الرأي

الفيلم الوثائقي عن مسعور زڤار: الحقيقة والأكاذيب

محي الدين عميمور
  • 9581
  • 0
ح.م
الراحل مسعود زغار

عند تناول الفيلم الوثائقي حول المرحوم مسعود زڤار لقضية “ماشينو” (أبريل 1978) تصوّرت أن ادعاء المقدم بأنني “سربت” خبر الاختطاف إلى السيد بول بالطا، مراسل صحيفة “لوموند”، كان مجرد خطأ غير مقصود، لأن العمل في رئاسة الجمهورية له قواعده ولا مجال فيه لأي ارتجال، ويعرف كل المتابعين للقضية أن أولى الأخبار خرجت من كندا، بلد الاختطاف، حيث لا وجود لي هناك، والتقطها المراسل الفرنسي عبر وكالة الأنباء الفرنسية، ليطرح عليّ بشكل مفاجئ وهاتفيا أسئلة بشأنها، حيث طلبت منه “تجميد” النشر إلى حين معرفة التفاصيل، وهو ما كنت رويته باختصار في تصحيح سابق، وكنت في واقع الأمر أفضل أن تدفن القضية تماما لأنها كانت مأساة شخصية وجرحا عميقا في حياة المناضل الفقيد.

 لكن من أعد الفيلم رأى غير ذلك، وقد يكون ذلك حقه.

غير أن الجزء الرابع من الفيلم أكد لي أن هناك موقفا مقصودا للإساءة لي شخصيا، مما يعكس خلفيات لعلها كانت السبب في أن كثيرين من الشخصيات الوطنية رفضوا تسجيل شهادات عن المناضل التاريخي، رغم أنهم كانوا من أقرب الناس إليه، مما يؤكد أن الثقة لم تكن قائمة، وهو ما كنت أجهله.

وقام مخرج الفيلم باقتطاع عبارات ارتأى أنها من نصوص كتبت بالفرنسية وقيل إنها يوميات المحكمة، لكنها كانت جملا انتزعت من سياقها بأسلوبويل للمصلين، بما بدا أن القصد هو الإساءة الواضحة لشخصي، في حين أن شهادتي أمام المحكمة العسكرية كانت باللغة العربية، وكنت يومها قد عزلت من عملي الرئاسي مثل آخرين سبقوني في إطار التخلص من بقايا الرئيس بومدين.

ونسب مُعد الفيلم تلك الاتهامات لمحيط الأسرة وهو ما لم نسمعه على لسان أي من السيدات والسادة المحترمين الذين أورد الشريط الوثائقي شهاداتهم.

ولم يستعمل معدّ الفيلم من نص الشهادة التي أدليت بها، بالصوت والصورة وبناء على طلبه وكانت  في حدود نصف ساعة تقريبا، فلم يبث منها إلا دقيقة واحدة وضع لها مقدمة ملغومة تقول بأن الشهادة جاءت بعد 31 سنة، في حين أن شهادات كثيرة تم بثها سجلت مؤخرا باعتراف مُعدّ الحصة المسجل.

ولقد حرص مركب الفيلم أن يدسّ بصورتي على الشاشة كلما تناول التعليق عبارة تتحدث عن خصوم مسعود أو الذين أساؤوا له، وكان تكرار ذلك أكثر من مرة دليلا على نية الإساءة.

إنني أربأ بالشروق أن تجعل من البهتان حقيقة، وأطلب التحقيق في الأمر وأن نطلع معا على النصوص الأصلية لشهادات المحكمة باللغة العربية، كما أعرب عن استعدادي مواجهة كل من ادعى قيامي بأي موقف يتناقض مع الصداقة التي ربطتني بمسعود زڤار، رغم مشاكل كثيرة قامت بيننا بحكم تناقض نوعية الأداء بين الإعلام والمخابرات، أو بمواقف تسيئ للمنصب السامي الذي كنت أشغله.

وأنا لم أنكر توتر العلاقات بيني وبين مسعود، لكن شهادتي الإيجابية في صالحه أمام المحكمة جعلته يقول لي في نهاية الشهادة: “عرفت اليوم من هم الرجال، وجعلته يقبل دعوتي للعشاء في منزلي في نهاية أسبوع الإفراج، وكان العشاء بحضور كل أفراد أسرتي والسيدين المدني حواس والصغير لعاج.

وأملي أن توضع النقاط على الحروف احتراما للأمانة الإعلامية ولقدسية التاريخ.

مقالات ذات صلة