اقتصاد
رغم تعديل دفتر الشروط.. الذاكرة تجر ما بعدها

القمح الفرنسي يتصدر من جديد واردات الجزائر!

محمد مسلم
  • 8674
  • 40

التقارب الجزائري الفرنسي الحاصل على صعيد الذاكرة والماضي الاستعماري، يجرّ العلاقات بين البلدين على الصعيد الاقتصادي وينتشلها من حالة الضياع، التي سبق وأن عاشتها منذ اندلاع “الحراك الشعبي” قبل نحو سنتين من الآن.

وبعد أن تعرض القمح الفرنسي لمضايقة شديدة من القمح الروسي، بعد إقدام الجزائر على تعديل “دفتر الأعباء” في مناقصتها الدولية منذ الخريف الماضي، بما يسمح للقمح الروسي “الغني بالفيتامينات”، من مزاحمة المصدر التقليدي للجزائر، والمتمثل في الحبوب الفرنسية، عاد القمح الفرنسي ليتربع مجددا على واردات الجزائر من هذه المادة الحيوية.

وفي آخر إحصائية بهذا الخصوص، استوردت الجزائر خلال شهر فيفري المنصرم، ما لا يقل عن 300 وتسعة آلاف طن من القمح الفرنسي، وفق ما أوردته وكالة “رويترز” للأنباء، وهي الكمية التي تعتبر الأولى من نوعها خلال الموسم الجاري، وفق المصدر ذاته.

كمية القمح الذي صدرته فرنسا إلى البلدان غير العضوة في الاتحاد الأوروبي، قدرت بما لا يقل عن 821 ألف طن، ما يعني أن ما استوردته الجزائر من القمح الفرنسي، يعادل 38 بالمائة، وهي الكمية التي لم تستوردها من أية دولة أخرى سواء من دول الاتحاد الأوروبي أو من خارجه.

وكانت الجزائر قد شرعت منذ أكتوبر المنصرم في أطلاق مناقصاتها، بعد ما أدخلت تعديلات على دفتر الشروط، وذلك في إطار سعيها إلى توسيع دائرة المنافسين للقمح الفرنسي وتنويع مصادر استيرادها، وقرأ الفرنسيون حينها في هذا التعديل، فتح باب المنافسة الشرسة بين القمح الفرنسي وذلك الذي مصدره أوروبا الشرقية، علما أن القمح الفرنسي غير قابل للمنافسة بالنظر لغلاء سعره وفقره من حيث الفيتامينات، مقابل القمح الروسي الأغلى ثمنا والأفقر من حيث القيمة الغذائية، وفق مخابر متخصصة.

الظرف الذي أقدمت فيه الجزائر على مراجعة دفتر الشروط لاستيراد حاجياتها من القمح، جاء في ظرف كانت فيه العلاقات الجزائرية الفرنسية تشهد حالة من الانسداد، بسبب التحرشات المتكررة للإعلام الفرنسي العمومي منه والخاص، فضلا عن أزمات أخرى متعددة.

وقد اعتبر الموردون الفرنسيون يومها، قرار السلطات الجزائرية بمراجعة دفتر الشروط لاستيراد القمح، توجها رسميا نحو الشريك التقليدي للجزائر، ممثلا في روسيا، التي تعتبر من الشركاء التقليديين للجزائر على صعيد السلاح، وهو ما أثار مخاوفهم من ضياع سوق تقليدي بالنسبة إليهم.

غير أن تحسن العلاقات الجزائرية الفرنسية في الآونة الأخيرة، يكون قد لعب لصالح المورد التقليدي للجزائر، ممثلا في فرنسا التي لم تتوقف عن مغازلة السلطات الجزائرية على لسان رئيسها، على صعيد الذاكرة، ولعل آخر هذه المغازلة، اعتراف الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بمسؤولية جيش الاحتلال الفرنسي، في تصفية المناضل علي بومنجل، بعد عقود من تزييف الوقائع المتعلقة باستشهاد أحد محامي الثورة التحريرية، الذي قدمته الروايات الرسمية الفرنسية على أنه انتحر.

مقالات ذات صلة