جواهر
مدونات

المرأة ماذا تريد؟

سناء الشعلان
  • 3646
  • 12
ح.م

المرأة تريد أن تعامل على أنّها إنسان من الدّرجة الأولى، جنسه أنثى، على أن ترُاعى إنسانيتها وأنوثتها وحاجاتها ومداركها وقدراتها وظروفها ورغباتها، المرأة تريد باختصار أن تتبوّأ المكان الكريم الذي  وهبه الله لها في محاذة الرجل ومعه، لا أن تكون جارية له، أو تابعة له،أو منقوصة الحقوق بسبب جنسها، ولا أن  تكون عضواً  قاصراً وسلبياً، لا تتحقّق إنسانيته إلاّ عبر عباءة الرّجل، المرأة تريد أن تستعيد دورها الإنساني والحضاري الطبيعي، لتكون صنو الرجل وشريكه الحقيقي والوحيد في قيادة الإنسانية نحو مدارج الحضارة والرّقي والسّلام.

فالمرأة عبر التاريخ الإنساني الطّويل هي أكثر من تعرّض للاضطهاد والظّلم  والقهر والكبت، وغدا من الصّعب أنّ نؤّرخ لتاريخ المرأة دون أن نسّطر تاريخاً مخزياً من ظلمها واضطهادها وتشيئها وتبخيسها وتقزيمها، ويبدو أنّ هذه الجريمة قد تكالبت عليها كثيراً من المعطيات والظّروف، حتى كانت المرأة بضعفها وخنوعها واستلابها وانهزامها عاملاً من عوامل اضطهادها، وإن لم تكن أبداً العامل المهم والحيوي، فالظروف الاقتصادية والأنظمة الاجتماعية والأشكال الدينية والمعطيات السياسية والجغرافية والحضارية كلّها ساهمت بشكلٍ أو بآخر في الهبوط بالمرأة دون مرتبة الرجل ومكانته، وعملت على حرمانها من الكثير من حقوقها بل من جلّها في كثير من الأوقات العصيبة.

والاضطهاد للمرأة ليس تهمة جنسويّة تشير بأصابع الاتهام إلى الرّجل في كلّ زمان ومكان، بل هي جريمة لطالما اقترفها الرّجل ليس بحكم جنسه بالضّرورة، بل بحكم الامتيازات التي أعطيت له مكافأة على ذكرته!!! ولذلك لا نعدم أنّ نجد الرّجل في كلّ زمان ومكان يقف إلى جانب المرأة، ويدعو إلى تحريرها، وردّ كافة حقوقها إليها، بقدر ما نجد في المقابل نساء مستلبات يساهمن بحمق عجيب في جريمة اضطهاد المرأة، وحرمانها من حقوقها، بل ومن إنسانيتها في كثير من الأحيان.

والمفارقة العجيبة تكمن في أنّ الرّجل على عكس ما يظّن النّاس لم يستوف وافر حقوقه كما يُعتقد، فلا يزال الرّجل في هذا العالم يعاني من الاضطهاد هو الآخر لأسباب عرقية وسياسية ودينية وجغرافية وتاريخية وأثينية كثيرة، يكاد المقام يضيق بذكرها.

والمرأة إن أدركت هذه الأزمة، وعليها أن تفعل، فهي بكلّ بساطة تقّر للرّجل، وهو شريكها وصنوها ورفيق إنسانيتها، بما تقرّ به لنفسها من حقوق، فكلاهما يستحقّ ويحتاج إلى الحرية والمساواة والسّعادة والفرص المتكافئة  والسّلام والحبّ والتقدير.

والإسلام هو منارة الحرّية الحقيقيّة للمرأ فضلاً عن الرّجل، فمن أن يتدبّر حقوق المرأة في الإسلام، ويتعرّف عليها عبر الإسلام نفسه لا عبر آراء المفترين كي يرى أيّة حقوق وأيّ رقيّ قد وهب الإسلام المرأة، الحقيقة يجب أن يكون السّؤال: هل ستتمكّن الإنسانية في يوم من  أن تهب المرأة حقوقها كما وهبها الإسلام حقوقها؟

والجواب يبقى بالتأكيد رهين الوقائع والمعطيات، ويبقى الإسلام هو الأرض الرحبة والعادلة التي تعطي المرأة كلّ الحقوق التي عليها أن تطالب بها بكلّ قوة وشجاعة، لا أن تبحث عنها بغباء رعناء في أرض الغرباء وديانات الآخرين ودساتير الأعداء

والكثير من ويلات العالم وتحطّم بنيانه ما هي إلاّ بسبب الرّجل الشيطان السّلطوي الذي استبدل أسر المرأة واستعبادها بآخر، لا يقلّ عن الأوّل قسوة وانتهاكاً، بل فاقه في كثير من الشرور؟ والمرأة هنا دون غيرها المعوّل عليها في أن ترفض هذه الأشكال من التسليع والتبخيس والتشيء والتعهير، الذي هبطتْ بها لتكون لحماً فاسداً أو جسداً عارياً يوضع على السّلع الاستهلاكية الرّخيصة الكاسدة لترويجها.

مقالات ذات صلة