الرأي

الكرة وحدها لا تبني وطنا

ح.م

قلوب الجزائريين كلها معلقة على الحدث الرياضي غدا في القاهرة، بعد الأداء الباهر لرفاق محرز في البطولة الإفريقية، ومن حق الجزائريين أن يفرحوا ويفتخروا بهذا الإنجاز الرياضي الذي قد يتعزز بكأس ثانية تضع الجزائر في مصاف كبار الكرة المستديرة في القارة الإفريقية.
لكن إلى متى نحصر إنجازاتنا في كرة القدم فقط ولا نعمِّمها في مجالات أخرى أهمّ؟ ولماذا ننسى خلافاتنا وتناقضاتنا ونقف متحدين خلف فريقنا الوطني لكن نتفرّق وندخل في صراعات ظاهرة وباطنة عندما يتعلق الأمرُ ببناء بلدنا وتطويره في شتى المجالات؟

لقد حققنا إنجازاتٍ في كرة القدم على مدار السنوات السابقة واحتللنا المراتب الأولى عالميا وليس قاريا فقط، لكن ماذا عن المراتب المحققة في باقي المجالات؟ ماذا عن المدرسة وجودة التعليم؟ وماذا عن الجامعة والبحث العلمي؟ وماذا عن الاقتصاد وشفافية التسيير؟ وماذا عن الصناعة والفلاحة بمختلف أنواعها؟

للأسف لم نحقق شيئا؛ فالتصنيفات الدولية تضع الجزائر دائما في مراتب متأخرة في كل المجالات وأهمها على الإطلاق وضع التعليم إذ تأتي الجزائر في المراتب الأخيرة، وفي الواقع فإن أزمة المدرسة لا تحتاج إلى تصنيفات دولية لتأكيدها، فالأجور متدنية والوسائل منعدمة، بل إن المدرسة الجزائرية ما زالت تُسيَّر بطرق اعتمدت في القرن العشرين، وتكفي جولة على المدارس للوقوف على حالة التردِّي والتخلف، ولولا بعض الجهود المنفردة لأولياء التلاميذ الذين يدعمون أبناءهم بالدروس الخصوصية لكان الوضع أكثر خطورة.

أما في مجال الصحة فإن كلمة “كارثة” لا تكفي لوصف ما يحدث، إذ تنتشر مظاهر الاكتظاظ في المستشفيات ونقص التكفُّل وانعدام الأدوية والمُعِدَّات ورداءة الخدمة المقدَّمة من قبل الطواقم الطبية التي اعتادت على الوضع، وباتت المؤسسات الاستشفائية بؤرا لنشر الأمراض بدل علاجها!

أما المجالاتُ الحيوية الأخرى كالصناعة والتجارة والفلاحة، فإن الوضع أخطر بكثير، وتكفي الإشارة إلى قضايا الفساد التي تعالجها المحاكم لنعلم أن الفساد استشرى على كل المستويات ولا شيء يشير إلى أن الأوضاع تغيَّرت فعلا وكل الخوف أن يستخلف الفاسدون بفاسدين أكثر منهم.

لذلك كله، فإن الواجب علينا جميعا بعد ملحمة الغد التي نتضرَّع إلى الله أن يكون الفوز فيها من نصيب الجزائر، أن نلتفت إلى أوضاعنا ونشرع في ترميم وطننا بنفس الحماس والحزم والمحاسبة والتركيز على النتائج المحققة بدل الدعاية الفارغة التي تحوِّل الإخفاقات إلى إنجازات والهزائم إلى انتصارات.

مقالات ذات صلة