-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اللباس النايلي.. الجبة والطاسة وسر البثرور

فاروق كداش
  • 1289
  • 0
اللباس النايلي.. الجبة والطاسة وسر البثرور

النايليات، لسن سليلات أكبر عرش في أفريقيا، فحسب، بل يضرب بهن المثل في العفة والأنفة، ولا يضاهي هاتين الصفتين سوى حسهن العالي بالجمال واعتزازهن بالزي التقليدي النايلي، القديم قدم الحضارات التي تعاقبت على المنطقة.. الشروق العربي، تمحص وتدقق في تفاصيل اللباس النايلي، وتروي لكم القصة وراء كل تفصيل.

لقد أُخذ الرسامون الجزائريون والمستشرقون بجمال النايليات.. ولا يخلو متحف من لوحة تخلد جمالهن وتفاصيل لباسهن المستوحى من روما وأثينا، الذي زدن وتفنن في خياطته وإضافة لمستهن عليه.

أولاد نايل، عرش مهيب في الجزائر، يمتد جغرافيا من الجلفة والأغواط إلى بسكرة وبوسعادة.. عرش له ذيوع وصيت وتاريخ عريق وبطولات جسام على مرور التاريخ.

اللباس النايلي سمفونية من الإبداع، خاطتها أنامل أنيقة.. فبين الجبة والملحفة علاقة ساحرة، وبين الطاسة والخمري والزمالة عهد لا يخان، وإن وعد العبروق لن يخلف البثرور، وسيشهد عليهن سخاب العنبر أنهن نايليات.

جبة على جبة

تعد الجبة أساس الطلة النايلية، ويختار لها أجود أنواع القماش ويضاف لها البرينس من خلف الظهر إلى الجهة الأمامية للصدر.

وفوق الجبة تشتبك الملحفة في تناغم تام، وتشد على الكتفين على غرار اللباس الروماني التوجا. الملحفة تكون أقصر من الجبة ليظهر اللايرينغ، أي طبقات الملابس. الملحفة النايلية أصلها أبيض، وهو لون لا يمكن أن يختلف اثنان حول رمزيته، فهو لون الصفاء والنقاء والعفة.

بعض الإكسسوارات لابد منها، فهي تكمل الزي دون الإخلال بتوازنه الجمالي.. وهذا هو دور إكسسوار الرأس ويطلق عليه اسم الطاسة، وهو عادة ما يحاك من الصوف ويطرز بالخيوط الذهبية.

الزي النايلي معقد بطريقة تجعله فريدا وليس له شبيه في العالم. فمن أعلى الرأس إلى أخمص القدمين تسدل النايلية الخمري، وهو مستوحى من خمار، وهو عبارة عن قطعة قماش مربعة تنسج من الصوف الرقيق باللون الأسود، أما على حواشيه، فتضفي الخيوط الملونة القليل من البهجة، لتكسر جدية وحزم الأسود. فوق الخمري، تحكم قطعة قماش أخرى، تدعى الزمالة، مادتها مختلفة، فهي من الشيفون أو الدانتيلا الراقية..

بعد أن تضع النايلية الخمري والزمالة تشدهما بالعبروق بإحكام، ويطلق عليه اسم آخر هو “الحواط”، وهو قماش أبيض يزيد عن المتر يبدو كالعمامة القصيرة.

النايلية هكذا عرجت على الخطوات الأخيرة في لباسها. فحين تكمل لف العبروق تزيّنه بحلي الجبين المصنوع من الفضة. ولا تكتفي النايلية بالجبين بل تستعين أيضا ببروش يدعى “المدور”، ومهنته تثبيت الخمري والزمالة على مستوى الصدر.

ولا يكتمل تنسيق أي لباس جزائري إلا بالحزام، واسمه عند بنات نايل “البثرور”، وقد اعتمدنه لشد خصرهن. ألوان البثرور زاهية جدا، وتعكس جرأة النايليات في اختيار الألوان ومزجها معا، في تناغم وتناقض في آن واحد، قد تتورد بسببه وجنتا الموناليزا.

وما إن “تتحزم” النايلية تخرج سخاب العنبر من خزانتها وأساورها وشنتوفها ومحزمتها وخلخالها من علبة المجوهرات، وهاهي تتحضر للخروج وتتبختر بمشيتها مثل الطاووس. الطاووس في وجدان النايليات له تاريخ ورمزية، فهو يعني الفخر والتباهي، لذا كانت النايليات يضعن ريش الطاووس فوق رؤوسهن وأحيانا ريش النعام. ألا يوصف المتباهي المتفاخر بأن فوق رأسه ريشة.. إنها ريشة بنات النايل، فمن فاقها دينا وجاها ونسبا فليتقدم مرفوع الرأس، وليصح قائلا: من لم يتزوج نايلية فيلعتبر نفسه أعزب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!