-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أثبت أن القفطان جزائري وليس تركيا

الكاتب المسيحي دييغو دي هايدو.. الإسباني الذي شهد على عظمة الجزائر وتاريخها

فاروق كداش
  • 1542
  • 2
الكاتب المسيحي دييغو دي هايدو.. الإسباني الذي شهد على عظمة الجزائر وتاريخها

أحيانا، يساهم أعدؤك في التأريخ لماضيك المجيد الحافل بالبطولات، هذه هي حال الكاتب الإسباني، فراي دييغو دي هايدو، الذي كان قسيسا يحارب الإسلام بكل ما أوتي من علم وسطوة، لكن أسره في الجزائر كسر شوكته وكبرياءه، فألف كتبا عن الجزائر، وحكى عن ملوكها وحكامها، ووصف العادات واللباس التقليدي الجزائري الحر الضارب في القدم، وأكد لسراق التراث أن ما يدعونه هرطقة وسفه. الشروق العربي تكشف عن سيرة كاتب أسير قسيس في غمرة هذيانه بالحرب المقدسة أرخ لفترة كانت فيها الجزائر أقوى دولة في العالم.

ولد المؤرخ والقسيس الإسباني دييغو دي هايدو عام 1555 في وادي كارانسا، في جبال البرانس، على الحدود الفرنسية الإسبانية. وكان ينتمي إلى عائلة عريقة من مقاطعة البسكاي في بلاد الباسك، ويقال إن أصوله تعود إلى الفتوحات الإسلامية الأولى.

أصبح قسيسا ثم رئيس دير في مدينة فرومستا، وقد اعتمد في تأليف كتبه على شهادات الأسرى المسيحيين الذين تم افتداؤهم من الأسر في الجزائر، وفي بعض الأحيان، كان هو نفسه الشاهد على الأحداث، لأنه أمضى عدة سنوات وهو في الأسر في الجزائر في الفترة من 1578 إلى 1581، توفي في 19 مارس 1613.

من أشهر مؤلفاته “طوبوغرافيا والتاريخ العام والتضاريس للجزائر العاصمة”، الذي ألفه بعد تحرره من الأسر، هو مصدر فريد من نوعه من حيث ثراؤه، وكثافته، ومن حيث حدة النظر الإثنوغرافية للمؤلف، ليس هناك كتاب يقدم صورة أكثر شمولية ودقة للمجتمع الجزائري في أواخر القرن السادس عشر.

قدم دي هايدو وصفا دقيقا جدا لطوبوغرافية الجزائر العاصمة وتفاصيل غريبة عن أخلاق شعبها، كما وثق تاريخ الباشوات الحادي والثلاثين الأوائل لإيالة الجزائر في كتابه “تاريخ ملوك الجزائر”.

ورغم حقده على الإسلام، قدم الكاتب الإسباني صورة مشرفة عن سكان الجزائر، وإن قدح ظلما بعضهم فقد أشاد بأخلاق معظمهم معتبرا إياهم قدوة، على الأوروبيين الاقتداء بهم.

القفطان جزائري والشاهد إسباني

ومن بين ما وثق له دي هايدو العادات والتقاليد الجزائرية العريقة وطقوس الزفاف والمناسبات الدينية التي تسبق الكثيرين بقرون، مثل القفطان الذي ذكر أنه لباس شائع جدا بين السكان، بالإضافة إلى الحايك والقندورة والبرنوس.. وأضاف فقرات كثيرة لوصف الأكل كطواجن البرقوق والسفرجل وكذلك الطمينة والحلويات.

طبع هذا الكتاب الرائع الذي يستحق القراءة عنوانه الطوبوغرافيا والتاريخ العام للجزائر لأول مرة في مدينة فالافليد، وهي في الواقع بلد الوليد وتقع شمال إسبانيا عام 1612.

لم تكن الجزائر تلبس من موضة إسطنبول، كما يزعم عديمو التراث، بل كان الأتراك يتهافتون على الأزياء الجزائرية.. والدليل ما كتبه دي هايدو في فقرة مطولة في صفحة 110، حيث قال:

“بعض الأتراك أو الإنكشاريين الجدد، القادمين من القسطنطينية، أي تركيا، الذين لم يملكوا المال لارتداء ملابس على طريقة الموضة الجزائرية، كانوا يرتدون ملابسهم التركية، التي تختلف كثيرا عن اللباس الذي نكتب عنه الآن”.

وشهد شاهد من أهلها

من أشهر أقوال الإسباني دييغو دي هايدو: “الجزائر آفة الدنيا ومضجع القراصنة، إلى متى يتحمّل ملوك أوروبا ذلهم”، كانت جملة تحمل الكثير من الضغينة والحقد، كيف لا والجزائر حينها كانت سيدة البحار برياس بحار دخلوا التاريخ ببطولاتهم. وفي وصف البحارة الجزائريين، قال دي هايدو الذي عرف مرارة الأسر في الجزائر، وهذا في كتابه توبوغرافيا الجزائر: “يُبحرون شتاءً وربيعاً دون خوف، ويجوبون البحر المتوسط من شرقه إلى غربه، دون أن يعيروا أي اهتمام لمراكبنا، مستهزئين ببحارتنا الذين يستأنسون بملاهي الموانئ المسيحية”.

وأضاف: “يُخيل للمرء أنهم- أي البحارة الجزائريين- يخرجون لصيد الأرانب البرية، فيقتلون واحداً هنا والآخر هناك”.

في أوج ازدهار البحرية الجزائرية في القرن السابع عشر لم تكن الجزائر ملجأ للقراصنة كما يزعم الغرب، بل استحقت بجدارة لقب دار الجهاد ورباط الفتح ومملكة البحارة، ازدهار انعكس على معمارها وفخامة قصورها آنذاك وقلعة وحصون المحروسة الشامخة الشاهدة على عظم الجزائر المحمية بالله.

وتطرق دييغو دي هايدو الذي عاش أسيرا مدة ثلاث سنوات إلى الأسرى والعبيد الأوروبيين، وأكد أن عددهم في مدينة الجزائر العاصمة لوحدها يتجاوز 25000 شخص، وهو ما يمثل نصف سكان المدينة آنذاك. إذ خط قائلا:

“ينقسم سكان هذه المدينة عموما إلى ثلاثة أجناس، هم المور الأتراك واليهود؛ لا نتحدث عن المسيحيين، رغم وجود عدد غير محدود منهم من كل نوع وأمة، لأن العبيد الذين يصلون عادة، بحساب أولئك الذين يبحرون في السفن والذين يبقون على اليابسة، يشكلون أكثر من 25000 شخص، هم عبيد وليسوا سكانا أو جيرانا لمدينة الجزائر”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • Brahim

    قلو لنا من هم الملوك الذي حكموا الجزائر أعطونا واحد انت تقصد الدايات يعني والي من كانوا يحكمون الجزائر

  • نورالدين الجزائري

    اتمنى ان يصل الكتاب إلى سراق التراث الجزائري فيفيقون من غلهم و حسدهم و سرقتهم ليتاكدوا ان الجزائر امة ومن الأزل محمية و محروسه مم الله