الرأي

المدّاحون وكيف استقبلوا الاحتلال الفرنسي وبخاصة ببلاد القبائل

عثمان سعدي
  • 13631
  • 26

المداحون هم الشعراء الزجالون الشعبيون الذين يجتمعون في الساحات وحولهم الناس يرددون قصائد شعبية. استقبل سكان مدينة الجزائر بحزن جيش الاحتلال الفرنسي سنة 1830 ، وحمل الكثير منهم أمتعتهم وغادروها نحو قسنطينة رافضين الإقامة تحت حكم النصارى. وعبر المداحون عن هذا الحزن في قصائد كانت تغنى في الساحات ورد في بعضها:

سقطت سلطانة المدن                   ودخلها النصارى

ونشروا فيها حكم الكفرة              سلطانة المدن أي مدينة الجزائر

 وبعد ثورة المقراني سنة 1871 تحكم الكولون في البلاد، وألغيت المكاتب العربية بالجيش التي كانت تحد من غلوائهم. ويكتب المؤرخ ش. أ. جوليان: “إن هزيمة هذه الثورة قد أحسها بعمق القبايل، فبالرغم من حل [الجماعة]، أي المجالس القروية القديمة، والمراقبة الصارمة للتي تأسست بعد الثورة، فقد بقي التنظيم التقليدي لبلاد القبائل يعمل سريا يقاوم سياسة الفرْنسة..”. هذا هو حال القبائل الرائع في ذلك الوقت، وكيف واجهوا الفرنسيين والفرْنسة كما يذكر هذا المؤرخ الفرنسي.               

ويكتب الدكتور فيتال Docteur A.Vital  في مراسلة له: “سنستمع في الربيع المقبل، في سبتمر 1871 ، إلى [باروش وجيريمي] الإسلام، أي إلى [المدّاحين] ، يغنون في شوارعنا آلام التشتت. وستستمر هذه الذكرى تُـردد ضدنا مائة سنة مستقبلا”. 

   وبالفعل وكما توقع الدكتور فيتال فقد انطلق المداحون في شوارع قرى ومدن الجزائر وبخاصة في بلاد القبائل، يغنون الأحزان والآلام التي نجمت عن سياسة القهر والقمع التي مارستها القوة الاستعمارية بعد فشل ثورة المقراني والشيخ الحداد. ومن بين هذه القصائد المدّاحية:

 في أربعة أشهر خمدت النار    فُـكت سائر الروابط

حتى القوية منها                    تعرف الجميع على عار الهزيمة

                                      *    *    *

 نزلت علينا الضرائب بضربات متتالية          كل مرة ثلاثون أوقية على الرأس

  أحضرها أو دبر راسك                                باع الناس أشجارهم المثمرة

  حتى الملابس بيعت                                 كان عصرٌ مرعبا

                                    *  *   *

 الأرض الخصبة                       بيعت بأبخس الأثمان

مالكها لن يراها أبدا                  صار لا يملك حتى شاة

إنه بائس ويعاني الجوع          هي إرادة الله..  فلنخضع لها

   ويقول المدّاحون عن الشيخ حداد شيخ الزاوية الرحمانية قائد الثورة المقرانية:

 رأيت الشيخ حداد ، هو عالم كامل              يحمل المعجزات والمواهب الخارقة

أروي لكم كيف سقط بالمعارك خلق كثير       وأخيرا استسلم الشيخ حداد… فانهار الجبل

مقالات ذات صلة