-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المجان له مقابل!

عمار يزلي
  • 1040
  • 0
المجان له مقابل!

قلت للخضار وأنا لا أعرف بماذا أرد، أأضحك أم أبكي، أم أرزم قبضتي وأضربه تحت جدارة الأذن نجيبه ملوي، قلت له ورحت “أتمغزز” عليه بشاشيته الحمراء التي كان يحلسها على رأسه الأصلع الأشيب، كان يبدو لي “قارو” شاعل، وما يخص خير جبدة منه وإلا جبدة ..فيه ويعطيه.. بانت لي فيه وحد الضربة. عضضت على شفتي بما بقي من أسنان عالقة في الفك العلوي ورحت أمص الملح امتعاضا وأنا أبرد النار التي في كرشي وحرقة النار التي في قلبي: هذا ولد الحرام من الصباح وهو يصهل: باطل باطل آلمسكين.. ودروك قال لي تخلص! وشحال؟ 220 ألف؟ وأنا في جيبي 100 ألف، وكنت ناوي نرد منها النص، وباش نشري الدخان؟ والزلابية والفاكهة والخبز والقهوة ولاتاي؟ بجد أمه؟ وزيد بالزيادة يضحك علي وعلى هدرتي، أنا نهدر خير من أمك!

ولم أشعر إلا وأنا أعود للخلف وأدخل فيه برأس أقوى من رأس زيدان، حتى أنه تمنى لو دخل فيه كارو وما دخلتش أنا فيه، ورحت أصرخ فيه: والله دورو ماراك مكحل عليه دورك.. تزعق علي كيفاش نهدر؟ أنا اللي نعلمك الهدرة، لوكان جات عندي “صابة” وإلا فاس.. والله غير دروك نفطر عليك، والله نكميك. وتركته يسعفون جراحه بعدما سقط إلى الخلف في كومه صناديق للخضر، قبل أن يهوى عليه 12 صندوقا “أسود”، مملوءا بالبطاطا، حتى عاد لا يرى إلا أنفه!

أما أنا، فقد عدت محمّلا والناس يهدّئونني وأنا أخلط الحروف بعضها ببعض، حتى لم يعد أحد يفهم ماذا كنت أقول أو ماذا لا أقول!

عندما وصلت إلى البيت محملا، استقبلني أفراد (وبقرات) الدار بحفاوة بالغة.. لأول مرة منذ زمان لم أدخل بقفة وعدة ساشيات مليئة بالخضر (لو أنه كان يبيع اللحم والكبدة والحوت، مش أحسن؟ لكنت اليوم أكبر الحوثيين.. لكنت أخذت ما أخذت ويكون هو قد أخذ ما أخذه الطبل يوم العيد). لم أشأ أن أخبرهم بما حدث لي، فقد تعودت هذه الأيام أن أعود إلى البيت بزلابية وخبز مجاني بدعوى أني نسيت الفلوس في البيت، وكنت فعلا نسيتها، ولكن كانت في جيبي يوم الزلابية، لكن مع الخبز، الله غالب، كانت في جيبي قبل أن أضعها على الطاولة حين اكتشفتها مخبأة في سروالي “الدوبل” الداخلي، ولهذا، فأنا لم أكذب ولم أنصب على أحد. واليوم، الخضار، هو بنفسه كان ينادي “باطل باطل” وأنا لا أفهم غير اللغة المباشرة، فلا أعرف أن حرف “لا” يفيد “نعم” سوى في الانتخابات عندنا، عندما تنتخب بـ”لا”، يسجلونها عليك على أنها “نعم”!.

قالوا لي في البيت، بأنه لا سمك ولا لحم ولا بيض لا حليب ولا خبز.. قلت لهم: سأخرج فورا لشراء اللحم والحوت والبيض، وكانت 1000 دينار لا تزال تنام في جيبي حامية محمية.. خرجت إلى السوق الجواري، وكان الوقت يقترب من المغرب، ابتعت كل الأشياء الناقصة بمقادير صغيرة بحسب ألف دينار ورحت أغادر الحانوت. غير أني وما كدت أرمي رجلي في الطريق، حتى كانت سيارة ملعونة يسوقها شاب، تزعق عجلاتها عند رجلي، فتتشتت القفة أرضا وتمر عليها سيارة ثانية كانت تسابق الأولى.. سباقا نحو آذان المغرب، لم يبق من القفة لا لحم ولا قديد، ولا حليب ولا خبز، كلها انطحن تحت العجلات. وعدت إلى البيت على عجل وأنا أزبد وأرعد ليستقبلني الجميع: أين اللحم والبيض والحوت وال….!؟ قلت لهم: كولوا نتاع باطل.. حلال واسكتوا، أنتاع الدراهم …حرام!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!