-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المدرسة!

المدرسة!

يرى المتفائلون بما ستفرزه الانتخابات التشريعية الأولى في عهد ما بعد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وبعد عقدين من الضبابية والضياع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، بأنها ستكون مدرسة، لأجل تكوين طبقة سياسية جديدة مُشكَّلة من مجموعة من الشباب والنُخب، بعيدا عن أبوّة بعض الأحزاب التي حادت عن طريقها والتصقت بها صفة العراقة والموالاة، حتى صارت سلطة قائمة بذاتها، وهي في الأصل تشكيلاتٌ متنافسة، فاستسهلت العمل السياسي، وحوّلته إلى تقرُّب من الرئيس في بداية عهدته الأولى، ومن حاشيته في نهاية عهدتيه الثالثة والرابعة، من دون أدنى اجتهاد وبذل ولا حتى تفكير، إلى أن بلغنا درجة من التعفُّن تحوّلت فيها المناصب العليا وعلى رأسها مقعد المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة إلى سلعة تباع بالمزاد العلني لمن يدفع وينبطح أكثر، ويستشرف هذا الفريقُ من المتفائلين عهدا جديدا سيعجن الوافدين الجدد على قبة البرلمان بتوابل مختلفة عن التركيبة المنتهية الصلاحية السابقة، ويضعنا أمام جيل جديد فيه حماس الشباب والسعي إلى التغيير وكسب ودِّ الناس، على السلطة أن تمنحه فرص التعلُّم ومواجهة الصعاب، خاصة وأن الغالبية إن لم نقل جميعهم، سيكونون من الذين لم يتذوقوا طعم “القيادة” في حياتهم، ومنهم من مازال “يتمرّغ” في العشرينيات من العمر حيث يفعل الطيش بصاحبه الأفاعيل.

وتشمل فرص التعلم حمايتهم من الخطأ من خلال التركيز على الواجبات بدقة، وتحذيرهم من تحويل المنصب البرلماني إلى تشريف، يهتم فيه صاحبه بما سيحصل عليه من امتيازات، ويجعله بقوة الحصانة بعيدا عن عين المتابعة، خاصة وأن غالبيتهم أحرار لا يتبعون لأي تشكيل سياسي يراقبهم، وكلمة أحرار قد يكون لها مفهوم “الحر الطليق” لدى بعضهم، فيعيشون لأجل أنفسهم وأهلهم لعدة سنوات، وفي مخيلتهم ما جناه من مرّوا قبلهم على هذا المجمّع التشريعي الذي لم يُشرِّع إطلاقا، فكان أسوء هيئة في البلاد والأكثر عرضة للانتقاد، إذ قدَّم للبلاد نماذجَ من رجال ونساء لم تكن لهم من مهمة سوى تسخين المقاعد في الجلسات التصويتية التي ظلت تتبع السلطة، حتى ولو دخلت إلى جُحر ضبٍّ، وقد دخلته فعلا.

صحيحٌ أن الحياة مدرسة للتعلُّم حتى ولو بلغ الإنسان أرذل العمر، وأوتي من العلم كثيرا، وصحيحٌ أن رؤساء الدول على مرّ الزمن، يتمرسون في كل يوم يخوضون فيه المعترك السياسي فما بالك بالنواب في مختلف المجالس، لكن الشعب أيضا ليس مستعدا لأنْ ينتظر سنوات عديدة أخرى، حتى يتعلم هؤلاء المتمدرسون، وغير مستعدٍّ لمتابعة مشاهد من “مدرسة المشاغبين” فقد ملّ من فصولها، أو ينتظر تخرُّجهم من المدرسة بعد زمن طويل، لأن المشاكل التي أفرزتها السنوات الماضية مستعجل حلها، ولا بدّ أن لا تطول رحلة التمدرس وألا تترك الدولة هذه المدرسة بتلامذتها الجدد بعيدا عن العين وعن القلب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • لزهر

    إستعملت بعض الدول سلاح جديد لمواجهة خطر التكنولوجيا الرقمية بربط المدارس الأبتدائية بكل ما يتعلق بالرقمنة و المنشأت الرياضية للحد من خطرها لأنها ترى في ذالك المخرج الوحيد سالمين و وضع الجيل الجديد على قواعد صحيحة يستعملها في صالحه عوض الأنقلاب على دولته و قد بدأت رواندا بتحديث برامج إبتداءاً من سن السادسة.