الجزائر
المنتج المحلي أصبح مهددا بالزوال

القشابية الصينية تنافس الأصلية في عقر دارها

الشروق أونلاين
  • 4366
  • 7
ح.م

تعتبر القشابية الوبرية، المصنوعة محليا في مدينة مسعد، جنوب الجلفة، إحدى أهم الصناعات التقليدية بالمنطقة، حيث تجيد النساء هناك حياكة هذه القشابية بطريقة تقليدية وباستعمال الوبر الخالص.. لكن، في الآونة الأخيرة، شهدت هذه الحرفة تراجعا كبيرا، بسبب غزو القشابية الصينية المقلدة الأسواق.

تشتهر مدينة مسعد بصناعة القشابية بطريقة تقليدية، حيث لا يكاد منزل في هذه المدينة يخلو من أدوات صناعة القشابية، التي تصنع بوبر الجمال، وهي ميزة تشتهر بها هذه المنطقة، وتستغرق صناعة القشابية الأصلية أشهرا، بداية من نزع الوبر من ظهر الجمال ثم يتم تنقيته بطريقة تقليدية، وتقوم النساء خصوصا كبارات السن بصناعة القشابية بطريقة بدائية، وتستغرق وقتا طويلا حتى انتهاء العملية. وفي الغالب، يكون الخياط رجلا، حيث تنتشر محلات الخياطة ببلدية مسعد، ويحترف الرجال خياطة القشابية، ولها أنواع كثيرة لا يعرف سرها سوى الخياطين المحترفين، ويكمن سر الخياطة في استعمال اليد.

القشابية الوبرية سلاح لمواجهة البرد

يرتدي سكان الجلفة في الغالب القشابية، لكونها سلاحا كبيرا لمواجهة برد المنطقة، خصوصا أن الجلفة تعتبر من بين أبرد المناطق وطنيا، بسبب ارتفاعها على سطح البحر بألف ومئتي متر، لتصبح من أبرد المناطق وطنيا، ما يجعل السكان يبحثون عن ألبسة لتدفئهم حتى وجدوا القشابية التي تدل على أصالة وعمق المنطقة التي توارثتها الأجيال. ويشعر من يلبس القشابية بالدفء، فهي تحمي صاحبها من البرد مهما كان، ولا تسمح بمرور الرياح والبرد إلى الجسم، بسبب وبر الجمل الخالص، ما جعل الطلب عليها يكثر. ويرتدى سكان الجلفة وفي الغالب سكان الجنوب هذه القشابية التي تدل على أصالة المنطقة وحتى الرجولة.

القشابية الأصلية تتجاوز عشرة ملايين

تتراوح أسعار القشابية الأصلية ما بين 10 إلى 12 مليونا، وتصل أحيانا إلى 20 مليون سنتيم، حسب ما يؤكده تجار القشابية لـ”الشروق”. وأكد أحد التجار المتخصصين في التجارة بالقشابية أن سعر القشابية الوبرية الأصلية يتجاوز 15 مليون سنتيم، والسر في ذالك الوبر الأصلي، حيث يتم اختيار وبر الجمل الصغير، أو كما يسمى محليا العقيقة، وهو الوبر الأصلي غير المختلط بالشعر أو بغيره. وتقوم النساء بصناعته تقليديا، ويتم التعرف على القشابية الأصلية من قبل خبراء القشابية باللمس والتدقيق في النظر، حيث يتم التعرف على نوع القشابية، وحتى المواد المستعملة في صناعتها، وفي الغالب ما تكون القشابية الوبرية الأصلية ذات وزن خفيف، ويتم حياكتها عند المحترفين وباليد حتى تكون جاهزة للارتداء، أما القشابية الوبرية العادية فيتراوح سعرها ما بين 5 إلى 8 ملايين سنتيم، وتعرف إقبالا معتبرا خصوصا من كبار السن في المنطقة وحتى المناطق المجاورة.

القشابية الصينية تنافس الأصلية في عقر دارها

انتشرت القشابية الصينية المقلدة بشكل ملفت للانتباه، بسبب انخفاض أسعارها، حيث أكد أحد تجار القشابية أن الصينيين يلجؤون إلى تقليد القشابية المسعدية في اللون وفي الحياكة، ما جعل هذه المهنة مهددة بالزوال بسبب التقليد غير الشرعي من طرف الصينيين واكتساحها الأسواق بطريقة غير مشروعة، وتسبب هذا التقليد في تراجع مبيعات القشابية الأصلية، وهو ما يهدد هذه الصناعة التقليدية وأصبح الخطر يحوم حول العائلات المسعدية التي تقتات من صناعة القشابية، ويلجأ الصينيون إلى تقليد القشابية رغم أنهم لا يستعملون الوبر الأصلي، بل شيئا آخر مجهولا، قد يسبب المرض لمرتدي هذا النوع من القشابية بسبب جهلهم للمواد المستعملة في صناعة القشابية الصينية، وفي الغالب ما يكون سعر القشابية المقلدة منخفضا جدا، ما جعله يكتسح الأسواق المحلية في الجلفة ويلجأ المواطنون البسطاء إلى اقتناء هذا النوع من القشابية التي انتشرت بشكل ملفت للانتباه.

مساءلة برلمانية لوزارة السياحة تطلب حماية القشابية الأصلية

وجه النائب لخضر شاوي، الذي ينحدر من منطقة مسعد، مساءلة برلمانية إلى وزير السياحة والصناعات التقليدية، يطلب فيها ضرورة النظر في هذه الحرفة التقليدية التي أصبحت في طريقها إلى الزوال بسبب المنافسة غير المشروعة للمنتج الصيني. وجاء في المراسلة أن المنتج المحلي للقشابية شهد ركودا تاما في حركة تسويقها بسبب المنافسة غير المشروعة لمنتجات مقلدة مشابهة ومماثلة للمنتج الحرفي المعروف في المنطقة، الأمر الذي أربك الأفراد والعائلات ذوي الدخل الضعيف، مطالبا بتدخل مصالح المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية بالجزائر العاصمة، لحماية وطنية ودولية لهذا المنتج من أي تضليل قد يشوبه من ظهور منتجات مشابهة تم استيرادها من دول آسيوية. من جهتها، ردت وزارة الصناعة بأنه يجب على حرفيي القشابية والبرنوس حماية منتجهم من خلال تسجيل العلامات لدى المعهد الوطني الجزائري للملكية الصناعية وتسجيل الرسوم والنماذج لدى هذا المعهد.

كما أكدت الوزارة أنها بصدد إعداد منظومة تنظيمية تخص إعداد علامات جماعية للمنتجات الصناعة التقليدية لحمايتها من التقليد، كما أكدت الوزارة في ردها على النائب البرلماني أن الوزارة تتعاون مع المديرية العامة للجمارك بتحديد رموز التعريفة الجمركية بمنتجات الصناعة التقليدية، وذلك منذ سبتمبر 2016 الذي يسمح، بحسبهم، بفرض تعريفة قصوى مقدرة بأربعين بالمائة على المنتجات الصناعة التقليدية النهائية المستوردة بغرض حماية منتجات الصناعة التقليدية المحلية من المنافسة غير المشروعة.

مقالات ذات صلة