الرأي

الكنز المسموم! لمن؟ ولماذا؟

محمد سليم قلالة
  • 3343
  • 10

“الكنز المسموم” هو التسمية الأخرى للغاز الصخري الذي وافقت الحكومة الجزائرية على الشروع في استغلاله في الأيام القليلة الماضية. وافقت من غير أن تعرف الغالبية الساحقة من الجزائريين ما هو هذا الغاز؟ ولماذا تقرر استغلاله الآن؟ وما هي سلبياته على الصحة والبيئة؟ وما هو تأثير إنتاجه في الوقت الراهن على السوق الدولية باعتبار أن التقديرات الأمريكية تقول أننا نمتلك رابع أكبر احتياطي في العالم؟

المشكلة برأيي تكمن هنا. لماذا يتم اتخاذ قرارات على أعلى مستوى بخصوص ثروة هي ملك لكل الشعب الجزائري من غير أن يتم اطلاع هذا الشعب على طبيعة هذه القرارات وانعكاساتها؟ من غير أن يكون للبرلمان رأي، ولا للأحزاب رأي، ولا للجامعة رأي، ولا للمجتمع المدني، ناهيك عن المواطن  البسيط؟.. هكذا من غير مقدمات نسمع أنه تم إعطاء الضوء الأخضر للحكومة لتشرع في استغلال الغاز الصخري أو غاز الشيست Gaz de schiste  بواسطة شركات أجنبية لم يتم التعريف بها بعد..

هنا يتجلى نموذج صريح في كيفية التعامل مع الثروة الوطنية، وهنا نزيد ونقول مرة أخرى أن الاستشارة حول مصير هذه الثروة، هي أهم استراتيجيا، من الاستشارة حول ما إذا كان علينا أن نُسمي رأس السلطة التنفيذية وزيرا أول أو رئيس حكومة في الدستور المقترح.. لماذا لا نطرح المسائل الجوهرية التي تمس مصيرنا ومصير الأجيال القادمة للنقاش مثل ما حدث في هذه القضية بالذات في الدول الديمقراطية؟

لماذا لم يتم شرح مخاطر استخراج هذا الغاز على تلوث المياه؟ وعلى الصحة العمومية؟ ولا بأس إن شرحنا أيضا الفوائد من استخراجه؟ هل نحن في ضائقة مالية؟ هل نريد حل مشكلة أوروبا التي أصبح الروس يهددونها بالغاز حتى ترضخ قبل الشتاء القادم؟ ماذا سنفعل بالأموال التي سنحصل عليها؟ وفي الأخير لصالح من ستكون محصلة هذا القرار؟

أظن أننا وصلنا إلى مرحلة ينبغي أن نعيد فيها الأمل للناس بأن الثروة ثروتهم وينبغي استشارتهم في كيفية استغلاها، وإلى مرحلة ينبغي فيها للحكومة أن تتراجع عن قرار مثل هذا اتخذته إذا ما تبين أنه قرار غير صائب ولا يخدم المصلحة الوطنية…

وأظن أخيرا أنه على الإعلام أن يلعب دوره في هذا المستوى بالذات من خلال المبادرة بفتح نقاش واسع حول هذا “الكنز المسموم” وأن يتساءل: لمن الكنز ولمن السموم؟.. ولعله سيقوم بهذا الدور، وذلك ما بقي لنا من مساحة للأمل.

مقالات ذات صلة