-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تعرضت بطلته لمحاولة اغتيال وتعاطف معه الفرنسيون

الفيلم الذي أنقذ جميلة بوحيرد من حبل المشنقة

فاروق كداش
  • 3095
  • 0
الفيلم الذي أنقذ جميلة بوحيرد من حبل المشنقة

عرفت بصوتها الهادئ الشجن وتمثيلها الصادق النابع من أعماق الروح… شاركت في الثورة الجزائرية وساندت القضية في زمن لم يكن لنجمات مصر شأن بالقضايا الإنسانية.. هي ماجدة التي مجدت الجزائر من خلال تقمص شخصية مجاهدة من الطراز الكبير، “جميلة بوحيرد”.

راودت الفكرة ذهن الممثلة الكبيرة، ماجدة، بينما كانت جميلة بوحيرد في السجن، تتعرض لشتى أنواع التعذيب والإهانة، وكان حكم الإعدام قد صدر في حقها، أي إنها كانت في رواق الموت تنتظر رواق الحياة الخالدة… في عام 1958 قررت ماجدة أخيرا أن تنتج فيلما عن هذه الشخصية النضالية الجميلة قلبا وقالبا، وكان الفيلم من إنتاجها ومن إخراج المخرج الكبير يوسف شاهين.

وهو أول فيلم سياسي له، وقد كلفت ماجدة كوكبة من كبار الكتاب لكتابة سيناريو الفيلم، منهم عبد الرحمن الشرقاوي وعلي الزرقاوي والأديب حائز جائزة نوبل، نجيب محفوظ. وكانت متحمسة للغاية وكأنها تقوم بإنتاج فيلم عنها. فجميلة هي تلك المرأة التي تسكن قلب كل أنثى.. وجرف سيل شغفها نجوم مصر الذين كانوا في تلك الفترة ممثلين من الصف الأول، مثل رشدي أباظة في دور بيجار، وأحمد مظهر في دور يوسف، وصلاح ذو الفقار في دور عزام، وزهرة العلا في دور بوعزة.. ورأى الفيلم النور وحقق نجاحا خرافيا، وعرض في أكثر من مهرجان وحاز العديد من الجوائز، وتعاطفت الجماهير في أنحاء العالم مع شخصية بوحيرد الجزائرية، التي سجنت زورا وعذبت غصبا وتهمتها الوحيدة أنها أحبت وطنها وأرادت له الحرية.

ونتيجة الضغط الشديد الذي وقع على الحكومة الفرنسية آنذاك، بسبب المظاهرات الحاشدة التي طالبت بإنقاذ الجميلة “جميلة” من حبل المشنقة، أذعنت هذه الأخيرة للضغط الشعبي وخفضت العقوبة من الإعدام إلى المؤبد.

كانت درجة التعاطف مع الفيلم ومع أداء الممثلة ماجدة لا توصف، فقد كتب الكاتب الفرنسي جون بول سارتر: “الفيلم جسد أمامي حجم الجرم الذي ارتكبناه في حق الإنسانية، إن هذه الممثلة الصغيرة الكبيرة أسقطت مني دموعا وأنستني جنسيتي”.

وتعرضت الفنانة ماجدة لهجوم حاد من طرف المتعصبين الفرنسيين المؤيدين للاستعمار. وقد دفع هذا التعصب البعض إلى محاولة اغتيال الممثلة المصرية.

جميلة في السينما المصرية

في حين لم يعط فيلم معركة الجزائر الذي صدر بعد سنوات المرأة حقها من الظهور، ركز فيلم جميلة على المرأة الجزائرية ووفاها حقها.. ولأنه فيلم قوي إنسانيا وسينمائيا، قامت فرنسا بمنعه لمدة طويلة، وكانت تتدخل كلما عرض في أي مهرجان.. وهذا ما حدث سنة 1959 حين دخل الفيلم مسابقة مهرجان موسكو السينمائي الدولي، ولكن مرة أخرى وبناء على طلب الجانب الفرنسي عرض الفيلم خارج المنافسة.

فيلم جميلة صدر في حقبة خاصة عنوانها القومية العربية، وكان العدوان الثلاثي والثورة الجزائرية مثالين عن النضال العربي المناهض للاستعمار. وهذا ما دفع العديد من المخرجين والكتاب إلى المساهمة في تنمية هذا الخطاب الثوري السياسي بدعم من الحكومة المصرية.

وفي هذا السياق، صرحت الممثلة ماجدة في أكثر من مقابلة لها، بأن فيلم “جميلة بوحيرد” لم يعرض في أي دولة محتلة إلا وحدثت فيها مظاهرات، كما حدث في أفغانستان وباكستان ويوغسلافيا وغيرها من الدول، لأن شخصية جميلة كانت تحثّ الشعوب على الاستقلال والحرية.

كواليس لم تقرأها من قبل

لم تكن كواليس تصوير هذا الفيلم الثوري سلسة، كما يظن البعض.. فقد نشبت خلافات كثيرة بين الممثلة التي كانت هي المنتجة، والمخرج عز الدين، ذو الفقار، الذي كان من المقرر أن يخرج الفيلم في البداية، بسبب محاولته تغيير بعض التفاصيل التي كانت تراها ماجدة ضرورية في القصة. بعدها، قررت الاستغناء عن خدماته والاستعانة بالمخرج يوسف شاهين، لكن بعد الانتهاء من الفيلم اختلفت معه أيضا، لأنه امتعض من اقتران نجاح الفيلم باسم الممثلة لا باسمه كمخرج.

يحتل فيلم “جميلة 1958” المركز رقم 54 في قائمة أفضل 100 فيلم في ذاكرة السينما المصرية، بحسب استفتاء النقاد، بمناسبة مرور 100 عام على أول عرض سينمائي بالإسكندرية (1896-1996)، وكان الاختيار بداية من عام 1927، حين تم عرض أول فيلم مصري (ليلي 1927) وحتى عام 1996.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!