رياضة

الكرة سبب مشاكلنا

أرشيف

هناك من يغالط نفسه عندما يعتبر ما حدث في المغرب من خسارات رياضية بالجملة، كان أبطالها ممثلو الاتحاد الجزائري لكرة القدم، هو انتكاسة كبرى وخيبة فريدة من نوعها أو لا مثيل لها في تاريخ اللعبة الشعبية في بلادنا، والحقيقة أن لعبة كرة القدم التي يحبّها الجزائريون بفوضى حواسّهم، هي من أكبر مشكلات الجزائر، فهي تستهلك المال الكثير وتحرق الأعصاب وتزرع الفتن والعداوات، ولا تكاد تمنح فرحة واحدة في العمر، ولولا بعض الرياضيين الذين تكوّنوا في فرنسا وأكملوا نشاطهم في أوروبا ما حلمت الجزائر بانتزاع لقب بطولة أمم إفريقيا، ولبقيت تدور حول نفسها.

وسواء كان ما حدث في المغرب مؤامرةً حيكت ضد رئيس الاتحاد الحالي، أو أنها أخطاء في التقدير والتدبير من رجالات القدم في الجزائر، فإن الأمر سيّان وهو الإساءة إلى اسم الجزائر أمام أمة إفريقية من المفروض أنها رمزٌ لها في كل المجالات.

كشفت الفضائيات العابرة للقارات والأنترنت تخلُّف الجزائر من حيث البنية التحتية في عالم كرة القدم مقارنة بالأفارقة، ولن نتحدث عن أوروبا وآسيا وأمريكا، فالجزائر التي بنت ملاعب الخامس من جويلية وقسنطينة وسطيف وتيزي وزو بعد عشر سنوات من الاستقلال، عاجزة حاليا عن تنظيم منافسة بحجم كأس إفريقيا، والجزائر التي كانت تكوّن الرياضيين العالميين وتصدِّرهم إلى الخارج صارت غير قادرة بصغارها وكبارها على المنافسة من أجل التأهُّل إلى نهائيات إفريقية، فما بالك بالعالمية، وكل هذا نتاج سقوط الرياضة وخاصة كرة القدم في أيدي من جعلوا من كل شيء في الحياة عملية “حلب مركّزة”، مستغلين طيبة أو لامبالاة الدولة، التي تغدق في كل “مندبة كروية” الملايير على أندية اللعبة وهي تعلم ومتيقنة بأنها ستذهب إلى جيوب وحسابات من لا علاقة لهم بالرياضة، بل من لا علاقة لهم بالأخلاق.

لا أدري كيف يتصوّر بعض الجزائريين من الذين وجدوا أنفسهم بالصدفة في مناصب أكبر منهم، بأنهم قادرون على المنافسة خارجيا، ظنا منهم بأن ما حققوه من مقاعد مسؤولية إنما كان من اجتهاد ومن عملية اقتراع نزيهة؟ ولا أفهم بعد أن يُصدموا بالحقيقة ويصدمون عامة الجزائريين معهم، كيف لا يقدّموا استقالتهم على الأقل من أجل قسطٍ من الراحة؟ ولا استوعب كيف يمكنهم أن يتصوروا بأن الناس مازالت تؤمن بالأيادي الخفية وطعنات الظهر؟ وحتى لو آمنوا أو كانت فعلا، فهي أدلة أخرى على أن هؤلاء لم يكتفوا بضعف أدائهم، وإنما كانوا في منتهى السذاجة إلى درجة منعهم من الترشح لعضوية الاتحاد الدولي لكرة القدم، ودفعهم إلى الانسحاب قبل أن يبدأ السباق.

ما حدث في المغرب هو نتيجة حتمية لمسار رياضةٍ ضائعة، تسبح مثل السفينة التائهة التي يقودها ربَّانٌ فاشل لم يسبق له وأن خاض الأمواج وصارعها، وإذا كان هذا حال اللعبة الشعبية التي يحبها الجزائريون ويتابعون ما ظهر منها وما بطن، فكيف الحال في مجالات أخرى وجميعها تحلب من ضرع البقرة ولا أحد صرخ بالفضيحة؟!

مقالات ذات صلة