-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اللاجئون الصحراويون في مخيّمات تندوف.. صمود وتشبث بالهوية رغم المعاناة

ماجيد صرّاح
  • 1525
  • 0
اللاجئون الصحراويون في مخيّمات تندوف.. صمود وتشبث بالهوية رغم المعاناة
صوفيان شمشوم
في مخيمات تندوف تعيش ثلاثة أجيال من اللاجئين الصحراويين المتشبثين بهويتهم والذين ينتظرون أن يعودوا يوما إلى أرض أجدادهم، 2024.

تعد حالة اللاجئين الصحراويين الذين يعيشون في مخيمات تندوف نتيجة للصراع المسلح بين الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب “البوليساريو” والمغرب، وهذا بعد محاولة المملكة المغربية بناء وجود مغربي في الصحراء الغربية بعد انسحاب اسبانيا منها، بتنظيم مسيرة نحو الأراضي الصحراوية أواخر 1975 شارك فيها 350 ألف مواطن مغربي مدعومين بما يقارب 20 ألف جندي.

ونزح الصحراويون الفارون من الجيش المغربي إلى المخيمات التي تمّت إقامتها في ولاية تندوف الحدودية بالجزائر عامي 1975 – 1976. ومنذ ذلك اليوم لا يزال هؤلاء اللّاجئون الصحراويون يعيشون في هذه المخيمات، حيث تعد هذه الحالة، بعد مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، ثاني أطول حالة لجوء تستمر منذ نصف قرن.

ويعيش في هذه المخيمات ثلاثة أجيال من الصحراويين، ومنهم من لم يعرف سوى المخيم ولم ير أرض أجداده.

بالإضافة إلى طول مدة اللّجوء، أين يعتمد اللاجئون الصحراويون على المساعدات الإنسانية، يواجه هؤلاء قساوة الصحراء والظروف الجوية، إضافة إلى محدودية فرص كسب العيش والإدماج الاقتصادي، كما أن صدمات أزمة الغذاء العالمية والتضخم والأوبئة قد أثّرت على المخيمات.

أفضل المخيمات تنظيما

الحياة في مخيمات اللاجئين الصحراويين. صورة: اللجنة الدولية لتنمية الشعوب

“تعتبر مخيمات اللاجئين الصحراويين فريدة من نوعها في العالم ومن بين أفضل المخيمات تنظيما، ولكن جميع الخدمات تعتمد على دعم المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة. إن تدهور الوضع الإنساني له تأثير سلبي على نظرة السكان للمجتمع الدولي، الملتزم بضمان الحماية والمساعدة للاجئين الصحراويين. لقد أثر فيروس كورونا على الحياة في المخيمات بسبب التضخم ويستمر الوضع في التدهور في ظل غياب الاستجابة الكافية من الوكالات الدولية”، هكذا يصف سمير زيموش، ممثل “اللجنة الدولية لتنمية الشعوب”، الوضع العام في هذه المخيمات.

وتعد “اللجنة الدولية لتنمية الشعوب” من بين المنظمات غير الحكومية التي تعمل في هذه المخيمات، وبشكل خاص في قطاعات التعليم والأمن الغذائي والحماية من أجل تحسين وضع اللاجئين الصحراويين.

صمود وتشبث بالهوية

كذلك ومن ناحية أخرى “تشارك اللجنة الدولية لتنمية الشعوب بقوة في الدعوة لتعبئة المجتمع الدولي بشأن قضية اللاجئين الصحراويين ومن أجل حل سلمي لنزاع الصحراء الغربية في إطار خطة الأمم المتحدة. وتشمل النشاطات الملموسة دعم برنامج التغذية المدرسية، وبناء وإعادة تأهيل المدارس، وتحسين جودة التعليم من خلال دعم تطوير المنهج الصحراوي. كذلك دعم وتعزيز الهوية والثقافة الصحراوية” يقول ممثل المنظمة في حديثه لـ”الشروق أونلاين”.

وقد أطلقت “اللجنة الدولية لتنمية الشعوب”، مع مجموعة منظمات غير حكومية أخرى تدعم اللاجئين الصحراويين في مخيمات تندوف، نداء عاجلا يوم 17 مارس 2024 دقت فيه ناقوس الخطر حول تدهور الوضع الإنساني الذي يؤثر بشكل مباشر على أكثر من 173.600 شخص، وهذا بعد انخفاض للتمويل الإنساني بنسبة 30 % في سلة الغذاء الأساسية منذ نوفمبر 2023 من قبل برنامج الأغذية العالمي.

نقص المساعدات

أطفال صحراويون في مخيمات اللاجئين يشاركون في نشاطات من تنظيم المنظمات الداعمة والوكالات الأممية، 2024. صورة: اللجنة الدولية لتنمية الشعوب

وحسب إفادة رئيس الهلال الأحمر الصحراوي، يحيى بوحبيني، لـ”الشروق أونلاين” فـ”تشهد المساعدات الإنسانية للاجئين الصحراويين في هذه الآونة نقصا ملحوظا مما أضطر الهلال الأحمر الصحراوي الى اللجوء الى مخزون الطوارئ لتوفير الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية، والذي يوشك على النفاد، ولو لا تدخل الهلال الأحمر الجزائري المستعجل لشهدنا أزمة خبز في شهر ماي الحالي في مخيمات اللاجئين الصحراويين، حيث أستجاب لطلبنا بتوفير 1600 طن من الدقيق. وترجع أسباب هذا النقص الحاد الى عدم كفاية مساهمات البلدان المانحة فرغم الفجوة التي خلقتها ظاهرة التضخم وارتفاع الأسعار فان المساهمات لم تشهد زيادة. لقد تمكنا سنة 2023 من توفير الحد الأدنى من الإحتياجات الغذائية بفضل الحصول على مساهمات إضافية. وكما هو معلوم فإن المبلغ الإجمالي للاحتياجات الغذائية السنوية يفوق 33 مليون دولار، ونظرا للنقص الكبير المسجل في التمويل فقد أضطر برنامج الغذاء العالمي منذ شهر نوفمبر 2023 وإلى الآن إلى تقليص الحصص الغذائية الشهرية بنسبة 30 %، ولكن مساهمة الهلال الأحمر الجزائري قد مكنتنا إلى حد الآن من سد نسبة كبيرة من هذه الفجوة.”

دعم الهلال الأحمر الجزائري

يحيى بوحبيني يقول أن الوضع ومنذ النداء الذي أطلقه اتحاد المنظمات غير الحكومية التي تدعم الصحراويين اللّاجئين في مخيمات تندوف شهر مارس الماضي “تحسن قليلا بفضل دعم الهلال الأحمر الجزائري، ووصول بعض المساهمات السنوية من بلدان أخرى، ولكن اذا لم نحصل على مساهمات إضافية جديدة فان الوضع سيظل صعبا.”

ويُعد الغذاء أهم احتياجات اللاجئين الصحراويين في المخيمات، إذ يعتمد هؤلاء في غالبيتهم على سلّة الغذاء الأساسية التي يوزعها برنامج الغذاء العالمي، بالإضافة إلى توفير الماء الصالح للشرب، والغذاء والدواء واحتياجات الإيواء، والأدوات المدرسية، ومواقد الطهي.

حسب تقييم الاحتياجات الذي أعدته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، والذي اطلعت عليه “الشروق أونلاين“، تبلغ الاحتياجات الإنسانية لمخيمات اللاجئين الصحراويين للفترة 2024-2025 أكثر من 200 مليون دولار أمريكي.

الأمن الغذائي

وجوه من مخيمات اللّاجئين الصّحراويين، 2024. صورة: بلقاسم مصطفى مصباحي

فلهذا العام 2024، تحتاج مخيمات اللاجئين الصحراويين ما قيمته 110.5 مليون دولار، منها 33,9 مليون دولار لتوفير الأمن الغذائي، و15,5 مليون دولار للتعليم، و17,6 مليون دولار للمياه. أما عام 2025 فقد قيمت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين الصحراويين احتياجات المخيمات الصحراوية بـ103,9 مليون دولار، منها 35,3 مليون دولار للغذاء، و16 مليون دولار للتعليم، و9,2 مليون دولار للمياه.

ويشير رئيس الهلال الأحمر الصحراوي، يحيى بوحبيني إلى أنه وإلى غاية أفريل الماضي، لم يتم توفير سوى 13 % من بين مبلغ احتياجات اللاجئين الصحراويين لهذا العام والمقدرة بـ110.5 مليون دولار.

وهو وضع دفع بمفوضية اللاجئين إلى تجميد 20 % من ميزانيتها، في حين تبقى اليونيسف تنتظر استجابة الجهات المانحة لتوفير اللقاحات الضرورية للأطفال “وهو أمر أصبح يثير مزيدا من الانشغال خاصة وأننا قد سجلنا حالات من وباء الحصبة المعدي في إحدى المخيمات عندنا، وهو أمر لم نشهده منذ سنوات عديدة”، يقول يحيى بوحبيني.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!