-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المجتمع الموازي.. والهاتف المغلق

المجتمع الموازي.. والهاتف المغلق

لا يطمئِن الجزائري عند عزمه قضاء مصالحه إلا للطريق غير الرسمي، غير الاعتيادي… تقريبا في كل القطاعات، على المواطن أن يبحث عن الطريق الموازي ليصل إلى خدمة اعتيادية يُفترض أنها حق لا يحتاج فيها إلى وساطات أو توصيات من هذا أو ذاك. بل حتى عند تنقله تبدو له الطرق الجانبية والموازية أسلم وأسرع وغالبا ما تكون هي الحقيقة أو نجعل منها كذلك عنوة…

 أصبح هذا المنطق يحكم سلوكنا حتى ونحن نريد تحقيق أبسط الأعمال، حتى عندما تُتاح لنا الفرصة لقضاء مصالحنا بالطرق الاعتيادية، لا نطمئن إلا عندما نجد المدخل إلى الطرق الجانبية حتى وإن كانت أطول وأصعب وتكلفتها أعلى…

هل يوجد مريض لم يفكر في سلك الطريق غير الاعتيادي قبل أن يتوجه إلى المستشفى؟ هل يوجد بطال لم يفكر في سلك الطريق غير الاعتيادي للبحث عن شغل؟ هل يوجد طالب سكن أو صاحب مظلمة أو باحث عن تسوية مشكلة من المشكلات العالقة لديه إن في عمله أو نشاطه التجاري أو الخدمي لم يعد يفكر بهذه الطريقة الموازية بتلقائية ومن غير تردد للحظة، حتى في أبسط الخدمات التي يُفترض أن الإجراءات بها واضحة والقوانين سهلة التطبيق….؟

لقد ساد هذا المنطق بفعل سياسات غير مبررة للإدارة المركزية في جميع المستويات، وتحول في السنوات الأخيرة إلى حالة هيكلية مزمنة يصعب التخلص منها، ثم إلى فعل لا إرادي أحيانا يقوم به المواطن قبل أن يخطو الخطوة الأولى باتجاه تحقيق أي من المتطلبات التي تنتظره. وأنتج هذا شبه مجتمع مواز، إدارة موازية، تصرفات موازية، حلولا موازية، أساليب موازية لتعامل الإدارة مع المواطن والمواطن مع الإدارة. وأصبحت قواعد اللعبة معروفة، وبدل أن نتقدم نحو المجتمع الشفّاف، القوانين الواضحة، الحقوق والواجبات المحددة، بتنا نعود إلى الخلف نحو تكريس أكبر لقواعد سلوكية عفا عنها الزمن، انهارت معها بالتدريج هيبة قوانين الدولة، والإدارة المحايدة، والخدمة العمومية، والعون الذي يعامل الجميع على حد سواء..

ولولا أقلية من الإرادات المخلصة في هذا القطاع أو ذاك مازالت تُشعرك بأنك تعامل كمواطن من غير الصفة التي تحمل، ولولا وجود أطباء وأساتذة ومسؤولين ونساء ورجال مازالوا يريدون أن يبقوا إنسانيين بعد أن حطّم المحيط كل ما حولهم، لفقدنا كل الأمل بأننا سنتجه ذات يوم لقضاء مصالحنا دون أن نفكر في البحث عن هاتف صديق أو قريب في المجتمع الموازي، قد يحقق لنا الغاية وغالبا ما يرن من دون جدوى… 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • موظفة

    شكرا على هذا الطرح:
    ظننت أنني الوحيدة التي لا تؤمن بقضاء مصالحها بالمحاباة والوساطة، في مجتمع معظم أفراده، إن لم نقل مثقفيه : يعبدون آلهة وصنما جديدا أسمها المحاباة والوساطة. يكاد يندثر الإيمان بالقضاء والقدر وتعلق كل النجاحات أو الإخفاقات بمدى وجود الأشخاص الذين يقضون مآربنا، حتى و إن كانت بسيطة، الأمر الذي سهل الاتكال في كل شيء على هذه الأصنام؟ إنه شرك من نوع آخر.

  • حنصالي

    غلق الهاتف سلوك جيد قصد التركيز

    شخصيا هاتفى مغلق قبل رمضان وهذا حتى اتفرغ لمعادلة فلسفية عميقة فيها نتيجة تحس براحة صدقونى جاء هذا اثر سلوك استفزاى

    يا تخيل انت في عالم وشخص يهاتفك وين راك ..غلطت وقلتلوا رانى فالمريخ الركبة ماكاش راح نخدم لي سكال لزحل ونجى بالسطوب يحطونى حذا الكوكب تاعنا "حومتنا"

    قالى واش من ساعة تلحق

    على حساب التسوطيا الا كانت عمودية رانى نطول والا كانت شاقولية على حساب الجاذبية ما نطولش ونكون عندك

    قارعنى عند ثقب الاوزون

    تحكم التيليفون هاداك وتخبط ج

  • FODIL/25

    موضوع الساعة جد مهم اقترح عليك ان تواصل الكتابه فيه وتعطي رايك في الحلول المقترحة . ضمن الاطر التالية/
    - علاقته بالنشاط السياسي -علاقته بالجهوية - علاقته بالامية- علاقته بموروث ادارة المستعمر/ علاقته بالمنهج التربوي/ علاقته بالنشاط بالمسجد/ علاقته بالنشاط الثقافي عبر كل المستويات/ علاقته بالتشريع الاداري عبر لوائح تطبيقية دورية تشرح كيفية تطبيق المواد عبراليات فعالة يسودها الرقابة الداتية...هده المحاور لما يحصل بها التكامل والتنسيق يمكنها التحكم في الظاهرة
    مرحليا وتفادي النقائص في كل مر حلة.

  • سارة

    نشكرك أستاذ سليم على طرح هذا الموضوع الذي بات مستشر في مجتمعنا ، و لكن للأسف نحن من عودنا المستخدمين على ذلك نحن من عودناهم على الرشوة و الابتزاز و ... لان المواطن يستطيع ببساطة محاصرتهم بقوة القانون و لكن هيهات . فقد أصبحنا نتبجح بأن فلان كان واسطة لقضاء مصالحنا ، و غالبا ما تكون هذه الخدمة غير قانونية . و حتى الشرفاء يضطرون أحيانا لذلك لأنه الحل الوحيد فبدون واسطة لن تقضى مصالحهم ، فأنا مثلا لدي مشكلة عالقة مع احدى الادارات لم يلقوا بالا لمطلبي حتى تدخل معي 4 وساطات .