الرأي

المؤمن الذي يُلدغ من الجحر مرتين

عمار يزلي
  • 1431
  • 4
ح.م

إفشال مخطط العهدة الخامسة والمرحلة الانتقالية عن طريق الإصرار على الحل الدستوري رغم معارضة الأقلية الكثيرة والأكثرية الأقلية، دفع بالأقلية الساحقة إلى عرقلة انتخابات 4 جويلية بذريعة عدم الشفافية والخوف من التزوير. لكن هذه المناورات كلها فشلت أمام الإصرار على المضيِّ في إنجاح الحل الدستوري عبر المؤسسات القائمة ولو كانت عرجاء، بعد تجفيف منابع قوتها وتفتيت العصابة وقوتها المالية والسياسية والأمنية أيضا.

مع ذلك، يصرّ القليل من الكثير والكثير من القليل على رفض انتخابات 12 ديسمبر، رغم الترضيات والتطمينات التي انتُهجت من قبل السلطة قصد طمْأَنة بعض المشككين في نزاهة الانتخابات عن طريق تحييد الإدارة والداخلية ـ محل الريبة القديمة ـ وتعيين هيئةٍ مستقلة للانتخابات، كل هذا لترضية بعض الأطراف المحسوبة على طرفين كانا بالأمس القريب متقاتلين متناحرين دما وسما وعرقا وورقا: التيار الذي كان يسمى استئصاليا علمانيا “فرانكو شيوعي بربري”، من جهة، وكثير من قليل من الإسلاميين الذين ظُلموا قبل 30 سنة أثناء حكم نفس الأقلية والعصابة الرافضة اليوم لـما يزعمون أنه “حكم العسكر؟!” والانتخابات الشفافة. تحالف غريب: تحالف الذئب مع الخروف ضد الراعي. وكأن الذئب تربى، وكأن النعاج تذأبت وكأن الراعي تضبع.

رفضُ الإسلاميين، أو جزء منهم، إمَّا للمسار الدستوري وبالتالي رفض إجراء الانتخابات أو على الأقل عدم الترشح لها، أو حتى مقاطعتها، يصبّ في نفس مسعى من كانوا ينكِّلون بهم سياسيا وأمنيا بالأمس. الإسلاميون، أو جزء منهم على الأقل، يعرف أن من كانوا في قيادات الجيش من جماعة حزب فرنسا كما يسمُّونهم، لم يعودوا هم اليوم في القيادة، بل هم إما في السجون أو هاربون من 20 سنة سجنا، أو في القبور.

أما من يتَّهمونهم من رموز في النظام السابق، فرغم أن بعضهم كان في النظام، لكن لم يكن النظام كله “فردة” واحدة وصباط واحد، ولولاهم لكنتم اليوم تحت نظام العصابة كلها التي هي في السجون ولما كنا نشهد هذا التحوُّل وهذا التغيُّر المشهود. كل قيادات الجيش اليوم إما مجاهدون ولا رائحة بقيت اليوم لحزب فرنسا في الجيش، أو ضباط الأكاديميات الوطنية وخريجي المدراس العليا وأشبال الثورة. فأين المشكل في القيادة العسكرية الآن؟ هل يستوي خالد جزار مع القايد صالح؟ إنها العبثية والتفكير الضيِّق.. هل يعتقد الإسلاميون أن تخندقهم في خندق واحد وتحت فسطاطٍ واحد مع من نكلوا بهم أمس واليوم وبعد غد قد يحميهم من فوز لاحق؟ هذا حلمٌ لكابوس؟ إنهم يستقوون بالسم، ويعرفون أن القوى المعادية للإسلاميين من علمانيين مفرنسي العقل والقلب، لن يتركوهم يفوزوا ولو بحدِّ السيف. ع

لى الأقل مع القيادات العسكرية والسياسية الحالية، لن يمسَّهم أذى كما مسَّهم في التسعينيات، وأن النزيف الذي حدث في التسعينيات بسبب القلة المُهيمِنة في الجيش والجزائر العميقة كما يقال المدعَّمة من فرنسا بالأساس هي من تسبب في توقيف المسار الانتخابي والزجِّ بنخبةٍ من الشعب وجزء عريض منه في معتقلات العار وأن التنكيل الذي حدث للإسلاميين والتنكيل الذي حدث باسم بعض الإسلاميين المخترَقين أمنيا من طرف مخابرات من هم اليوم في سجن البليدة.. هذا النزيف لن يعود بعد أن تعهدت القيادة العسكرية الحالية، أنه لن تُسقط قطرة دم واحدة وتعهَّدت بحماية الشعب والمتظاهرين السلميين.. وفعلت..

يكفي هذا، لنقول إن “المؤمن لا يُلدغ من الجحر مرتين”.. فلا تُدخلوا أيديكم في جحر الأفعى.. والعقارب..

مقالات ذات صلة