الذين يصرّون على أن كل وباء قادم من هناك، هو صحة، وعلى أن كل صحة منّ بها الله عليهم هنا، وباء، فيتصورون أن القلوب البيضاء بالضرورة تسكن الأجساد البيضاء، ومن كانت بشرته سوداء فبالضرورة قلبه أسود!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • بن بولعيد

    الجزائر لن تسمح لاي شخص مهما كان دخول ترابنا الوطني - فرنسا ينتشر فيها الفيروس المتحور الخطير - لانه سيحمل و بدون شك الفيروس المتحور
    الصحة العامة بالجزائر بمعني صحة شعبنا اهم من كل شيء ومصلحة الوطن اولا وقبل كل شيء وفي مثل هذه الظروف الوبائية الخطيرة التي تعم العالم اجمع .
    السفر من فرنسا الي الجزائر ومن الجزائر الي فرنسا ممنوع منعا باتا ولن يحدث ابدا