-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الممثل السوري زهير رمضان الشهير بـ" أبو جودت" باب الحارة لمجلة الشروق العربي

المخرجون يسندون إلي دائما الأدوار الشريرة أو السلبية

طارق معوش
  • 1742
  • 0
المخرجون يسندون إلي دائما الأدوار الشريرة أو السلبية
ح.م

جعل من شخصية “أبو جودت” رئيس المخفر في مسلسل “باب الحارة”؛ شخصية ناجحة جدا، على الرغم من كونها شخصية انتهازية وشريرة، في الوقت الذي يتمتع فيه- في الواقع- بطيبة القلب، فضلا عن كونه تخلى عن حلم أن يصبح طيارا حربيا في حياته، ليكشف في النهاية سلبيات المخفر، في المسلسل. إنه النجم السوري القدير، زهير رمضان، الذي يتميز بالجدّية في الحياة، المعروف بإنسانيته، سواء في الوسط الفني أم خارجه، وعلى رغم ذلك، أتقن أداء دور “أبو جودت” في المسلسل، رجل الأمن الذي يصعد على جماجم أهل الحارة كلها، لمجرد كونه يريد أن يحصل على منصب أو رتبة أو ترقية أو امتياز ما. هكذا صنع هذه الشخصية، ورسم ملامحها لتظهر بالشكل الذي ظهرت فيه، فهو قد يتألم ويبكي، وتنزل دموعه من أجل تحقيق مطامعه الوصولية؛ إذ يتلون كالحرباء، بحسب كل موقف وحركة، لأنّ الحياة لديه ليست بلون واحد، أسود أو أبيض، بل هناك الرمادي وألوان أخرى أيضا!
وما جعله ينجح في تجسيد الشخصية هو ابتعاده بها عن النمطية، وروح الدعابة لديه، ومن ثم تعلّق بها المشاهدون، وضحكوا على “أبو جودت”، بدلا من أن يضحكوا معه.

قدمت العديد من الأدوار التراجيدية وعرفت بها، والغريب في الأمر أنك تمزج بين التراجيدي والكوميدي، لماذا؟

المخرجون يسندون إلي دائما الأدوار الشريرة أو السلبية، وقليلا ما شاهدني الجمهور في أعمال كوميدية، رغم أن شخصيتي عموما هي أقرب إلى المرح والدعابة وروح النكتة، منها إلى الشخصيات الجادة والصارمة. ولهذا، فإنني أحاول دائما أن أضيف إلى الشخصيات السلبية والقاسية نفحات كوميدية لطيفة، وأن أترك مجالا لبسمة صغيرة عند المشاهد، كي لا تهيمن عليه سلبيات هذه الشخصيات بشكل كامل.

هل يمثل ذلك سخرية من الشر، وهل ترى أن الشرير إنسان مضحك؟

الشرير ليس إنسانا مضحكا، والشر لا يثير الضحك، وبالنتيجة، فأنا لا أضحك من الشر، لأن مجابهة الشر تحتاج إلى عمل، لكن تقديم هذه الشخصيات يجعل من حياتنا أكثر قسوة وسوداوية، لذلك أحاول دائما بشكل أو بآخر أن أخفف من وطأة هذه الشخصيات، بنفحات كوميدية. وكمثال على ذلك شخصية ”أبو جودت” في ”باب الحارة”، التي عاشها المشاهد على مدار 10 أجزاء، فأنت كمشاهد لا تحبه، لأن أفعاله ”ناقصة” ومشاكله كثيرة، لكنك في الوقت ذاته لا تكرهه، وتنتظر موقفا أو دعابة منه كي تضحك، فأنت عندئذ تضحك من الشخصية وليس من الشر، بل لعلك تحاكم الشر في الأساس، ومن خلال الطريقة التي يؤدي بها زهير رمضان، فالمسألة إذن هي تخفيف وطأة الشخصية الشريرة عن المشاهدين، خاصة أنني دائما متخوف من كره المشاهد لي بشخصية أبو جودت.

ما دام الأمر كذلك، فلماذا تقبل بأداء الشخصيات الشريرة، هل لأن حضورها الدرامي أقوى من حضور الشخصيات الإيجابية؟ أم إنها بحد ذاتها مغرية أكثر؟!

المسألة محكومة بعروض المخرجين وبموقفي منها، فالزملاء المخرجون لديهم انطباع أن زهير رمضان كشكل ووجه وملامح عامة يعبّر عن الجدية والصرامة، وعندما يسندون إليه دورا سلبيا، فإنهم يضمنون أن نصف الشخصية قد حققت حضورها وتوازنها من خلال اختياره، وبالنسبة إلي، فأنا أميل إلى هذه الشخصيات لأنها مغرية، ولأنها شخصيات مركبة، تشكل حالة تمثيل ضمن التمثيل، وشخصية مركبة ضمن شخصية مركبة، وهذا ما يجعل الفنان متحفزا، وفي حالة تحدٍّ مع نفسه عندما يتصدى للشخصية السلبية، لأنها أكثر تنوعا وغنى.

لكن، ألا تخشى الانطباعات التي يمكن أن تتركها أدوار الشر في أذهان الناس عن زهير رمضان الفنان والإنسان؟

لا.. فأنا أخاف من مسألة واحدة، وهي ألا تصل الشخصية بشكل صحيح إلى الناس، وألا تصل إليهم الفكرة التي تقدم من خلالها هذه الشخصية.

شخصية أبو جودت خلقت النفحة الكوميدية انطباعا بالسخرية والضحك منها

سابقة، فما الذي دفعك إلى ذلك؟

أنا قدمت شخصية الزعيم بمسلسل كرسي الزعيم، بواقعيتها وحقيقتها، ورغم أنها شخصية إشكالية، فأنا لا أوافق على تقديمها بصورة كاريكاتورية مهزوزة، فاقعة بتصرفاتها وردود أفعالها. لذا، فقد رأيتها بصورة أخرى، ليس من خلال النص المكتوب أو من وجهة نظر المخرج، وإنما من خلال دراسة شخصية الزعيم بحد ذاتها.

في مسلسل ”باب الحارة”، كسرت النمطية التي تقدم بها شخصية رئيس المخفر، فكيف تعاملت مع الشخصية لتقدمها بصورة مختلفة أيضا؟

لو أنني قدمت شخصية رئيس المخفر النمطية، كما قدمت في الدراما التلفزيونية سابقا، لما تركت أي انطباع، لذلك قدمتها بطريقة تركت تساؤلاً ما، بعد أن دخلت إلى تفاصيل صغيرة جدا، ومنحت الشخصية نفحة كوميدية.

لكن الشخصية غير كوميدية!

إنها غير كوميدية إطلاقا، كما ذكرت لك في بداية لقائنا، بل هي شخصية جادة وصارمة في كل مواقفها، ومن هنا، فقد خلقت النفحة الكوميدية انطباعا بالسخرية والضحك منها!

هل ترى أنه بإمكان شخصية سورية أخرى تجسيد دور أبو جودت بباب الحارة على مدار 10 سنوات؟

ممكن جدا، ولكن، كانت ستقدم بنكهة مختلفة.

في مسلسل ”ضيعة ضايعة”، تألقت أنت وباسم ياخور ونضال سيجري، ورغم مرور سنوات على تقديمك للعمل، إلا أنه يعتبر من أقوى أعمالك، فما هو سر هذه الجماهيرية التي حصدها المسلسل رغم بساطة الإنتاج؟

تألق مع هؤلاء الثلاثة أيضا المخرج الليث حجو، وأنا أعتقد أن وراء كل عمل ناجح ثالوثا، يبدأ بالمخرج ثم الممثلين ثم النص. وفي ”ضيعة ضايعة”، اختار الليث بعناية شديدة مجموعة الممثلين، واهتم كثيرا بتفاصيل البيئة، وطوع النص ليناسبها، ونحن كممثلين أخذنا فكرة الكاتب وشخصياته، وطورناها من خلال إدارة مخرج متميز، فجاء العمل ناجحا ومتميزا، وحقق هذه الجماهيرية التي استدعت إعادة عرضه مجددا على القنوات الفضائية.

أصالة ليست فنانة.. وقرار رجوعها إلى سوريا ليس بيدي

الكثير من الفنانين ضد القرارات التي أصدرتها من نقابة الفنانين وتشطيبهم نهائيا من النقابة ومنهم من يتهمك بأنك محسوب على النظام؟

أنا لست مع هذا أو ذاك، أنا إنسان مستقل وبعيد عن السياسة، وليس لي علاقة بالحكومة أو المعارضة، بل أحب حياتي وفني وأسرتي وأقاربي وإخواني، لأن السياسة لا تطعم ولا تسقي، بل تعود أحيانا على من يتعاطون بها بالدمار والضياع وفقدان الرجولة والإهانة..

وماذا عن القرارات؟

لا جواب عن سؤالك، لأنه يدخل في سرية عملي كنقيب الفنانين بسوريا..

وماذا عن وضعية الفنانة أصالة نصري؟

أصالة غير مسجلة، وعلى هذا الأساس، النقابة لا تعترف بها كفنانة، وقرار السماح بعودتها إلى سوريا ليس بيدي، وذلك لأنها كانت مناهضة للحكومة في سوريا خلال اندلاع الأحداث. الأمر الذي أدى إلى فصلها هي وعدد من الفنانين من النقابة، وإحالتهم إلى مجلس تأديب النقابة.

تشهد الساحة الفنية السورية كما متزايدا من الوجوه الجديدة. كيف ترى هذه الظاهرة؟

بكل تأكيد، إنه أمر إيجابي، في سورية، هناك معهد دراما يخرج سنويا 15- 20 طالبا وطالبة.. وبالتأكيد، سيكون في كل تجربة وجوه جديدة، تغني الساحة وتثري الحركة الفنية، ولولا وجود هذا المعهد ما كانت الساحة الفنية السورية تعيش هذه الطفرة من الدراما. فمثلا، أنتجت سوريا على ضوء ذلك 30 عملا تلفزيونيا، بفضل هذه العناصر الفعالة.

كنقيب للفنانين بسوريا، هل تتابع تجارب الجيل الجديد؟

من غير شك، وبكل تفاصيلها.

هل من أسماء تستوقفك؟

نعم ثمة أسماء تجربتهم مؤثرة ومثيرة، ولكن، لا تنتظر مني ذكر أحد منهم، فالقائمة طويلة.

هل الفن مصدر رزق للفنانين المخضرمين خاصة؟

للفنان الحقيقي نعم.. ولكن، عليه أن يكون حكيما بإدارة حياته، في ظل الظروف الحالية الصعبة.

من يضحك الفنان زهير رمضان؟

ثمة أعمال كثيرة جديرة بالاحترام، مثل بقعة ضوء، وضيعة ضايعة، ومرايا.. كما يضحكني الموقف الذي ينبني للوصول إلى حالة مضحكة غير مفتعلة، بمعنى، الضحك أسير الموقف.

الممثل الناجح هو الفنان القلق الذي لا يستكين لنجاح

برأيك، من هو الممثل الناجح؟

الممثل الناجح، هو الفنان القلق الذي لا يستكين لنجاح، ولكن يظل لديه هاجس البحث عن تقديم الأفضل والأجود والأكثر فائدة.

هل لتخطي الرجل سن الأربعين قيمة أخرى في حياته؟

مع تخطي السنين، سواء بحياة الرجل أم المرأة، فإنه يكتسب خبرة كبيرة لها علاقة بتفاصيل الحياة والسلوك والتعاطي مع الناس.. فيصبح الإنسان مخضرما، بعلاقاته وخبرته وتعاطيه مع الناس، بسبب التراكم المعرفي المتعلق بالاحتكاك مع الآخرين، وزيادة اطلاعه على السينما والمسرح والأدب والثقافة. ولكن، من الممكن أن زيادة هذه الخبرة قد تمنعه من الاستمتاع بحياته، أو إنه يكتشف مفاتيح الحياة بشكل أجمل وأوضح، من خلال هذه المعرفة..

أجمل ما سيظل خالدا في ذهنك؟

أجمل ما سيظل خالدا في ذهني، سعادتي في أول جائزة فنية تحصلت عليها كممثل في مهرجان الإذاعة والتلفزيون الأول، عام 2007، في عمان الأردن، عن دوري في باب الحارة، بعدها جائزة أحسن دور أيضا، بنفس العمل بالولايات المتحدة الأمريكية.

أشياء ندمت عليها؟

كثيرا.. لا أحب أن أتذكرها.

بم يعترف لنا زهير رمضان في آخر اللقاء؟

 إيه.. شوهو، انا مجرم مشان اعترف عن شي..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!